هل زال مفعول القبلة السحرية بين سلمان وترامب؟
نيسان ـ نشر في 2018/01/10 الساعة 00:00
لقد أخزانا آل سعود، كما دومًا فعلوا. هم إذ كانوا قد وجهوا ضربة قاضية لمشروعيتهم الدينية الإسلامية، التي تعتبر مشوهة ومتعصبة ومتطرفة في أساسها المشكوك فيه أصلاً. هل هكذا استقبل الفاتحون المسلمون كسرى الفرس أو قيصر الروم في يومٍ من الأيام؟ على أي مذهب استندوا وإلى أي آية قرآنية إحتكموا في تبريراتهم للإحتفاء المبالغ فيه لترامب، وكأنه أحد آلهة الإغريق وقد هبط في أرض الجزيرة العربية ( أو هكذا كان اسمها قبل أن يسعودونها).
الإحتفاء والإحتفال المبالغ فيه والذي أظهر ركاكة وضعف المملكة العربية السعودية وهزالة حجمها العربي، فما بالك بوزنها (الخفيف خفة الريشة) على الصعيدين الإقليمي والدولي. الحقيقة هي مزرية خاصة عندما قام خادم الحرمين الشرفين بالتباكي بشأن الدولة الفارسية وتعدياتها وتدخلاتها في الشؤون العربية. نقول له: 'صح النوم' و'هنيئًا لكم'، فقد كرستم حالة الإنشقاق بين شقي العالم الإسلامي؛ السني والشيعي، على مدار عصور في مقابل الخدمات الدؤوبة التي قدمتموها للأمريكان الجشعين، سارقي الأموال ليست السعودية بل العربية، والتي كانت من الممكن أن تنهض بالأمة العربية وسبل تطورها. لكن عوضًا عن ذلك، اخترقتم الصف الإسلامي وزدتم في تقسيمه، من خلال الأيديولوجيات الجهادية، التي طالما كرستموها في خدمة شيء ما، ينصب بشكلٍ أو بآخر في مصلحة الإسلام، بحسب فتواكم المغرضة، والتي تأتي على هواكم.
وفيما يشكو العالم من التطرّف الإسلامي والإرهاب، فقد كان أل سعود هم من قدموا الأرواح العربية قرابينًا للعمليات الجهادية. وبذلك يكونون قد تاجروا بأرواح شبابنا. أوليس هؤلاء بأبنائنا، الذين تم استقطابهم باتجاه التطرّف والإرهاب؟ لم لا ندافع عنهم الآن؟ لماذا الحل يجب أن يكون الموت الزؤام؟ من المسؤول عن تصنيع وفبركة الإرهاب؟ هذا هو السؤال الكبير. لماذا توفر الولايات المتحدة الغطاء الجوي لمناورات داعش في العراق؟ لقد ظهر تورط دول أوروبية ألى جانب أمريكا في تمويل وحضانة الإرهاب. يعني هذه مسرحية أخرى تلعبها الدول الكبرى بتواطؤ مع دول شديدة التخلف مثل السعودية. وقد صدق ترامب عندما قال في فيديو له ظهر قبيل زيارته للسعودية إنهم (أي السعودية) لا يملكون سوى المال موضحًا أنه ذاهب إلى السعودية حتى 'يشطبها' كما نقول بالعامية، أي تقريبًا يُفْلِسُها ويرحل.
التفكير السعودي شديد البساطة ظن خطأً أن السخاء السعودي سيبعد عنه شبح العدوان الأمريكي، الذي في أجندته إسقاط دولة عربية تلو أخرى. هل من المعقول أن لا يفهم آل السعود أغراض زيارة ترامب، الذي قالها بكل وقاحة على الملأ، بأنه ما كانت لتقوم للسعودية قائمة لولا أمريكا. هل يعتبر هذا مزيدًا من الفضح أم الكشف لزعزعة استقرار نظام آل سعود، الديني المتشدد. هل الصفقات التي بلغت نحو النصف تريليون دولار وغيرها من الإمتيازات لصالح الولايات المتحدة هي بمثابة الرشوة، التي دفعها الملك سلمان ورجله فوق رأسه، كما فعل على مدار عقود طويلة منذ لحظة التوقيع على استخراج الشركات الأمريكية للنفط. لقد رددها ترامب، الذي لا يقل عهرًا، صراحة بأنه ليس عندهم أي شيء سوى المال. ودلالة هذا أن السعوديين ليس عندهم ثقافة ولا فكر ولا فن ولا أي شيء يحترموا عليه. بل إن المغزى يسترسل بعدم وجود عقل ولا أخلاق. ترامب عنده حق أن يتكلم هكذا لأن السعوديين وأموالهم لم تنشر سوى رسالة العهر والعهر السياسي الذي يتجلى واضحًا شيئًا فشيئًا. وبعد شهور من زيارة ترامب المباركة، يصحو سلمان من قبلة ترامب السحرية ليجد نفسه وحيدًا في البيداء يقاتل أبناء جلدته من المسلمين، الذين سينزعون عنه شرعيته بالكامل لأن الإسلام الذي يحمله بين يديه ويبرر حكمه قد سقط سقوطًا ذريعًا.
نيسان ـ نشر في 2018/01/10 الساعة 00:00