شيء من الإنسانية

يوسف الريماوي
نيسان ـ نشر في 2018/02/07 الساعة 00:00
شيء من الانسانية بقلم : يوسف الريماوي تصطدمُ بكتِفِكَ سيدةٌ خَمسينِيّةٌ وأنتَ تُحاولُ الدُّخولَ إلى القِطار، فتعبسُ في وجهِها وتقولُ في نفسِك: يا لوقاحتِها! دونَ أنْ تعرفَ أنّها شاردَةُ الذّهنِ مُعظمَ الوقتِ مُنذُ فَقدَتْ عملَها قبلَ أيام.. - يأتي دورُكَ في البريد خلفَ رجلٍ مُريبِ الشّكلِ، فَتَتلكّأ ليأخذَ غيرُكَ مكانَك وتبتعدَ عنهُ، دونَ أن تعرفَ أنّهُ يصارعُ الإدمانَ على الكحول- ينتصرُ حيناً ويُهزمُ أحيانا.. - يجلسُ أمامَكَ في الحديقةِ مراهقٌ رثُّ الثّيابِ والمَظهرِ فتتضايقُ من منظرِهِ وتغيّرُ مكانَكَ، دونَ أن تعرفَ أنّ زوجَ أمِّهِ طَرَدَهُ من بَيتِهِ قبلَ يَومينِ وهو الآنَ بلا مأوى.. - تنسى النادلةُ أنّكَ طلبتَ الباستا بالكريما وليس بصلصةِ الطّماطِم، فَتُوبّخُها. تصمتُ هي وتعتذرُ مِنكَ، دونَ أن تَعرفَ أنتَ أنّها قلقةٌ على أبيها الذي يرقُدُ في المُستشفى في بلادِها البعيدة.. - ترى جارَك العجوزَ عندَ باب بيتهِ في الصّباح، فتتسلّلُ بسرعةٍ إلى سيارتِكَ لتتهرَّبَ من دردشاتِهِ الجانِبيَّةِ معك، دون أن تعرفَ ألّا أبناءَ ولا أصدقاءَ يزورونَه، وأنَّهُ مُشتاقٌ للأحاديثِ الصّغيرةِ- ليس أكثر.. هُناك، حيث لا تَعرفُ ولا تَرى، يَكمُنُ الجانبُ الأكبرُ من الحقِيقة، فلا تغامرْ بالحُكمِ على المَظاهر..
    نيسان ـ نشر في 2018/02/07 الساعة 00:00