أسئلة ٌ في أحوال الكتابة وعناوينها !
نيسان ـ نشر في 2018/02/08 الساعة 00:00
ماجد شاهين
( 1 )
و كما يحدث :
هكذا ، مثل الآخرين ، نكتب ُ عن الفرح ِ و عن الحزن ِ و نعيش حياتنا كما ينبغي للعيش أن يكون أو كما نستطيع .
لنا في بيوتنا أسرارنا و لنا عثراتنا و لنا صبرنا ولنا شح ّ الوقت و ضيقه و لنا اتّساع مداه و لنا أن نغضب و نتصايح و نتلاوم .
و لنا أن لا نجد ماء أو ملحا ً ،
و قد نجد روحا ً في خبز ٍ قليل ٍ ، هذه الروح ترد ّ الروحَ إلى الدنيا !
لنا في الشارع والحارات والأسواق الكثير من احتياجاتنا ، نحوز منها ما نستطيع و نرجع خائبين عن كثير منها .
لنا في المقاهي و الدكاكين والملاعب و التلال و الماء ، الكثير من الشجن و الانتظار ، و لنا هناك فيها صور وأشكال وفاكهة تُستطاب وقد لا ننالها !
نفرح ونغنّي حيث يليق بنا الأمر ، و نحزن و نبكي لقهرنا و تعبنا .
..
مثل الآخرين ولا نفارقهم :
لنا أوجاع لا تنمحي أو أنها لازمتنا منذ أوّل الصوت ،
لنا أرديتنا و أسمالنا و أباريق وضوئنا و ركوات البن ّ ،
لنا عتبات ُ بيوت ٍ و شبابيك قليلة و شجر في الجوار ،
لنا برد ٌ في الشتاء و مدافيء و كاز قليل و خبز أقل ّ ،
و لنا في الصيف نهارات واسعة !
..
مثل الناس جميعا ً ،
لنا حزن هنا و فرح هناك
راحلون هنا و قادمون إلى الدنيا هناك
لنا محزونون يترقبّون
و لنا آخرون يبتهجون في مدارج الدنيا وعتباتها !
..
لأن ّ ذلك كلّه لنا :
نكتت ُ عن أحوالنا في المسرّة ِ و الوجوم ،
نكتب عن ولد فقد قطعة حلواه الوحيدة ،
و عن أم فقدت رصيفها و فاكهة حياتها ،
و عن آخرين ينتظرون أياما ً كثيرة َ الماء ِ و القمح ِ !
..
لأننا أبناء الحياة و نسعى إليها ما استطعنا إلى الأمر سبيلا ً ، نكتب عن الحياة :
لنا الآن حزن ٌ كثير ٌ
لنا فرح ٌ أقل ّ !
( 2 )
الأمر ُ لا يخلو من ' محاولة لقول ما لم نقله في ما فات ' .. أنا لم أكن بمفردي صانعا ً للحكاية ، وقد أكون صنعت سطرا ً فيها ، أيّ حكاية .. ولكنّ الحكايات لا ينضج ثمرها من دون أن أترك فيها أثرا ً ، كأن أكون تركت سطرا ً أو حرفا ً أو ضحكة أو صورة على الهامش أو جملة مفيدة في المتن !
ربّما أكون سقيت جذرها أو بذرتها من دلو ٍ كنت أملأ الماء فيه لكي يتوضأ أبي !
..
الحكايات لها صانعوها ، لكنّني لا تكتمل حكاياتهم من دون بهجتي أو حزني أو ذاكرتي أو حتى وجعي !
لا أوزّع الوجع في الأرجاء ، لكنّي حينما تكون الدهشة أكون ، ولو من وراء سؤال ٍ أو وراء مبتدأ .
..
الأمر لا يخلو من ' حرف آن له أن يخرج من صندوق الكلام ' !
الأمر لا يخلو من دهشة وإن ْ بدت الأوقات كالحة .
وهل يلزم الحرف في غير الأوقات الكالحة ؟
( 3 )
يكتبون ولا نعرف من أين ينهلون ،
عن ' سقف السيل والجورة ' يكتبون و يملؤون الدفاتر والفضاء وصفا ً و زخرفة ً ، ولم يكونوا من قبل مرّوا من هناك ولم تكن أقدامهم أخذتهم إلى أطراف المكان أو عمقه !
عن ' سمكري ّ وإسكافي ّ و بائع جوارب و بائع ترمس في عربة ' في شارع قليل أو في سوق عتيقة ، يكتبون ، و لم يكونوا عرفوا من قبل ' البوابير ' والمدافيء التي تعمل بالكاز ولا الأحذية المهترئة ولم يكن للترمس مذاق أو طعم في أفواههم .
عن ' بيوت الزينكو والصفيح ' يكتبون ، ولم يكونوا رأوا أو عرفوا بيت صفيح أو حتى لون الزينكو .
..
عن أشياء عديدة يكتبون ، و حتى عن ' طحين المؤن ' ، و لم يكونوا عرفوا من قبل طوابير الانتظار وألوان أكياس الطحين والكلمات المدموغة عليها .
..
الكتابة بالتخيّل لا تنفع لوحدها من دون تجربة .
فكيف يكتب أحدهم عن ' الدالية ' ولم يكن تفيّأ ظلّها من قبل أو لم يكن أكل من ' حصرمها ' أو عنبها ؟
نيسان ـ نشر في 2018/02/08 الساعة 00:00