غياب برسم السؤال

محمد جميل خضر
نيسان ـ نشر في 2018/03/01 الساعة 00:00
محمد جميل خضر غير مستفيد من دروس التاريخ، يغيب المكوّن الفلسطيني مرّة أخرى عن الحراك الأردني المتمسك بمطالب تغيير النهج والحكومة ومجلس النواب، وما تبعه من مطالب آنية تفصيلية مثل الإفراج عن معتقلي الرأي. السؤال المباشر: لمصلحة من يغيب أبناء المخيمات واللجوء، وصولاً إلى المنصهرين في تجمعات سكانية مختلطة، عن حراك وطنيٍّ سلميٍّ مطلبيٍّ معيشيٍّ بامتياز؟ القراءة تقودنا إلى غير احتمال ممكن: هل يحققون رغبة العقل الباطن لكلا المكونين، وهي المتعلقة عند أبناء السلط والكرك وذيبان ولاحقاً المفرق وبعض مدن الشمال وغيرها: (لو تكرمتم صفّوا على اليمين شوي لنصفّي حساباتنا نحن وحكوماتنا ونهجها المضر بأمن الوطن واقتصاده ولقمة عيش أبنائه، ثم نخوض نحن وأنتم بتداعيات حراكنا ونرى كيف يمكن أن نشرككم بمخرجاته وخيراته إن حصد بعض هذه الخيرات)؟ أم لعلها رغبة المكوّن نفسه أن لا يتحوّل إلى كبش فداء وسط معمعان الحراك، فترى فيه بعض الجهات الأمنية حلقةً أضعف، تضربه لتخيف غيره؟ أم هي استشارة خارجية وصلت على طبق من إشارات ومؤشرات؟ أم الخوف من المجهول، وسط ارتفاع مؤشرات إشاعة صفقة العصر والقرن والتسويات الـ(بايتة) تحت الطاولة، والتداخلات الشائكة فلسطينياً، مع ضربة ترامب الصاعقة، وانخفاض إيقاع مواجهتها والاعتصام ضدها، ودخول العمل الرسمي لمواجهتها في مرحلة الهمس الخافت، بعيداً عن ردود الأيام الأولى الصاخبة والغاضبة، والزيارت الملكية الشجاعة لغير عاصمة عربية وإقليمية؟ وهل يمكن إدراج ما تقدم جميعه، كأسباب وعناوين لغياب الدور الفاعل لمكوّنٍ ينتشر على مختلف الجغرافيا الوطنية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً؟ وهل نَفَس المحاصصة الذي ساد بعض الحراك عند مناطق بعينها، هو الذي لجم صوت المكوّن الفلسطينيّ، كونها (أي تلك المحاصصة)، مما تعوّد أنه غائب عنه وغير معنيٍّ به، باستثناء طبعاً، تلك الحصة النيابية، وحقيبة منسية هنا أو غافلة عن عيون الناس هناك؟؟ على كل حال الصوت النيابيّ الآتي من المخيمات وما حولها لم يكن مهادناً وغلب عليه الحجب بما لا يقارن بمنح الثقة (مصطفى ياغي وخليل عطية وإبراهيم أبو السيد وعبد المحسيري وموسى هنطش وخالد رمضان وغيرهم)، رغم طرافة التوزيع أحياناً: نائب يحجب الثقة وشقيقه يمنحها (آل عطية، خليل وخميس)، ورغم منحها من قبل نواب تعاني مناطق التصويت لهم ما تعانيه من تهميش وقلة ذات يد (عمر قراقيش نموذجاً ونواب وادي الأردن على وجه العموم). السؤال للتكرار، فالتكرار يعلم الشطّار: لمصلحة من يغيب المكوّن الفلسطيني عن حراك جمعيٍّ جماعيٍّ يعنى بالوطن كله ويتطلع لتغيير جذري في نهج السياسة المحلية وأساليب إدارتها شؤون الوطن والمواطنين. حراكٌ يريد أن يواجه الفساد، ربما بما لم يفعله من قبل، أي بشكلٍ حاسمٍ وصارمٍ وواضحٍ ونهائيّ؟ غياب برسم السؤال.. ما يدفعنا لطرح هذا السؤال دون هوادة.
    نيسان ـ نشر في 2018/03/01 الساعة 00:00