وداعاً أيقونة عمّان
نيسان ـ نشر في 2018/03/04 الساعة 00:00
لو كنت أعلم أن لقاءنا بك أنا ورقية ومارييت ودورنتين وحفيدي آدم، هو آخر لقاء يجمعنا.. لو مرّتْ هذه المعلومة الفجيعة مجرّد خاطر في خيالي.. لقلت لك قبل أن ترحل: إنك من أطيب الناس الذين تعاملتُ معهم.. إنك أيقونة عمّان وحارس معرفتها الأمين.. صديق البسطاء والأبناء الشرعيين لقاع المدينة.. لقلت لك إن مبادلة الكتب مع أصحاب الدخل المحدود وفكرة الاستعارة التي بدأتها في أزقة الوحدات وعلى امتداد شوارع عمّان وحاراتها، هي فكرة نبيلة إلى أبعد الحدود، مشعة بالمعنى، نديّة بالجمال..
لترقد روحك بسلام يا من أكرمني الله أن يكون ضيفي في أي برنامج، وعنواني في أي قصة إخبارية، وأن يدخل عالم روايتي الأولى من أوسع أبوابه.. رحمك الله يا صديقي.. يا أول عبق كنت أحب استنشاقه في زياراتي لوسط البلد، وهي زيارات ليست قليلة فهناك أجد نفسي.. وهناك كنت أركض نحوك مبتهجاً بما هو أنت.. وكلما كنت أقول لأسرتي هيا نخرج، فإذا بهم من فورهم يسمّعوا لي مفردات هذا المقترح: وسط البلد، خزانة الجاحظ للكتب وابنها البار الشيخ هشام، محل السناك القريب منها، كنافة حبيبة، محل جفرا ومن بعده حمودة للحصول على أحدث الأفلام العربية وأحياناً الأجنبية على أقراص دي في دي، ثم أضيف إليها لاحقاً محل صلورة الشهباء من أجل حلاوة الجبن.. فأنت كنت العنوان الأول لأي مشوار وأي لحظات معنى..
كنا معك وحولك وكان كثير من الناس معك وحولك حتى قبل منتصف الليل بقليل.. أهديتَ حفيدي أول قصة أطفال في حياته، قلتَ: 'هذه هدية مني لآدم'.. منحته عمراً إضافياً، فنحن عندما نقرأ نوسع أفق حيواتنا، ونراكم فوق سنوات العمر عقوداً من القيمة والآفاق المفتوحة على المعرفة والاكتشاف والتجدد.. كنا معك وكان عقرب الساعة يشير إلى الثانية عشرة إلا قليلاً، فهل كان يشير إلى أمرٍ آخر؟ هل كان يقول لك إنها الساعات الثلاث المتبقية لك يا هشام المعايطة؟ بعد أن كان الحريق قد أخذ منك قبل أقل من شهر مخطوطات وكتب وذاكرة، وحرق قلوبنا جميعنا؟؟ أفما كان بإمكان تلك الليلة أن تمر بسلام.. وأن تتركك لنا ولمحبيك ولعمّان التي يتضاءل يوماً إثر آخر ما يمكن أن يكون له معنى في قلبها المتخم بعدك بالوجع والخواء والضياع.
كنا معك وحولك وكان كثير من الناس معك وحولك حتى قبل منتصف الليل بقليل.. أهديتَ حفيدي أول قصة أطفال في حياته، قلتَ: 'هذه هدية مني لآدم'.. منحته عمراً إضافياً، فنحن عندما نقرأ نوسع أفق حيواتنا، ونراكم فوق سنوات العمر عقوداً من القيمة والآفاق المفتوحة على المعرفة والاكتشاف والتجدد.. كنا معك وكان عقرب الساعة يشير إلى الثانية عشرة إلا قليلاً، فهل كان يشير إلى أمرٍ آخر؟ هل كان يقول لك إنها الساعات الثلاث المتبقية لك يا هشام المعايطة؟ بعد أن كان الحريق قد أخذ منك قبل أقل من شهر مخطوطات وكتب وذاكرة، وحرق قلوبنا جميعنا؟؟ أفما كان بإمكان تلك الليلة أن تمر بسلام.. وأن تتركك لنا ولمحبيك ولعمّان التي يتضاءل يوماً إثر آخر ما يمكن أن يكون له معنى في قلبها المتخم بعدك بالوجع والخواء والضياع.
نيسان ـ نشر في 2018/03/04 الساعة 00:00