اتصل بنا
 

مرة أخرى.. الأردن على الحافة

نيسان ـ نشر في 2018-06-01 الساعة 15:05

x
نيسان ـ


محمد قبيلات...ليس من شيء أسهل من اندلاع الثورة، خصوصا بوجود حكومات لا تقيم للرأي العام وزنا، ولا تراعي المصالح الوطنية، وقد حدث هذا في أكثر من بلد، وما رأيناه ليلة البارحة وقبل يومين في مجمع النقابات، ما هو إلّا بداية ثورة شعبية بكامل معناها وشكلها النمطي المعروف.
نعم، بفضل حكومة الملقي، وقراراتها غير المدروسة، صرنا على حافة الثورة، لكن، هل يريدها الشعب ثورة فعلا؟ بمعنى؛ هل الرغبة بتغيير جذري للنظام باتت ناضجة تماما؟ أم أنها مجرد احتجاجات على النهج الأقتصادي؟.
في الثورات، عموما، لا أحد ممن ينزلون للشارع يمتلك الخطط الجاهزة لمستقبل النظام السياسي، والثورة تكون بالعادة عبارة عن زفرات للصدور المقهورة تخرج على شكل انفجار مرشح لأكل الأخضر واليابس.
طبعا، هي لا تحدث فجأة بل إنها تتم بعد تراكمات كثيرة، ولا بد من إرهاصات تسبق تلك اللحظة الحاسمة التي ينهار بها النظام السياسي ليقوم نظام آخر على أنقاضه، لكن سؤال الثورات الأهم سيرفع رأسه من بين الرؤوس، مناكفًا، ويعيد طرح أحجيته التأريخية عن الظرفين الذاتي والموضوعي، هل أنهما ناجزان بما يكفل نجاح التغيير الجذري أم لا؟.
المهدد الأساسي للظرف الذاتي هو عدم نضوج هوية أردنية وطنية جامعة حتى هذه اللحظة، وخطورة ذلك هو اندلاع الصراع بين الهويات الفرعية الذي سيدخل البلاد في حسبات المحاصصة التي لن يتم حسمها بالتوافق السياسي، بل ربما تنفلت الأمور إلى مستويات الصراع الدموي، وهذا ما حدث في العراق وليبيا وسورية واليمن، وليست تصريحات رئيس وزراء سابق وتوصيفاته للمرحلة إضافة لبعض ما كتب خلال اليومين الماضيين من قبل فصيل الحقوق المنقوصة وما قابل ذلك من التحذيرات من انخراط الأردنيين من أصل فلسطيني في الحراك ضد الحكومة إلّا مؤشرات لطيفة على خطورة هذا السيناريو.
أما بالنسبة للظرف الموضوعي، فليست حالته بالأحسن من حالة الذاتي، بل إنه يتواصل معه ويتبادل ويتقاطع في أكثر من نقطة، ففي ظل حالة الاستقطاب الدولي والإقليمي الراهنة ليس أسهل من توظيف أي تفاعلات داخل أية دولة من دول المنطقة، والشواهد على ذلك ماثلة أمامنا اليوم في سورية واليمن والعراق، بل إن للأردن خصوصيات تزيد من احتمالات أن يكون مسرحا لهذه التوظيفات بحكم خصوصية مكوّنه الديموغرافي أولا، وثانيا حدوده الطويلة مع فلسطين المحتلة، ومع العراق وسورية.
البلاد اليوم بحاجة لوضع الملفات على الطاولة للنقاش الجاد، ولا بد أن يتم ذلك بمنتهى الشفافية، هل المشكلة التي تسببت برفع الأسعار وزيادة الضريبة هي فقط العجز السنوي في الموازنة؟ وهل يزيد هذا العجز عن مليار دولار؟.
إذا كانت الاجابة نعم، فهذا الرقم ليس صعبا تحصيله من مناقشة شفافة ومسؤولة في ملف واحد فقط، الا وهو ملف المحروقات، فالمطلوب اليوم مناقشة صريحة لآلية شراء البترول وليس مناقشة آليات تسعيره وبيعه، ثم نتحدث عن تخفيض المخصصات الأمنية، .
اذا اردتم الاستقرار واستتباب الأمن، عليكم الاسراع بردم ثقوب الفساد السوداء الكبيرة التي تبتلع مقدرات البلد وتمص خيراته.
يبقى السؤال المهم، من هي الأطراف التي ستجلس حول هذه الطاولة؟ ببساطة، الشعب يحدد ذلك عن طريق انتخابات نيابية مبكرة، بناء على قانون انتخاب عصري يضمن وصول ممثلين للشعب ولمصالحه الوطنية العليا، وحكومة تكنوقراط، تُسيّر الأمور إلى حين تشكيل حكومة شرعية تنتج عن البرلمان الجديد، يشرط أن تمتلك كامل ولاياتها، وتدير البلاد ضمن حدود صلاحياتها الدستورية.

نيسان ـ نشر في 2018-06-01 الساعة 15:05

الكلمات الأكثر بحثاً