اتصل بنا
 

نمو اقتصادي بلا تلوث بيئي

نيسان ـ إبراهيم غرايبة ـ نشر في 2021-01-21 الساعة 15:12

x
نيسان ـ سادت في عصر الصناعة سياسات تقبل التلوث البيئي كضريبة للنمو الاقتصادي، لكن العالم اليوم يراجع هذه الحالة على نحو استراتيجي، بسبب التغير المناخي الناجم عن النشاط الصناعي والتأثير الإنساني في الطبيعة، والخسائر الكبيرة التي تتحملها البشرية بسبب التلوث، مثل الأمراض وتدهور البيئة والهجرات الواسعة من الريف إلى المدن ومن الدول الفقيرة إلى الغنية، وعدم التوازن بين الموارد والاحتياجات الأساسية والصراعات الكبرى المدمرة، والتغير الكبير في الهواء والماء والبحار والمحيطات والشواطئ، وانحسار الغطاء النباتي الأخضر للكرة الأرضية، وتعرض الكائنات الحية للانقراض وما يتبع ذلك من خلل بيئي ونقص في الغذاء، ومخلفات النشاط الإنساني التي تتراكم في الأرض والماء والفضاء على نحو متزايد.
وفي المقابل تصعد اليوم استراتيجية النمو الاقتصادي من غير ضرر بالطبيعة والبيئة، إذ ليس بالضرورة أن يكون النمو الاقتصادي والتلوث البيئي متلازمين، هكذا تبدأ التنمية المستقبلية بتخيل استعادة الأرض مصدراً للنمو والحياة من غير تلوث، فهذا الفصل بين النمو الاقتصادي والانبعاثات والمخلفات السامة هو الهدف الأساسي الذي تسعى إليه وتفكر فيه الأمم والمنظمات التي تشعر بالمسؤولية تجاه المستقبل والعالم.
وقد أقرّت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية مجموعة من السياسات والأفكار لتخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون، لكن عمليات الفصل بين النشاط الاقتصادي والتلوث مازالت غير كافية وإن كانت تسير في الاتجاه الإيجابي، وفي ذلك فإن الأمم تتداعى للتفكير في الحفاظ على التنوع البيولوجي سواء على نحو مباشر أو بمواجهة التغير المناخي، والوصول في عام 2050 إلى حالة تكون فيها الانبعاثات الغازية المضرة بالبيئة والمناخ تساوي صفراً.
ومن الأفكار والاتجاهات التي تقترحها الأمم المتحدة مساعدة المجتمعات الفقيرة لتعتمد على الطاقة النظيفة بدلا من الحطب والفحم، والتحول إلى تكنولوجيا في النقل تستخدم الطاقة النظيفة والمتجددة، لتكون المدن والطرق خالية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبناء معايير للمنح والتعاون الدولي انطلاقاً من التزام الدول بخفض الانبعاثات السامة وحماية الطبيعة ومعالجة المخلفات وحماية الشواطئ والغابات من التلوث والانحسار، وفي المستوى التالي مباشرة بناء سياسات وخطط تقدم اقتصادي واجتماعي مع الالتزام بالمسؤولية الاستراتيجية تجاه البيئة والمناخ.
يطور برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية مؤشرات إضافية في قياس وتقييم التنمية تضع بالاعتبار بناء اقتصاديات أكثر كفاءة في استخدام الموارد والانبعاثات السامة والملوثة، لكن التقنيات المقترحة لخفض التلوث مازالت غير كافية، وربما يكون مطلوباً تخفيض النشاط الاقتصادي نفسه، وإعادة توجيه الإنفاق العام والخاص باتجاه الأولويات والاحتياجات الأساسية والاستغناء عن النشاط غير الأساسي، وكذلك تخفيض النزعة الاستهلاكية، وترشيد أسلوب الحياة والعمل وتنظيم المؤسسات في اتجاهات أكثر تواضعاً وأقل إنفاقاً وبذخاً، وربما تكون الطبقات الوسطى هي الأكثر قدرة اليوم لتقود جميع الطبقات والمجتمعات في اتجاه التوازن بين الاحتياجات والأولويات وتقليل الإنفاق والهدر والإسراف، والتوازن بين التقدم الاقتصادي وحماية البيئة، وبين الرفاه والتقشف. وتطوير استخدام وتفعيل المرافق العامة والمشتركة لتكون صالحة وكافية للاستخدام والترفيه لتقليل اعتماد الأفراد والأسر على مرافق خاصة ومحدودة، فأن تكون الشواطئ والحدائق والمتنزهات والأندية قادرة على استيعاب المستفيدين وتلبية احتياجاتهم واتجاهاتهم إلى الخصوصية يقلل بالتأكيد من نزعة امتلاك مرافق ومسابح وحدائق خاصة. وأن يلتزم أهل المدن بأسلوب حياة وعلاقات يقدر السكون والخصوصية والنظافة، يجعل العمائر والشقق السكنية الصغيرة ملائمةً لحياة كريمة والحصول على الرضا مثل العيش في بيوت كبيرة ومستقلة.
وهكذا تصعد الثقافة لتقود التقدم الإنساني وتنشئ معايير وقيماً اجتماعية فاعلة للتقدم والرضا بكلفة أقل. ومن المؤكد أن تقليل كلفة البناء والطاقة والمرافق والنقل والعمل.. تقلل بطبيعة الحال من التلوث والهدر والضرر بالبيئة والمناخ والصحة العامة.
#إبراهيم_غرايبة عن الاتحاد

نيسان ـ إبراهيم غرايبة ـ نشر في 2021-01-21 الساعة 15:12


رأي:

الكلمات الأكثر بحثاً