اتصل بنا
 

أحزاب لمرة واحدة

نيسان ـ نشر في 2015-09-06 الساعة 09:21

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات

الحزب السياسي هو عبارة عن اتحاد طوعي تُكوّنه مجموعة من الأفراد، إما يجمعهم الإيمان بفكرة سياسية محددة، يسعون من خلالها لتطبيق برنامج يتصورونه عن الحكم والتنمية والادارة، وبهذه الرؤية والشكل يكون حزبهم برامجيا، أو يؤمنون بفكر شامل يفسر حالة الدولة والمجتمع، ويسعى لتغيير كل بنى الدولة، وتغيير عقيدة وتفكير جميع أفراد الشعب وربما شعوب أخرى، وبهذا يكون حزبا أيدولوجيا جذريا، يسعى للتغيير البنيوي الشامل.
أي أن الحزب وبكل الأحوال هو عبارة عن أداة سياسية تهدف الى الوصول الى الحكم وتغيير السياسات المتبعة إما بشكل جزئي او شامل، وحسب التحليل المادي، فإنه لا بد من أن يكون الحزب ممثلا لمصالح طبقة معينة، ويسعى لتصعيدها الى سدة القيادة في المجتمع، من أجل حماية مصالح هذه الطبقة والفئات الاجتماعية المتحالفة معها.
لذلك لا مفر للحزب من أن يمتلك تفسيرا للحالة السياسية للدولة، وأن يحدد موقفا واضحا منها من أجل أن يكون قادرا على إجراء عملية التغيير، ولا بد من تصويب وتسديد بوصلته نحو الأهداف المحددة التي يسعى الى الوصول اليها، فهو اذاً يحتاج الى مظلة فكرية (فلسفية) تؤهله للقدرة على التحليل وتفسير الظاهرة السياسية السائدة، وبالتالي القدرة على طرح برنامج التغيير البديل وفق الأولويات الجديدة.
وتبنى هياكل الحزب السياسي الجذري التظيمية على أن تُحقق مصلحة فئة أو طبقة من طبقات المجتمع وفقا لرؤية تهدف الى تحقيق العدالة الاجتماعية، وبالتالي بناء الدولة على أسس جديدة تضمن توزيع الانتاج بشكل وطرق أكثر عدالة، بينما الحزب البرامجي يسعى الى تحقيق جزئية واحدة، كأن يسعى لفرض قوانين معينة تخص الحريات، او تعديل وتغيير بعض القوانين السائدة بقوانين أخرى، لذلك يكون سقف أهدافه الوصول الى البرلمان كونه مركز تشريع القوانين، على عكس الحزب الجذري الذي يؤمن بالحلول الراديكالية وإن تظاهر بقبول لعبة الديموقراطية، فإن غايته التي لا يحيد عنها تبقى هي الوصول الى قمرة القيادة وإجراء التغيير الشامل.
ما نستطيع أن نخلص اليه من هذه المقدمة، أن الحزب السياسي وبأشكاله المختلفة، لا يتشكل وفق رغبات مجموعة من المتقاعدين من الوظائف الحكومية، أو السياسيين المتعطلين، والذين يريدون العودة الى مواقعهم، ولا من الطامحين لتحقيق مكاسب فردية، أو الملفوظين من أحزابهم بسبب شذوذ أفكارهم عن أفكار تلك الاحزاب، بل لا بد من توافر المتانة في الرؤية، والغطاء الفلسفي الذي يُمكّن الحزب من بناء موقف متماسك شامل يقنع العدد الكافي من الناس للالتفاف حول برنامجه السياسي كمُحقِقٍ لمصالحهم، ويكتسب على ذلك الشرعية.
ببساطة، هذا يعني أن الحزب ليس فعالية سياسية تتحلق وتتخلق حول مسؤول حكومي أو حزبي سابق، وتتشكل على نية الاستخدام لمرة واحدة؛ بهدف إعادته الى مطابخ السياسة والمقاعد الوثيرة.

نيسان ـ نشر في 2015-09-06 الساعة 09:21

الكلمات الأكثر بحثاً