اتصل بنا
 

' يحلّوها الكركيّة '

نيسان ـ نشر في 2019-11-07 الساعة 17:52

يحلوها الكركية
نيسان ـ سما القبيلاتكان قد أوْدَعْني الموجب عند أخر ودْيانه ، على مشارفِ أبهى الجبال ، و كثيرٌ من الفضولِ و الأسئلة بجوابٍ واحد " لا أدري " .
ما كنتُ أدري أن " شيحان " هو شيخ القبيلة الذي يفتحُ ذراعيهِ للضيف ، و " فقوع " هو الديوان الذي يسع الملأ .. كان " القصر " هو الدرب الطويل الذي يستظل باشجار الصنوبر ، و الذي يجاور " أدر " ، القرية التي نرى اضواء " القلعة " من سطوح منازلها ، و الطريق الذي يأخذنا من تلقاءِ نفسه ، ليُذكّرنا فيه كلما سرحت أذهاننا .
تتوالى اللافتات ( الثنية ، المأمونية ، مَدْيِن ) ، حتى نصلُ " مؤتة " حيثُ الريفُ الناعم الذي يطلُ على مزارع " المزار " ، و الذي يمتدُ حتى يطولُ تلال " الهاشمية " ، التي فيها نتركُ جزءً من النَّفْس ، و التي منها نقول : وداعاً ، يا مُكنٌ تكمنُ فيه الروح .. وداعاً يا وُجْهةٌ حين نتوه .
هذه هي الكرك ، قَلبُ الجنوب ، زهرُ الوادي ، حُصن مؤاب الذي وقف شوكةً في حُلُوق الأعداء ، القصيدةُ التي باتت ليلاً في وجدان شاعرها ، الرّعْشة التي تصيبك حينما يَمرُّ على وجهك زمهريرها ، شمسُ العصر التي تُلوّحُ لك من بين عرائش كَرْمِها ، و المزيد من المعاني التي تراها ، و كأنّك تفتحُ ألبومٌ من الصور ...
هذه حارةٌ لا يُرى من بيوتها سوى أغصان الياسمين ، و هذا بيتُ عزاءٍ مسيحي يدخله رجلُ دين ( رجلٌ مُسلم ) ، و هذا مخبزٌ كركيّ قديم ، و هذا معملٌ للأجبان تجلس على بابه سيّدةٌ تكوّر اللبن ، و هذه قريةٌ تُغطيها الثلوج ، و الكثير من الصور مُعجزةً للوصف .
إنها شعور الحب و الاندافاع الذي يتسللُ إليك ، ليُريكَ لوحةً حقيقيّة ، تنرسمُ من مواقفِ الشهامة ، و من الأمانِ ، الذي ينولدُ من رحم طيبة أهاليها و حَزامتهم ، و جودُ الكرمِ الذي تنتهجهُ عشائر الكرك .
أقولها و بشكلٍ بسيط ، اذهبْ ، و لا تقول غريباً ، غريبها العدو فقط ، ستجدهم يفتحوا لك ابواب بيوتهم دونما تطرقها ، أهلاً لا يعرفوا للخذلان معنى ، ولا للغدر طريق ، و لتتذكّر دائمًا أنّ أشدّ العُقَدْ " يحلّوها الكركيّة " .

نيسان ـ نشر في 2019-11-07 الساعة 17:52

الكلمات الأكثر بحثاً