السردية تكتب: قصص ليست أغرب من الخيال..تجهيز الموتى عند البدو
نيسان ـ بقلم ميسر السردية ـ نشر في 2022-07-05 الساعة 12:43
x
نيسان ـ الجزء الثالث
في هذا الجزء الأخير نسرد ماسلف من معتقدات في البيئة البدوية وما علق في ذهني مما شاهدت وسمعت من عادات وتقاليد تتعلق بتجهيز المتوفى والتي تأخذ فيها المرأة بعدا أكثر من الرجل على الأغلب،وقد يعود ذلك لمكانة المرأة بعكس ما ظنته المجتمعات غير البدوية عن أهل البادية.
نبدأ أولا بالكفن واقص ما سمعته مباشرة عن جدتي وصويحباتها وما حضرته في بعض الحالات.
تعامل المرأة المتزوجة بطريقة تختلف عن غير المتزوجة، حيث يتم تكفين المتزوجة بحسب عدد زيجاتها، يعني اذا كانت تزوجت من رجلين تكفن بكفنين وهكذا تحسب العملية، لم أستفسر وقتها لحداثة سني عن فلسفة ذلك الأمر.
أيضا تتم خياطة بيجامة داخلية للمتزوجة وترش حناء في طيات الكفن في حين يتم وضع الحناء معجونة في يديها.
تُعامل الأنثى العذراء بطريقة مختلفة، حيث يخاط لها كفن من قماش أخضر اللون وتصنع لها عليقتان"حقائب" من ذات لون القماش توضع كل عليقة في يديها في جهة الكوع، وذلك كما علمت لقطف ثمار الجنة ويطلق على العذراء لقب حورية لأعتقادهم أن من تموت بدون زواج تتحول إلى حورية حالة وفاتها ، فهي من أهل الجنة بدون شك ، في قاموس البدو لم أكن اسمع لقب عانس هذا اللقب الفج للنساء اللواتي لم يتزوجون، إنما يقال في هذه الحالة "متبنته" ومن لم تتزوج يكون قدرها كبيرا في عائلتها يوازي قدر الأم، يُسمع قولها وشورها في كبيرة وصغيرة الأشياء.
يعد الطعام في اليوم الثالث للوفاة، والبعض يسميه عشاء أو ونيسة، الونيس تعني أن هذه الذبائح ستذهب حيث العالم الآخر ويأنس بوجودها المتوفى وكأنه في الحياة الدنيا.
أيضا تعد اللزقيات في اليوم الثالث وغالبا تقدم كإفطار وتسمى "فك لحود" أي لحد القبر و التوسعة على المتوفى َوراحته.
إضافة للزقيات تزيد المرأة عن الرجل بإن تعد لها النساء من ذوات رحمها ما يسمى ب"البسيسة" وهذه التقدمة لا ترتبط بزمن محدد، لكن على الأغلب لا يبعد بها الزمن، قد تكون في الأربعين، تتكون البسيسة من قطين"تين مجفف" وزبيب ينقع ليلا بزيت الزيتون أو السمن ثم يضاف لاحقا إلى القمح المحمص والمطحون مع ما تيسر من مطيبات وتدعى لتناول النساء في بيت ذوي المرأة، ولا يشترط إعداد هذه الأكلة بعد الوفاة، إذا تقوم بعض النساء بإعدادها وهن على قيد الحياة.
وأيضا إذا مات رجل فيما مضى ولقطع الشبهة قبل تطور فحوصات الDNA.. كانوا يرفعون نعشه أمام البيت وتمر زوجته من تحت النعش اقطع الشك باليقين،ويعتبر ذلك إثبات الحمل منه أمام جمهرة الشهود وسمعت عن أخر حالة تمت في عقد السبعينات من القرن المنصرم.
َلاحقا بعد دخول التلفزيون إلى حياتنا، كان يتم أغلاقه فور معرفة وفاة أحد بغض النظر عن درجة القربى، بل في إحدى المرات التي توفي فيها شاب من قريتنا، غطى أهلي التلفزيون بغطاء وكأنهم لا يرغبون برؤيته حتى وهو مغلق، كما يمتنعون ثلاثة أيام عن غسل الثياب ونشرها احتراما ومشاركة لأهل المتوفى.
كانوا أهلنا يعتقدون أن الميت يزور بيت أهله مع الغروب، وكانت جدتي تعنفنا حينما نغلق باب الدار مع غروب الشمس معتقدة أننا نمنعهم من الدخول إلى البيت،في ذات مرة دخلت عصفوة إلى الغرفة، حاولت إمساكها، قالت رحمها الله هذه روح والدك جاءت ترفرف من حولك... إلا أنني وبعد ما أمسكت العصفورة واحتفظت بها فرحة لأنها تخصني ماتت بعد يومين فحزنت جدا وكأنني لن أرى روح والدي مرة أخرى، وذلك ما سمعته أيضا عن الفرشات التي تدخل البيت... لا أدري هل كان مايخص العصفورة حقيقة تعتقدها أو توهمات منها لتعلقها بإبنها رحمهما الله برحمته الواسعة.
ما أكتبه لم يعد موجودا في معظمه ولكن اقدم معتقدات كام اسلافنا يعتقدونها وهذه تفسر نظرتهم للحياة والكون َالعالم الآخر وكيف كانوا يتعاملون معه وكيف تطورت الحياة لاحقا فيما يتعلق بنظرة حفدتهم وذراريهم.
في هذا الجزء الأخير نسرد ماسلف من معتقدات في البيئة البدوية وما علق في ذهني مما شاهدت وسمعت من عادات وتقاليد تتعلق بتجهيز المتوفى والتي تأخذ فيها المرأة بعدا أكثر من الرجل على الأغلب،وقد يعود ذلك لمكانة المرأة بعكس ما ظنته المجتمعات غير البدوية عن أهل البادية.
نبدأ أولا بالكفن واقص ما سمعته مباشرة عن جدتي وصويحباتها وما حضرته في بعض الحالات.
تعامل المرأة المتزوجة بطريقة تختلف عن غير المتزوجة، حيث يتم تكفين المتزوجة بحسب عدد زيجاتها، يعني اذا كانت تزوجت من رجلين تكفن بكفنين وهكذا تحسب العملية، لم أستفسر وقتها لحداثة سني عن فلسفة ذلك الأمر.
أيضا تتم خياطة بيجامة داخلية للمتزوجة وترش حناء في طيات الكفن في حين يتم وضع الحناء معجونة في يديها.
تُعامل الأنثى العذراء بطريقة مختلفة، حيث يخاط لها كفن من قماش أخضر اللون وتصنع لها عليقتان"حقائب" من ذات لون القماش توضع كل عليقة في يديها في جهة الكوع، وذلك كما علمت لقطف ثمار الجنة ويطلق على العذراء لقب حورية لأعتقادهم أن من تموت بدون زواج تتحول إلى حورية حالة وفاتها ، فهي من أهل الجنة بدون شك ، في قاموس البدو لم أكن اسمع لقب عانس هذا اللقب الفج للنساء اللواتي لم يتزوجون، إنما يقال في هذه الحالة "متبنته" ومن لم تتزوج يكون قدرها كبيرا في عائلتها يوازي قدر الأم، يُسمع قولها وشورها في كبيرة وصغيرة الأشياء.
يعد الطعام في اليوم الثالث للوفاة، والبعض يسميه عشاء أو ونيسة، الونيس تعني أن هذه الذبائح ستذهب حيث العالم الآخر ويأنس بوجودها المتوفى وكأنه في الحياة الدنيا.
أيضا تعد اللزقيات في اليوم الثالث وغالبا تقدم كإفطار وتسمى "فك لحود" أي لحد القبر و التوسعة على المتوفى َوراحته.
إضافة للزقيات تزيد المرأة عن الرجل بإن تعد لها النساء من ذوات رحمها ما يسمى ب"البسيسة" وهذه التقدمة لا ترتبط بزمن محدد، لكن على الأغلب لا يبعد بها الزمن، قد تكون في الأربعين، تتكون البسيسة من قطين"تين مجفف" وزبيب ينقع ليلا بزيت الزيتون أو السمن ثم يضاف لاحقا إلى القمح المحمص والمطحون مع ما تيسر من مطيبات وتدعى لتناول النساء في بيت ذوي المرأة، ولا يشترط إعداد هذه الأكلة بعد الوفاة، إذا تقوم بعض النساء بإعدادها وهن على قيد الحياة.
وأيضا إذا مات رجل فيما مضى ولقطع الشبهة قبل تطور فحوصات الDNA.. كانوا يرفعون نعشه أمام البيت وتمر زوجته من تحت النعش اقطع الشك باليقين،ويعتبر ذلك إثبات الحمل منه أمام جمهرة الشهود وسمعت عن أخر حالة تمت في عقد السبعينات من القرن المنصرم.
َلاحقا بعد دخول التلفزيون إلى حياتنا، كان يتم أغلاقه فور معرفة وفاة أحد بغض النظر عن درجة القربى، بل في إحدى المرات التي توفي فيها شاب من قريتنا، غطى أهلي التلفزيون بغطاء وكأنهم لا يرغبون برؤيته حتى وهو مغلق، كما يمتنعون ثلاثة أيام عن غسل الثياب ونشرها احتراما ومشاركة لأهل المتوفى.
كانوا أهلنا يعتقدون أن الميت يزور بيت أهله مع الغروب، وكانت جدتي تعنفنا حينما نغلق باب الدار مع غروب الشمس معتقدة أننا نمنعهم من الدخول إلى البيت،في ذات مرة دخلت عصفوة إلى الغرفة، حاولت إمساكها، قالت رحمها الله هذه روح والدك جاءت ترفرف من حولك... إلا أنني وبعد ما أمسكت العصفورة واحتفظت بها فرحة لأنها تخصني ماتت بعد يومين فحزنت جدا وكأنني لن أرى روح والدي مرة أخرى، وذلك ما سمعته أيضا عن الفرشات التي تدخل البيت... لا أدري هل كان مايخص العصفورة حقيقة تعتقدها أو توهمات منها لتعلقها بإبنها رحمهما الله برحمته الواسعة.
ما أكتبه لم يعد موجودا في معظمه ولكن اقدم معتقدات كام اسلافنا يعتقدونها وهذه تفسر نظرتهم للحياة والكون َالعالم الآخر وكيف كانوا يتعاملون معه وكيف تطورت الحياة لاحقا فيما يتعلق بنظرة حفدتهم وذراريهم.
نيسان ـ بقلم ميسر السردية ـ نشر في 2022-07-05 الساعة 12:43
رأي: