أبو علي بوتين... يا له من حليف هامل
نيسان ـ نشر في 2025-06-14 الساعة 08:43
x
نيسان ـ خاص
منذ أن صعد فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم في الكرملين، وسجله في دعم الحلفاء لا يدعو للثقة، بل بات يُضرب به المثل في الخذلان، حليف صامت؟ لا، هو أبعد من ذلك. بوتين أصبح رمزًا لحالة التخلّي المنهجي عن شركائه، في لحظات كانوا فيها بأمسّ الحاجة إليه، وتركهم يواجهون مصيرهم بمفردهم.
البداية من العراق، حين اجتاحته القوات الأميركية، ولم يُسجّل لموسكو موقف فاعل، سوى رغبتها غير المفهومة وقتها بالاقتراب من الناتو، لا وقوف إلى جانب بغداد بغير نصائح بريماكوف لصدام حسين بالاستسلام، ولا حتى استثمار استراتيجي للحظة انهيار الهيمنة الأميركية، حين جاء الدور على أفغانستان، الخصم التاريخي للغرب، الذي كان يشكل فرصة ضغط نادرة لروسيا، فتركها بوتين تنزلق من بين يديه، دون حتى محاولة مشاغلة عابثة للأمريكان.
وبينما كانت أوروبا الشرقية تتحول تدريجيًا إلى ساحة غربية صافية، غاب رد الفعل الروسي، حتى وصلت الأزمة إلى قلب أوكرانيا، التي خسرها بوتين تمامًا، فقد تركها لتتحول من حليف محتمل إلى خصم مسلح ومدعوم عسكريًا وسياسيًا من الغرب، وهو اليوم في خصومة مفتوحة مع أوروبا كلها، نتيجة تراكمات من الحسابات الخاطئة، وعدم القدرة على بناء تحالفات مستدامة.
في العالم العربي، لا يبدو المشهد أفضل، فبمراجعة تاريخية بسيطة سنجد أن ليبيا خرجت من اليد الروسية، والجزائر باتت على شفا مراجعة تموضعها، أما سوريا، فرغم التدخل الروسي المكثف، إلا أن موسكو بدت مهتمة ببقاء النظام لا بتوازن الإقليم، وبقيت إسرائيل تنفّذ غاراتها الأسبوعية على الأراضي السورية، دون أن تلقى ردًا أو حتى اعتراضًا روسيًا، فلقد تحوّل الحضور الروسي إلى ظلٍّ لا وزن له.
وها هي إيران اليوم تتعرض لعدوان إسرائيلي مباشر، مدعوم لوجستيًا من الولايات المتحدة، بينما موقف موسكو لا يتعدى مكالمة هاتفية مع نتنياهو، قد لا يُعرف أصلًا من بدأ بها، لا إدانة، لا تهديد، ولا حتى خطاب دبلوماسي غاضب، الصمت الروسي لم يعد يُفسَّر على أنه حياد، بل يُقرأ كخذلان.
من قبل، اغتيل قادة حماس، وتعرض حزب الله لهجمات منظمة، والآن إيران تواجه المصير ذاته، دون غطاء من "الحليف الروسي"، بل إن الضربات الأخيرة التي استهدفت العمق الروسي بطائرات مسيّرة، تشبه في تكتيكها ما جرى في الداخل الإيراني، في ما يبدو أنه رسالة موحدة إلى طرفَين يتعرضان للاختراق نفسه، مع الفارق أن كليهما وحيد.
ولعل العلاقة مع الصين تُعدّ أوضح مثال على ارتباك بوتين في بناء تحالفات طويلة الأمد، فبرغم الخطابات المتكررة عن "عالم متعدد الأقطاب" والشراكة مع بكين، فإن العلاقة بين الطرفين ظلت ملتبسة، بل وأقرب إلى المصلحة المؤقتة منها إلى تحالف استراتيجي متين، الصين تراقب المشهد الأوكراني بحذر، وتبدو أكثر اهتمامًا باستثمار الضعف الروسي من الوقوف إلى جانبه، فلا دعمت موسكو سياسيًا في المحافل الدولية كما يُفترض، ولا دخلت اقتصاديًا على الخط بما يُنقذ الاقتصاد الروسي المتضرر من العقوبات الغربية. هي علاقة قائمة على الحذر، والانتظار، وربما المقايضة، لا على التضامن.
بهذا المشهد، لم يعُد من المبالغة القول إن بوتين هو الحليف الذي لا يُعوّل عليه، فقد ترك حلفاءه يسقطون واحدًا تلو الآخر، بلا دعم، بلا تغطية، بلا حتى موقف، وإن كان المصير الجماعي يُرسم على هذه الصورة، فربما آن الأوان ليواجه المصير نفسه، فماذا بقي له أصلًا؟
منذ أن صعد فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم في الكرملين، وسجله في دعم الحلفاء لا يدعو للثقة، بل بات يُضرب به المثل في الخذلان، حليف صامت؟ لا، هو أبعد من ذلك. بوتين أصبح رمزًا لحالة التخلّي المنهجي عن شركائه، في لحظات كانوا فيها بأمسّ الحاجة إليه، وتركهم يواجهون مصيرهم بمفردهم.
البداية من العراق، حين اجتاحته القوات الأميركية، ولم يُسجّل لموسكو موقف فاعل، سوى رغبتها غير المفهومة وقتها بالاقتراب من الناتو، لا وقوف إلى جانب بغداد بغير نصائح بريماكوف لصدام حسين بالاستسلام، ولا حتى استثمار استراتيجي للحظة انهيار الهيمنة الأميركية، حين جاء الدور على أفغانستان، الخصم التاريخي للغرب، الذي كان يشكل فرصة ضغط نادرة لروسيا، فتركها بوتين تنزلق من بين يديه، دون حتى محاولة مشاغلة عابثة للأمريكان.
وبينما كانت أوروبا الشرقية تتحول تدريجيًا إلى ساحة غربية صافية، غاب رد الفعل الروسي، حتى وصلت الأزمة إلى قلب أوكرانيا، التي خسرها بوتين تمامًا، فقد تركها لتتحول من حليف محتمل إلى خصم مسلح ومدعوم عسكريًا وسياسيًا من الغرب، وهو اليوم في خصومة مفتوحة مع أوروبا كلها، نتيجة تراكمات من الحسابات الخاطئة، وعدم القدرة على بناء تحالفات مستدامة.
في العالم العربي، لا يبدو المشهد أفضل، فبمراجعة تاريخية بسيطة سنجد أن ليبيا خرجت من اليد الروسية، والجزائر باتت على شفا مراجعة تموضعها، أما سوريا، فرغم التدخل الروسي المكثف، إلا أن موسكو بدت مهتمة ببقاء النظام لا بتوازن الإقليم، وبقيت إسرائيل تنفّذ غاراتها الأسبوعية على الأراضي السورية، دون أن تلقى ردًا أو حتى اعتراضًا روسيًا، فلقد تحوّل الحضور الروسي إلى ظلٍّ لا وزن له.
وها هي إيران اليوم تتعرض لعدوان إسرائيلي مباشر، مدعوم لوجستيًا من الولايات المتحدة، بينما موقف موسكو لا يتعدى مكالمة هاتفية مع نتنياهو، قد لا يُعرف أصلًا من بدأ بها، لا إدانة، لا تهديد، ولا حتى خطاب دبلوماسي غاضب، الصمت الروسي لم يعد يُفسَّر على أنه حياد، بل يُقرأ كخذلان.
من قبل، اغتيل قادة حماس، وتعرض حزب الله لهجمات منظمة، والآن إيران تواجه المصير ذاته، دون غطاء من "الحليف الروسي"، بل إن الضربات الأخيرة التي استهدفت العمق الروسي بطائرات مسيّرة، تشبه في تكتيكها ما جرى في الداخل الإيراني، في ما يبدو أنه رسالة موحدة إلى طرفَين يتعرضان للاختراق نفسه، مع الفارق أن كليهما وحيد.
ولعل العلاقة مع الصين تُعدّ أوضح مثال على ارتباك بوتين في بناء تحالفات طويلة الأمد، فبرغم الخطابات المتكررة عن "عالم متعدد الأقطاب" والشراكة مع بكين، فإن العلاقة بين الطرفين ظلت ملتبسة، بل وأقرب إلى المصلحة المؤقتة منها إلى تحالف استراتيجي متين، الصين تراقب المشهد الأوكراني بحذر، وتبدو أكثر اهتمامًا باستثمار الضعف الروسي من الوقوف إلى جانبه، فلا دعمت موسكو سياسيًا في المحافل الدولية كما يُفترض، ولا دخلت اقتصاديًا على الخط بما يُنقذ الاقتصاد الروسي المتضرر من العقوبات الغربية. هي علاقة قائمة على الحذر، والانتظار، وربما المقايضة، لا على التضامن.
بهذا المشهد، لم يعُد من المبالغة القول إن بوتين هو الحليف الذي لا يُعوّل عليه، فقد ترك حلفاءه يسقطون واحدًا تلو الآخر، بلا دعم، بلا تغطية، بلا حتى موقف، وإن كان المصير الجماعي يُرسم على هذه الصورة، فربما آن الأوان ليواجه المصير نفسه، فماذا بقي له أصلًا؟