اتصل بنا
 

بريطانيا في قلب التصعيد: مقاتلات إلى الشرق الأوسط... لحماية من؟

نيسان ـ نشر في 2025-06-14 الساعة 20:40

x
نيسان ـ تقرير – خاص
في خطوة تُعيد التذكير بدور بريطانيا التاريخي في تشكيل مصير الشرق الأوسط وفق رؤى استعمارية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، السبت، عن نقل أصول عسكرية إضافية، بينها طائرات مقاتلة، إلى المنطقة، بزعم "تقديم الدعم في حالات الطوارئ".
يأتي هذا التحرك العسكري البريطاني في خضم تصعيد خطير بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران، بعد أن شنت تل أبيب هجوماً واسعاً فجر الجمعة استهدف منشآت نووية ومقار تابعة للحرس الثوري الإيراني، في عملية وُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات. وأسفر الهجوم عن سقوط قادة عسكريين كبار وعلماء نوويين، فيما ردت طهران بسلسلة من الهجمات بالطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية.
سياسة الطوارئ أم اصطفاف استراتيجي؟ هكذا يتساءل متابعون للشأن الإقليمي، بعدما أعلن ستارمر من على متن طائرته إلى كندا: "نحن ننقل أصولاً إلى المنطقة، منها طائرات مقاتلة، وذلك لتقديم الدعم في حالات الطوارئ." إلا أن توقيت هذا التحرك، وسياقه، لا يوحيان بجهود للتهدئة بقدر ما يعكسان انخراطاً متجدداً في اصطفاف استراتيجي لطالما كان محوره أمن "إسرائيل"، لا أمن الشعوب. في الوقت الذي تواصل فيه تل أبيب قصفها واستفزازاتها، تختار لندن أن تُرسل طائرات لا رسائل دبلوماسية.
دور قديم بثوب جديد هو ما يراه كثيرون في السياسة البريطانية بالمنطقة. فمنذ وعد بلفور، لم تغادر بريطانيا مقعد المُقرِّر في شؤون الشرق الأوسط، سواء عبر الاحتلال المباشر في القرن الماضي، أو عبر التدخلات والتحالفات المشروطة في القرن الحالي. ولئن تغيرت الوسائل من الاحتلال إلى "القواعد المؤقتة" والدعم اللوجستي، فإن الهدف بقي واحداً: الحفاظ على النفوذ، ولو على حساب شعوب المنطقة وسيادتها.
المقاتلات في سماء الشرق... لحماية من؟ سؤال يتردد في العواصم العربية، حيث تُتابع الشعوب مجازر الاحتلال في غزة، والاستهداف الممنهج للمدنيين، بينما تكتفي لندن ببيانات حذرة تدعو إلى "ضبط النفس"، وتتجنب أي انتقاد واضح للعدوان الإسرائيلي. في المقابل، يُقرأ تحرك ستارمر العسكري باعتباره رسالة دعم ضمني، تُغلفها لغة الطوارئ، لكن مضمونها الفعلي لا يخفى على أحد.
سياسات من زمن بائد هي ما يُميز الموقف البريطاني الحالي، إذ لا يبدو أن الحكومة الجديدة بصدد مراجعة الإرث الثقيل الذي تركته الإدارات السابقة. بل على العكس، يظهر أن عقلية "المسؤولية الإمبراطورية" لا تزال حاضرة، وأن لندن لم تتحرر فعلياً من ذهنية ترى في الشرق الأوسط ساحة للتدخل لا شريكاً في القرار. فإذا كانت بريطانيا تبحث فعلاً عن دور إيجابي، فإن البداية يجب أن تكون من حيث تنتهي دائماً تصريحاتها: الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، لا الاكتفاء بحماية حلفائها التاريخيين.

نيسان ـ نشر في 2025-06-14 الساعة 20:40

الكلمات الأكثر بحثاً