اتصل بنا
 

هل تجاوزت إسرائيل نقطة اللاعودة؟

نيسان ـ نشر في 2025-06-16 الساعة 12:57

x
نيسان ـ تناول غريغ بريدي، زميل أول في مركز المصلحة الوطنية والمستشار في شؤون المخاطر السياسية في قطاع الطاقة، تداعيات الضربة الإسرائيلية الكبرى التي استهدفت منشآت نووية ومراكز قيادة عسكرية في إيران.
ورأى الكاتب في مقاله بموقع صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية أن هذه الضربات تمثل تحولاً جذرياً في مسار الصراع بين الجانبين، محذراً من أن اعتبارها نهاية التصعيد بمنزلة وهم خطير، فالحقيقة أنها قد تكون بداية سلسلة تطورات أكثر خطورة.
ضربة طال انتظارها
وأشار الكاتب إلى أن الضربة التي نفذتها إسرائيل جاءت بعد سنوات من التكهنات حول ما إذا كانت ستقدم على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وأثبتت الغارات - التي طالت منشآت "نطنز" و"فوردو" - أنها نُفذت بدقة وفاعلية تعكس الطابع المهني العالي للعمليات العسكرية الإسرائيلية. لكن المهم الآن ليس تقييم نجاح العملية فحسب، بل فهم تداعياتها.
فرضيات خاطئة داخل إدارة ترامب
وانتقد الكاتب أداء الإدارة الأمريكية، وتحديداً الرئيس ترامب، في تعامله مع إيران. فالفكرة التي كانت سائدة بأن طهران ستتخلى عن التخصيب النووي فور شعورها بتهديد عسكري جاد، ثبت فشلها.
وأكد الكاتب أن مفاوضات إدارة ترامب مع إيران - رغم ما بُث عنها من تفاؤل - لم تحرز تقدماً جوهرياً في النقطة الأساسية: هل سيُسمح لإيران بالاحتفاظ ببرنامج تخصيب طويل الأمد؟
وأضاف "بالغ ترامب في تقدير قدرته الشخصية على انتزاع تنازلات لم يحصل عليها سلفه أوباما. أما الآن، وبعد الضربة الإسرائيلية، فقد نشر ترامب منشورات على منصة "تروث سوشيال" يدعو فيها إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات قبل "أن لا يبقى شيء يمكن التفاوض عليه"، مراهناً على أن الضربة قد تُجبر إيران على القبول بشروطه".
سوء تقدير لعزيمة إيران
لكن هذه المقاربة، وفق الكاتب، تتجاهل عاملين حاسمين: عزيمة إيران وعمقها الاستراتيجي. فإيران، على عكس العراق عام 2003، دولة كبيرة مكتظة سكانياً ولا يمكن إسقاطها بسهولة. قد تمتص طهران الضربة، وترد، ثم تتابع مشروعها النووي لاحقاً. لذلك فإن استهداف القيادة الإيرانية - دون مشاركة أمريكية - قد يعكس قناعة ضمنية لدى ترامب بعدم القدرة على تغيير النظام عسكرياً.
غياب أمريكا الميداني ودلالاته
أثار غياب المشاركة الأمريكية في الضربة استغراب الكثيرين، خاصة أن إسرائيل لا تملك طائرات B-2 القادرة على إسقاط قنابل خارقة للتحصينات مثل "MOP"، مما يعني أن منشآت تحت الأرض مثل "فوردو" قد لا تكون أصيبت بدقة كافية.
كما أن غياب واشنطن حرم إسرائيل من القدرة على استهداف مئات المواقع الإضافية، التي كان يمكن أن تقلص من قدرة طهران على الرد الصاروخي والمسير.
ومع ذلك، لم تُبدِ الإدارة الأمريكية أي غضب حيال توقيت الضربة، الذي صادف موعد جولة مفاوضات نووية كانت مقررة يوم الأحد. وصرح ترامب لاحقاً "كنت أعلم موعد المفاوضات"، مما يوحي بأن الإعلان عن المحادثات ربما كان خدعة إعلامية لإخفاء النوايا الإسرائيلية.
رهان محفوف بالمخاطر
تراهن واشنطن على أن إيران لن تهاجم القواعد الأمريكية في المنطقة خشية الرد العسكري الأمريكي الساحق. لكن بريدي يعتبر هذا الرهان بالغ الخطورة، إذ يمكن لحادث صغير في الخليج أو العراق أن يشعل تصعيداً واسعاً.
وبينما يشير بعض المؤيدين للهجوم إلى غياب رد إيراني قوي حتى الآن كدليل على نجاح المقاربة، يحذر الكاتب من أن هذا الصمت قد يكون مؤقتاً. فقيادة الحرس الثوري تعاني من حالة فوضى بعد الضربة، وقد يحتاج المرشد الأعلى علي خامنئي وقتاً لتقرير كيفية الرد. ويضيف "كان من السذاجة توقّع رد فوري وشامل في الليلة الأولى للهجوم".
الحروب لا تُحسم في أسبوع
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى ما جرى في العراق عام 2003. فبعد سقوط بغداد السريع، أعلن جورج بوش النصر مبكراً، لكن النتيجة النهائية كانت تمدد نفوذ إيران لا هزيمتها.
والدرس المستفاد، برأي الكاتب، هو أن الحروب تحتاج وقتاً للحسم، وقد يكون تقدير النتائج في بدايتها مضللاً. ومع بدء هذه المرحلة الجديدة من الصراع، سيجد الجميع أنفسهم موضع اختبار: إسرائيل وإيران والولايات المتحدة.

نيسان ـ نشر في 2025-06-16 الساعة 12:57

الكلمات الأكثر بحثاً