الذكاء الاصطناعي وإدارة موارد المياه: الفرص والتحدّيات
نيسان ـ نشر في 2025-06-30 الساعة 13:04
نيسان ـ يُولي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين (حفظه الله) إهتماماً كبيراً في توطين الذكاء الإصطناعي وانتقاله من كونه تقنية متخصصة إلى عنصر أساسي في التحوّل الرقمي للمملكة، كما ويدعم سمو ولي العهد المبادرات الاستراتيجية التي تعزز من توظيف الذكاء الإصطناعي في مختلف القطاعات مثل الصحة والتعليم والزراعة والريادة والمياه بهدف دفع عجلة الاستثمار وتحسين الخدمات الحكومية، ولتصبح المملكة مركزاً رئيسياً ونقطة ربط للبيانات وللتحوّل الرقمي والأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الأمر الذي يتطلب توسعاً كبيراً في إنشاء وتنفيذ مراكز البيانات (Data Centers) والتي تعالج كميات ضخمة من البيانات بواسطة الخوادم الرئيسية (Servers).
وفيما يخص إدارة موارد المياه، تتدفق البيانات والمعلومات حالياً من غرف التحكم الميدانية المنتشرة في المملكة إلى غرفة تحكم وسيطرة وطنية مركزية، عبر شبكات الإتصال وأنظمة سكادا ووسائل المتابعة والمراقبة الدقيقة لكافة مراحل إنتاج ونقل وتوزيع واستهلاك موارد المياه من آبار جوفية وسدود ومحطات ضخ ومعالجة المياه والصرف الصحي وما يزيد عن (15,000) كيلومتر من أنظمة إمدادات وخطوط المياه والصرف الصحي الرئيسية والثانوية التي تعمل بشكل مستمر على مدار الساعة وبواقع (24) ساعة يومياً، عبر مسافات طويلة تتراوح بين (150-350) كلم ومناسيب ضخ تزيد على (1,000) متر طولي بسبب بعد التجمعات السكانية ومراكز المدن الرئيسة عن موارد المياه.
وتشكّل كمية وحجم وتنوّع هذه البيانات والمعلومات الضخمة تحديّاً كبيراً يفوق قدرة أي مشغّل بشري في غرفة التحكم المركزية على معالجتها (Data Processing) لتكوين صورة شاملة ودقيقة عن أي وضع مائي راهن، وبالتالي اتخاذ قرارات تصحيحية فورية وفعّالة. ويترتب على ذلك صعوبة في إدارة أنظمة التحكم والتشغيل بالشكل الأمثل بما فيها إتخاذ القرارات المتعلقة بضمان استمرارية العمل في حالات الطوارئ، وتوفير المياه ونقلها وإعادة توزيعها بين المحافظات، والتنبؤ بسلوك شبكة المياه وتغيّر الطلب على المياه وغيرها من العوامل التشغيلية الحيوية. لذا يجب وتصميم واستخدام أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بهدف معالجة هذه البيانات والمعلومات بما يتيح إمكانية استخدامها والاعتماد عليها، مما يُمكّن جميع المستويات الإدارية من اتخاذ قرارات فورية مبنية على نماذج دقيقة وتحسين موثوقية الخدمة من خلال تطوير وتطبيق العديد من النماذج التشغيلية وتعزيز قدرات تحليل البيانات والكشف المبكّر عن أي خلل في التشغيل المائي ووضع السيناريوهات والحلول الاستباقية لها.
ومن أبرز الفرص التي توفّرها تلك الأدوات والتطبيقات، إعداد خطط التزويد المائي من خلال التنبؤ بالطلب على المياه بين القطاعات المختلفة وفي المواقع الجغرافية والمحافظات، وتحديد ذروات الاستهلاك بدقة وسلوكيات المستخدمين والظواهر الجوية والتغييرات المناخية والحلول الفنية للاستجابة لها. ويتيح ذلك الكشف المبكر عن المشاكل وإجراء تعديلات تلقائية تصحيحية على برامج توزيع المياه وتخزينها ونقلها بمرونة، كما يفتح المجال لتلقي وإرسال تنبيهات آنية حول تحديات التزويد المائي في التجمعات السكانية، مما يساعد على استخدام المياه بكفاءة ويعزّز إجراءات التحوّط والتخطيط المسبق.
كذلك يمكن زيادة موثوقية التزويد المائي لأغراض الشرب من خلال الكشف عن نقاط التسرب والاعتداءات في الشبكة في الوقت الفعلي ضمن نهج أكثر استباقية، مما يساهم في تقليل فاقد المياه، وخفض التكاليف التشغيلية، وزيادة إيرادات المياه المباعة لشركات المياه ويرفع من قدرتها على الاستثمار في وصيانة وتحديث البنية التحتية للمياه. وكذلك تساعد في الحد من هدر المياه بعد وصولها إلى منزل المستهلكين من خلال ربط عدادات وصمامات تدفق المياه بوحدة تحكم ذكية تراقب تدفق المياه لحظياً، وبما يتكامل مع أنظمة الأنابيب القائمة. وتتيح هذه الأنظمة الذكية معرفة التدفق الطبيعي للمياه، واكتشاف الأعطال، وإيقاف تشغيل الأجزاء المتضررة قبل تفاقم المشكلة، مما يعزز من كفاءة التوزيع ويقلل من الأضرار المحتملة.
وتبرز القدرة على تعزيز إدارة مصادر المياه، حيث يمكن التنبؤ بإتجاهات نضوب طبقات المياه الجوفية بناءً على الاستخدامات ونماذج المناخ والنماذج الرياضية، مما يسهم في تحديد مناطق استخراج المياه الجوفية الواعدة والتغذية المستدامة لها، وتوقع سلوك طبقات المياه الجوفية والتنبؤ بتوافر المياه وجودتها، مما يسمح باتخاذ التدابير الوقائية المناسبة للحد من الإفراط في استغلالها وسحبها الجائر. وعلى مستوى الأحواض المائية، يُمكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج تنبؤية لأنظمة المياه، تُعزز من كفاءة واستدامة إدارة الموارد المائية على نطاق واسع، مع مراعاة عوامل رئيسية مثل توافر المياه، والطلب على الري، وجودة المياه، والقيود البيئية.كما تسهم هذه التقنيات في تحسين إدارة ومراقبة استغلال الموارد المائية الإقليمية المشتركة، والتأكد من مدى التزام جميع الأطراف المعنية بالاتفاقيات الموقعة ذات الصلة.
ويمكن توظيف هذه التقنيات في إدارة أنظمة الري في المناطق المرتفعة أو في وادي الأردن بحيث يتم إدماج أنظمة الزراعة بتقنيات القياس الذكي التي ترصد بيانات متعددة من أبرزها درجة الحرارة ورطوبة التربة. ويتيح ذلك تحديد الأوقات المثلى لتزويد التربة بالمياه واستخدام الأسمدة، بما يساهم في تقليل كميات المياه المخصصة للري، مع الحفاظ في الوقت ذاته على حجم الإنتاج الزراعي وجودته.
أمّا التحدي الرئيسي لتوطين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المملكة فهو احتياجها الكبيرة من المياه العذبة لتبريد الخوادم في مراكز البيانات والتي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، ويتم ذلك بواسطة تقنيات التبريد مثل أبراج التبريد التبخري أو التبريد الهوائي المدعوم بالمياه والتي تضبط إرتفاع درجة الحرارة وتضمن استمرارية الأداء ومنع فشل الأنظمة أو تلف البيانات. وتحتاج تلك الخوادم لكمية مياه عذبة تتراوح من 1 – 9 لتر لكل 1 كيلو.وات/ساعة من الطاقة الكهربائية لأغراض التبريد. وهذا يفرض تحدّياً على بلد يعتبر من الأفقر مائياً عالمياً والذي تبلغ حصة الفرد فيه أقل من 60 متر مكعب سنوياً لكافة الاستخدامات، فعلى سبيل المثال تتوقّع وزارة الطاقة الأمريكية أن تستهلك مراكز البيانات في الولايات المتحدة وحدها ما يصل إلى 3,2 مليار متر مكعب بحلول عام 2028 وهو ما يعادل استهلاك مدينة عالمية مثل لندن لمدة 4 أشهر من المياه العذبة.
ويستلزم ذلك البدء منذ الآن في دراسة الاحتياجات المائية المستقبلية، ودمج الطلب على المياه ضمن خطط وموازنات قطاع المياه، مع مقارنته بالموارد المتاحة حاليًا أو المتوقع توفرها مستقبلاً كما وردت في الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه (2023-2040) وأهمها مشروع الناقل الوطني للمياه واستكشاف المياه العميقة ومشاريع الربط الاقليمي. كما يتطلب اعتماد تقنيات ومواصفات فنية لإعادة استخدام المياه وتدويرها في مراكز البيانات، بما يساهم في خفض استهلاك المياه بشكل كبير. إذ تُعد استدامة الموارد المائية أحد أبرز محرّكات النمو الاقتصادي، لما لها من دور حيوي في خلق فرص العمل، وجذب الاستثمارات، وتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي.
وفيما يخص إدارة موارد المياه، تتدفق البيانات والمعلومات حالياً من غرف التحكم الميدانية المنتشرة في المملكة إلى غرفة تحكم وسيطرة وطنية مركزية، عبر شبكات الإتصال وأنظمة سكادا ووسائل المتابعة والمراقبة الدقيقة لكافة مراحل إنتاج ونقل وتوزيع واستهلاك موارد المياه من آبار جوفية وسدود ومحطات ضخ ومعالجة المياه والصرف الصحي وما يزيد عن (15,000) كيلومتر من أنظمة إمدادات وخطوط المياه والصرف الصحي الرئيسية والثانوية التي تعمل بشكل مستمر على مدار الساعة وبواقع (24) ساعة يومياً، عبر مسافات طويلة تتراوح بين (150-350) كلم ومناسيب ضخ تزيد على (1,000) متر طولي بسبب بعد التجمعات السكانية ومراكز المدن الرئيسة عن موارد المياه.
وتشكّل كمية وحجم وتنوّع هذه البيانات والمعلومات الضخمة تحديّاً كبيراً يفوق قدرة أي مشغّل بشري في غرفة التحكم المركزية على معالجتها (Data Processing) لتكوين صورة شاملة ودقيقة عن أي وضع مائي راهن، وبالتالي اتخاذ قرارات تصحيحية فورية وفعّالة. ويترتب على ذلك صعوبة في إدارة أنظمة التحكم والتشغيل بالشكل الأمثل بما فيها إتخاذ القرارات المتعلقة بضمان استمرارية العمل في حالات الطوارئ، وتوفير المياه ونقلها وإعادة توزيعها بين المحافظات، والتنبؤ بسلوك شبكة المياه وتغيّر الطلب على المياه وغيرها من العوامل التشغيلية الحيوية. لذا يجب وتصميم واستخدام أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بهدف معالجة هذه البيانات والمعلومات بما يتيح إمكانية استخدامها والاعتماد عليها، مما يُمكّن جميع المستويات الإدارية من اتخاذ قرارات فورية مبنية على نماذج دقيقة وتحسين موثوقية الخدمة من خلال تطوير وتطبيق العديد من النماذج التشغيلية وتعزيز قدرات تحليل البيانات والكشف المبكّر عن أي خلل في التشغيل المائي ووضع السيناريوهات والحلول الاستباقية لها.
ومن أبرز الفرص التي توفّرها تلك الأدوات والتطبيقات، إعداد خطط التزويد المائي من خلال التنبؤ بالطلب على المياه بين القطاعات المختلفة وفي المواقع الجغرافية والمحافظات، وتحديد ذروات الاستهلاك بدقة وسلوكيات المستخدمين والظواهر الجوية والتغييرات المناخية والحلول الفنية للاستجابة لها. ويتيح ذلك الكشف المبكر عن المشاكل وإجراء تعديلات تلقائية تصحيحية على برامج توزيع المياه وتخزينها ونقلها بمرونة، كما يفتح المجال لتلقي وإرسال تنبيهات آنية حول تحديات التزويد المائي في التجمعات السكانية، مما يساعد على استخدام المياه بكفاءة ويعزّز إجراءات التحوّط والتخطيط المسبق.
كذلك يمكن زيادة موثوقية التزويد المائي لأغراض الشرب من خلال الكشف عن نقاط التسرب والاعتداءات في الشبكة في الوقت الفعلي ضمن نهج أكثر استباقية، مما يساهم في تقليل فاقد المياه، وخفض التكاليف التشغيلية، وزيادة إيرادات المياه المباعة لشركات المياه ويرفع من قدرتها على الاستثمار في وصيانة وتحديث البنية التحتية للمياه. وكذلك تساعد في الحد من هدر المياه بعد وصولها إلى منزل المستهلكين من خلال ربط عدادات وصمامات تدفق المياه بوحدة تحكم ذكية تراقب تدفق المياه لحظياً، وبما يتكامل مع أنظمة الأنابيب القائمة. وتتيح هذه الأنظمة الذكية معرفة التدفق الطبيعي للمياه، واكتشاف الأعطال، وإيقاف تشغيل الأجزاء المتضررة قبل تفاقم المشكلة، مما يعزز من كفاءة التوزيع ويقلل من الأضرار المحتملة.
وتبرز القدرة على تعزيز إدارة مصادر المياه، حيث يمكن التنبؤ بإتجاهات نضوب طبقات المياه الجوفية بناءً على الاستخدامات ونماذج المناخ والنماذج الرياضية، مما يسهم في تحديد مناطق استخراج المياه الجوفية الواعدة والتغذية المستدامة لها، وتوقع سلوك طبقات المياه الجوفية والتنبؤ بتوافر المياه وجودتها، مما يسمح باتخاذ التدابير الوقائية المناسبة للحد من الإفراط في استغلالها وسحبها الجائر. وعلى مستوى الأحواض المائية، يُمكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج تنبؤية لأنظمة المياه، تُعزز من كفاءة واستدامة إدارة الموارد المائية على نطاق واسع، مع مراعاة عوامل رئيسية مثل توافر المياه، والطلب على الري، وجودة المياه، والقيود البيئية.كما تسهم هذه التقنيات في تحسين إدارة ومراقبة استغلال الموارد المائية الإقليمية المشتركة، والتأكد من مدى التزام جميع الأطراف المعنية بالاتفاقيات الموقعة ذات الصلة.
ويمكن توظيف هذه التقنيات في إدارة أنظمة الري في المناطق المرتفعة أو في وادي الأردن بحيث يتم إدماج أنظمة الزراعة بتقنيات القياس الذكي التي ترصد بيانات متعددة من أبرزها درجة الحرارة ورطوبة التربة. ويتيح ذلك تحديد الأوقات المثلى لتزويد التربة بالمياه واستخدام الأسمدة، بما يساهم في تقليل كميات المياه المخصصة للري، مع الحفاظ في الوقت ذاته على حجم الإنتاج الزراعي وجودته.
أمّا التحدي الرئيسي لتوطين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المملكة فهو احتياجها الكبيرة من المياه العذبة لتبريد الخوادم في مراكز البيانات والتي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، ويتم ذلك بواسطة تقنيات التبريد مثل أبراج التبريد التبخري أو التبريد الهوائي المدعوم بالمياه والتي تضبط إرتفاع درجة الحرارة وتضمن استمرارية الأداء ومنع فشل الأنظمة أو تلف البيانات. وتحتاج تلك الخوادم لكمية مياه عذبة تتراوح من 1 – 9 لتر لكل 1 كيلو.وات/ساعة من الطاقة الكهربائية لأغراض التبريد. وهذا يفرض تحدّياً على بلد يعتبر من الأفقر مائياً عالمياً والذي تبلغ حصة الفرد فيه أقل من 60 متر مكعب سنوياً لكافة الاستخدامات، فعلى سبيل المثال تتوقّع وزارة الطاقة الأمريكية أن تستهلك مراكز البيانات في الولايات المتحدة وحدها ما يصل إلى 3,2 مليار متر مكعب بحلول عام 2028 وهو ما يعادل استهلاك مدينة عالمية مثل لندن لمدة 4 أشهر من المياه العذبة.
ويستلزم ذلك البدء منذ الآن في دراسة الاحتياجات المائية المستقبلية، ودمج الطلب على المياه ضمن خطط وموازنات قطاع المياه، مع مقارنته بالموارد المتاحة حاليًا أو المتوقع توفرها مستقبلاً كما وردت في الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه (2023-2040) وأهمها مشروع الناقل الوطني للمياه واستكشاف المياه العميقة ومشاريع الربط الاقليمي. كما يتطلب اعتماد تقنيات ومواصفات فنية لإعادة استخدام المياه وتدويرها في مراكز البيانات، بما يساهم في خفض استهلاك المياه بشكل كبير. إذ تُعد استدامة الموارد المائية أحد أبرز محرّكات النمو الاقتصادي، لما لها من دور حيوي في خلق فرص العمل، وجذب الاستثمارات، وتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي.
نيسان ـ نشر في 2025-06-30 الساعة 13:04
رأي: المهندس إياد الدحيات