اتصل بنا
 

من 'رائحة الجوارب' إلى 'قبلة تشانكايا': خطاب كمالي في زمن الانفصال عن الشعب

نيسان ـ نشر في 2025-07-07 الساعة 20:10

x
نيسان ـ ارس لي صديق من تركيا هذه الصورة الصحفية التركية تتهجم على الله والاسلام والعرب
. وهذا ردي عليها.
من "رائحة الجوارب" إلى "قبلة تشانكايا": خطاب كمالي في زمن الانفصال عن الشعب
بقلم: د. وليد العريض
في خضم التوترات السياسية والاجتماعية التي تشهدها تركيا الحديثة، تتعالى بين الفينة والأخرى أصوات من بعض رموز حزب الشعب الجمهوري (CHP)، تحمل في طياتها لغة صادمة، لا تستهدف الخصوم السياسيين فقط، بل تمسّ هوية الأمة ومرجعياتها الدينية والثقافية.
فبينما تزداد حاجة المواطن التركي إلى لغة جامعة تؤسس لحوار وطني يعترف بتنوع البلاد وتاريخها العريق، يصرّ البعض – ممن يرون أنفسهم ورثة الفكر الكمالي – على إشعال الجدل من خلال تصريحات تُقارب المقدّسات بسخرية جارحة وتُعامل الإسلام على أنه عبء تاريخي لا بد من التخلص منه.
حين يتحول الدين إلى مادة للتندر
في واحدة من أكثر التصريحات إثارة، شبّه النائب فاتح رفقي أتاي الإسلام بـ"رائحة الجوارب" تعبيرًا يشي بازدراء لا يليق بمقام الدين ولا بموقع المتحدث. وسواء كان ذلك مجازًا لغويًا سيئ الصياغة أو رأيًا شخصيًا أُطلق دون تمعن، فإن اختزال الدين إلى روائح كريهة يفضح قطيعة نفسية وثقافية مع وجدان الأغلبية الساحقة من الشعب.
النائب شمس الدين غون ألطاي لم يكن أقل استفزازًا حين أعلن صراحة أن "الآيات لا تعنيه"، وهو تصريح لا يثير فقط الأسئلة حول علاقة السياسي بالتراث الروحي لشعبه، بل يضع علامات استفهام حول موقع الدين من المشروع الجمهوري في نسخته الكمالية المتطرفة.
أما النائب ر. أحمد سفنجل، فقد تجاوز حدود اللغة السياسية حين قال: "أسقطنا الله من عرشه مع السلطان" في مشهد لغوي لا يخلو من التهور، يمزج بين الفكرة الجمهورية ومقولات أقرب إلى العبث اللاهوتي.
تشانكايا(القصر الجمهوري التركي) بدل الكعبة؟!
الأكثر وضوحًا في الفصل بين الهوية التركية والإسلامية كان النائب كمال الدين كامو حين صرّح بأن "الكعبة للعرب، وتكفينا تشانكايا". هذه الجملة تختصر بشكل فاضح موقفًا سياسيًا يرى في الدين عنصرًا غريبًا عن المشروع القومي التركي ويستبدل الرمزية الروحية الكونية للكعبة بمكان سياسي يحمل طابعًا محليًا ونخبويًا.
تصريحات أخرى تذهب في الاتجاه ذاته كمقولة النائب شرف آيكوت: "الإسلام قد انهار" والتي تعكس رؤية سوداوية تُشبه تمنيات أكثر مما تعكس واقعًا. إذ ما زال الإسلام حاضرًا بقوة في الوجدان التركي، من صوت الأذان إلى صلوات الجدات ومن مظاهر التدين الشعبي إلى الحضور السياسي للمؤسسات الدينية.
العداء الموروث... يتجدد في الجينات؟
حتى الجيل الجديد من كوادر الحزب لم يتردد في التعبير عن نزعة عدائية تجاه الإسلام، حيث صرح أحد النواب بأن "دورات القرآن للأطفال بين 4-6 سنوات تُجسّد عقلية القرون الوسطى" متجاهلًا أن هذه الفئة العمرية تتعلم في المجتمعات الغربية الحروف والرموز الدينية والأخلاقية وفقًا لهويتها الثقافية.
والمفاجأة الكبرى كانت من نائبة (لم تُذكر باسمها) قالت: "ما هذا الإله الذي أقسم أن يُفسد تركيا؟"، وهو تصريح يُقارب الكفر السياسي إن صح التعبير، لا لأنه يختلف مع مفهوم ديني بل لأنه يضع الذات البشرية في موقع الحاكم على الله وهي مغالطة لاهوتية وأخلاقية قبل أن تكون سياسية.
وختامًا نقول : إن صراع الانتماء لا يزال قائمًا
لسنا هنا في معرض الدفاع عن حزب سياسي بعينه، فالنقد يجب أن يطال الجميع، بما في ذلك حزب العدالة والتنمية ومواقفه الإشكالية في ملفات عديدة. لكن أن يصبح الدين – أي دين – هدفًا لتصفية الحسابات السياسية، فذلك مؤشر خطير على انفصام بعض النخب عن الواقع الشعبي والثقافي التركي.
تركيا ليست دولة دينية لكنها بالتأكيد ليست دولة بلا روح. ومهما تغيرت الحكومات والدساتير، فإن صوت الأذان، وحب القرآن والحنين إلى قيم الأسرة والرحمة، سيبقى جزءًا من النسيج التركي... رغِب من رغِب، وكره من كره.

نيسان ـ نشر في 2025-07-07 الساعة 20:10

الكلمات الأكثر بحثاً