اتصل بنا
 

المعلم يضرب.. الصحفي يضرب.. الدور على مين؟

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2025-07-09 الساعة 09:10

نيسان ـ عندما تعرض الزميل فارس حباشنة لاعتداء جسدي، أُدخل على إثره المستشفى. لا اعرف لماذا قفزت إلى ذهني ظاهرة لا تقل غرابة: الاعتداء على المعلمين.
لا تستغربوا من هذا الكلام نعم، المعلم، ذلك الكائن المهيب الذي كنا نرسمه بشخصية صارمة في دفاترنا، ونكتب تحته "شمعة تحترق لتضيء للآخرين" بات اليوم أقرب إلى شخصية مهمله او ضحية بيد طالب غاضب أو ولي أمر أكثر غضبًا.
وبالمناسبة، لمن لا يعلم، فإن مهنة الصحافة هي امتداد طبيعي لمهنة التعليم، مع فارق بسيط: المعلم يشتم في الفصل، أما الصحفي فله شرف أن يشتم على الهواء مباشرة، المعلم يحارب الجهل، والصحفي يحارَب بسبب فضحه لهذا الجهل والجاهلين والفاسدين .
وبما ان الصحفي والمعلم هما وجهان لعملة واحدة اسمها "الوعي"، ويبدو أن هناك من يفضل أن تبقى هذه العملة خارج التداول. واستبدالها بعملة الجهل والعصبية ..
أما عن الرابط بين حادثة الاعتداء على الزميل فارس، والاعتداء على المعلمين، فهو ليس رابط دم أو نقابة، بل رابط أخلاقي، يخص منظومة كاملة بدأت تتفسخ بهدوء.. وبدون أن يطلب أحد الإسعاف. فالمعلم الذي كنا نقف له احترامًا، أصبح يقف أمام المحكمة. والصحفي الذي كنا ننتظر مقاله، أصبح ينتظر دوره في الطوارئ.
المنحدر الذي ننزلق فيه سلس، ومزود بخدمة الدفع العشائري، وضمانات "الإفلات من العقاب" لكل من يرى أن النقد مؤامرة، وأن السؤال تهديد أمني. وما نراه اليوم ليس حالات فردية، بل أعراض مرض مزمن أصاب التعليم، والإعلام، والمجتمع كله.
باختصار، إذا استمر الحال على ما هو عليه، فلا تستغرب إن جاء اليوم الذي نرى فيه رجل الأمن يُضرب لأنه "رفع حاجبه" دون إذن، أو يعتدى على كتاب التربية الوطنية لأنه تجرأ وقال "المواطنة حق وواجب، ومحاربة الفساد قمة المواطنة .
قد يرى البعض أن الإعلام أصبح ضعيفًا، لكنه في الحقيقة ركيزة لا غنى عنها. الصحفيون ليسوا فقط شهودًا على ما يجري، بل هم من يملكون القدرة على رسم صورة المستقبل، وكشف ما يغيب عن العيون.
ما نحتاجه اليوم، ليس فقط قوانين أكثر صرامة، بل وعي جمعي يعيد الاعتبار لأصحاب الرسالة وشهود الحقيقة، ويؤسس لمنظومة أخلاقية تحمي المجتمع من التفكك.

نيسان ـ نشر في 2025-07-09 الساعة 09:10


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً