اتصل بنا
 

الحرب الإسرائيلية الإيرانية تكشف هشاشة 'التحالف الثلاثي'

نيسان ـ نشر في 2025-07-09 الساعة 12:37

x
نيسان ـ رغم أن الصراع الأخير بين الكيان الصهيوني وإيران لم ينقض عليه أكثر من أسابيع، فإن تداعياته باتت محسوسة في أنحاء الشرق الأوسط، بل وتجاوزت حدوده الإقليمية.
وفي هذا الإطار، يرى إيلان بيرمان، نائب الرئيس الأول في مجلس السياسات الخارجية الأمريكية في واشنطن، في مقاله بموقع مجلة "نيوزويك": أن هذه الحرب، التي استمرت 12 يوماً، أعادت رسم توازنات الردع، وكشفت عن هشاشة التحالف الثلاثي بين إيران وروسيا والصين.
ضربة موجعة للبرنامج النووي الإيراني
وأشار بيرمان إلى أن الحملة العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن إلحاق ضرر بالغ ببرنامج إيران النووي، مما أخّر طموحاتها النووية لسنوات مقبلة. وفي الوقت ذاته، أعادت إسرائيل ترسيخ موقعها الإقليمي، من خلال حملة عسكرية حاسمة ضد الجمهورية الإسلامية، بعد أشهر من الارتباك في غزة.

أما الولايات المتحدة، فقد أثبتت، بحسب بيرمان، جديتها في منع إيران من امتلاك سلاح نووي "بأي وسيلة كانت"، وهو ما استوقف العواصم الإقليمية، ودفع بعضها إلى إعادة التفكير في الآمال المرتبطة بتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام.
الحياد الروسي الصيني: صدمة صامتة
أما المفاجأة الأبرز في هذا الصراع، حسب الكاتب، لم تكن في ما وقع، بل في ما لم يقع. فبالرغم من المخاوف السابقة من أن تدخل إسرائيل في مواجهة مباشرة مع إيران قد يستدرج روسيا أو الصين للدفاع عن طهران، فإن أياً من القوتين لم تتحرك بشكل فعلي.
أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القصف الإسرائيلي، وأصدرت وزارة خارجيته بياناً رسمياً يندد بالهجوم. وكذلك فعلت بكين، إذ وصف وزير خارجيتها وانغ يي الغارات الإسرائيلية بأنها "غير قانونية" وطالب باحترام "سيادة" إيران، ولكن بقيت هذه المواقف في نطاق البيانات الدبلوماسية، دون أن تُترجم إلى دعم ميداني فعلي.
غياب الدعم التقني والميداني
ولفت الكاتب النظر إلى أن موسكو لم تمدّ إيران بأي أنظمة دفاع جوي نوعية كانت لتُحدث فرقاً في مواجهة الطائرات الإسرائيلية. كما أن بكين لم تُشغّل قدراتها الهائلة في الحرب الإلكترونية لحماية حليفها الإيراني، رغم توقيعها مع طهران اتفاقاً استراتيجياً طويل الأمد بقيمة 400 مليار دولار عام 2021.

هذا الغياب عن ساحة المعركة يثير تساؤلات جوهرية، حسب بيرمان، حول مدى عمق التحالف الثلاثي الذي كانت معالمه تبدو أكثر تماسكاً في السنوات الأخيرة.
التعاون الثلاثي حدود لا يمكن تجاوزها؟
ونوّه بيرمان بالدور الذي لعبته إيران في دعم روسيا خلال غزو أوكرانيا، من خلال تزويد موسكو بتكنولوجيا الطائرات المسيّرة ومواد عسكرية أخرى، كان لها تأثير بالغ في العمليات ضد كييف. أما الصين، فقد قدمت دعماً لوجستياً وصناعياً واسعاً لصناعة الدفاع الروسية، تحت مظلة الشراكة "بلا حدود" بين البلدين.
وتعمّق التعاون بين الدول الثلاث ضمن منتديات مثل منظمة شنغهاي للتعاون، كما تكررت مناوراتهم العسكرية البحرية، مثل التدريبات التي جرت في خليج عمان مطلع العام الجاري. كذلك شارك الثلاثي، كما يقول بيرمان، في حملات إعلامية منسقة لنشر روايات مضللة عن جائحة كوفيد-19 واتهام الغرب بالإمبريالية.
كل ذلك كان يوحي بتبلور "محور سلطوي" جديد يسعى إلى تقويض النظام الدولي الليبرالي. غير أن الصراع الإيراني الإسرائيلي الأخير، وفق الكاتب، كشف عن خطوط حمراء لم تكن واضحة من قبل.
لماذا تراجعت موسكو وبكين؟
يرى بيرمان أن التفسيرات متعددة. فبعض المحللين، مثل آنا بورشيفسكايا من معهد واشنطن، يعتبرون أن روسيا تفضل بقاء الأنظار منشغلة في الشرق الأوسط، مما يمنحها هامشاً أوسع للتحرك ضد أوكرانيا دون تدخل دولي ضاغط. والأمر نفسه ينطبق على الصين، التي تزداد طموحاتها العلنية بشأن تايوان.

من جهة أخرى، كما تقول زينب ريبوعا من معهد هدسون، فإن إيران المشتتة عسكرياً والضعيفة إقليمياً باتت أقل فائدة لموسكو وبكين. فبعدما تلقت ضربة موجعة من إسرائيل، فقدت طهران الكثير من قيمتها كشريك استراتيجي، ما جعل الطرفين يعيدان تقييم موقفهما تجاهها، ويختاران البقاء على الهامش.
المحور له حدود
وقال إيلان بيرمان إن حرب الشرق الأوسط الأخيرة كشفت عن حدود واضحة للمحور السلطوي الثلاثي الناشئ. صحيح أن التنسيق بين روسيا والصين وإيران لم يختف، لكنه – كما يبدو – غير مرن ولا يشمل التزامات متبادلة غير مشروطة.
واختتم بيرمان مقاله بدعوة إلى واشنطن وشركائها الدوليين لاقتناص هذه اللحظة، واستثمار التصدعات داخل هذا التحالف المعادي للغرب.

نيسان ـ نشر في 2025-07-09 الساعة 12:37

الكلمات الأكثر بحثاً