الغابة التي لا يستجاب فيها الدعاء (9)
كهنة الخرائط وحدود الدم
نيسان ـ نشر في 2025-07-10 الساعة 08:25
نيسان ـ في مغارةٍ باردةٍ تقع في باطن الغابة الكبرى اجتمعت مجموعة من المخلوقات الغامضة كانوا يُلقَّبون بـ"كهنة الخرائط". لا أحد يعرف تمامًا كيف جاؤوا ولا متى بدأت طقوسهم، لكنهم كانوا يُمسكون بأوراقٍ قديمةٍ مملوءة بالخطوط والمنحنيات، يرسمون الحدود وكأنها أوامر سماوية.
لم يكونوا يهتمون إن كانت شجرةٌ مقطوعة أو أنينٌ يصدر من تحت الرماد. كانوا يهتمّون فقط بأن لا يتجاوز أحدٌ الحدّ المرسوم بالحبر الأحمر وإن كان على جُرح.
قال كبيرهم ذات مرة وهو يُمسك بفرجاره المقدّس: "المنسيّة ليست خارج حدودنا فقط، بل خارج اهتمامنا."
وكانوا يُمسكون بالمساطر، يمددون الخطوط فوق خرائط من جلد قديم ويتجاهلون دم العصافير الذي لطّخ الزوايا.
في كل اجتماع، يتلون تعاويذهم: "الاستقرار أولاً، الحدود ثانيًا، والعدالة مؤجّلة إلى حين إشعار آخر."
وحين سألهم سنجاب صغير: لكن لماذا لا تعيدون رسم الخريطة بما يتناسب مع الألم؟ نظر إليه أحد الكهنة بازدراء وقال: الخرائط لا تُرسم بالبكاء.
كانوا يُقدّسون الخطوط أكثر من الأشجار ويخافون من التعديل أكثر مما يخافون من الوحوش.
وحين اشتد النزيف في المنسيّة، عُقد مجلسٌ طارئ للكهنة وخرجوا بقرار حاسم: لا تغيير في الخرائط. كل شيء تحت السيطرة. وكل نقطة دم ستُحسب لاحقًا في بند التعويضات.
وسُجِّل في تاريخ الغابة أن كهنة الخرائط حافظوا على النظام ولو على حساب الحقيقية.
24-6-2025
لم يكونوا يهتمون إن كانت شجرةٌ مقطوعة أو أنينٌ يصدر من تحت الرماد. كانوا يهتمّون فقط بأن لا يتجاوز أحدٌ الحدّ المرسوم بالحبر الأحمر وإن كان على جُرح.
قال كبيرهم ذات مرة وهو يُمسك بفرجاره المقدّس: "المنسيّة ليست خارج حدودنا فقط، بل خارج اهتمامنا."
وكانوا يُمسكون بالمساطر، يمددون الخطوط فوق خرائط من جلد قديم ويتجاهلون دم العصافير الذي لطّخ الزوايا.
في كل اجتماع، يتلون تعاويذهم: "الاستقرار أولاً، الحدود ثانيًا، والعدالة مؤجّلة إلى حين إشعار آخر."
وحين سألهم سنجاب صغير: لكن لماذا لا تعيدون رسم الخريطة بما يتناسب مع الألم؟ نظر إليه أحد الكهنة بازدراء وقال: الخرائط لا تُرسم بالبكاء.
كانوا يُقدّسون الخطوط أكثر من الأشجار ويخافون من التعديل أكثر مما يخافون من الوحوش.
وحين اشتد النزيف في المنسيّة، عُقد مجلسٌ طارئ للكهنة وخرجوا بقرار حاسم: لا تغيير في الخرائط. كل شيء تحت السيطرة. وكل نقطة دم ستُحسب لاحقًا في بند التعويضات.
وسُجِّل في تاريخ الغابة أن كهنة الخرائط حافظوا على النظام ولو على حساب الحقيقية.
24-6-2025
نيسان ـ نشر في 2025-07-10 الساعة 08:25
رأي: د. وليد العريض