اتصل بنا
 

السويداء في عين العاصفة.. مخطط إسرائيلي لتقسيم سوريا وتهديد الأمن الأردني

نيسان ـ نشر في 2025-07-16 الساعة 20:44

x
نيسان ـ إبراهيم قبيلات..
ليست الرصاصة الأولى التي أُطلقت في السويداء مجرد حدث عابر في سلسلة العنف الدائر في جنوب سوريا، بل هي مؤشر خطير على بداية تنفيذ مخطط إسرائيلي طال انتظاره. فما يحدث في هذه المحافظة السورية اليوم يتجاوز الاشتباكات الداخلية بين الفصائل، ليمثل محاولة ممنهجة لخلق واقع جديد يقسم سوريا ويُضعف محور المقاومة، مع ما يحمله ذلك من تهديدات مباشرة للأردن.
نعم، السويداء اليوم ساحة الصراع بين الانفصاليين والوطنيين. ففي خضم الأزمة، برز في السويداء اتجاهان متعارضان: الأول يدعو إلى الانفصال عن دمشق والارتباط بإسرائيل تحت ذرائع مختلفة، بينما يرفض الآخر أي شكل من أشكال التطبيع أو التواطؤ مع العدو الإسرائيلي.
الفئة الأولى، التي تتبنى خطاباً انفصالياً، تسعى إلى تحويل السويداء إلى "إقليم مستقل" تحت الحماية الدولية، وهو ما يتوافق تماماً مع الرؤية الإسرائيلية الرامية إلى تفكيك سوريا إلى كانتونات طائفية وعرقية.
أما الفئة الثانية، والتي تنتمي إلى نفس المكون الاجتماعي، فتؤكد على وحدة الأرض السورية وترى في المشروع الانفصالي خيانةً لا تغتفر.
لا تخفي إسرائيل سعيها إلى استغلال الأزمات الداخلية في سوريا لتحقيق مكاسب إستراتيجية. فبعد فشل مشروعها في درعا، تتجه الأنظار نحو السويداء كهدف جديد. بنيامين نتنياهو، الذي يسعى دائماً إلى تقديم نفسه كـ"بطل" لحماية الأقليات، يريد تصوير التدخل الإسرائيلي المحتمل على أنه "إنقاذ" لأهالي السويداء، بينما الهدف الحقيقي هو خلق كيان موال لإسرائيل على حدود الأردن.
هذا المخطط لا يقتصر على السويداء، بل هو جزء من خطة أكبر تهدف إلى تطويق الأردن من الشمال والغرب، عبر إقامة كيانات هشة مرتبطة أمنياً واقتصادياً بإسرائيل.
وإذا ما نجحت هذه الخطة، فإن درعا ستكون المحطة التالية، مما يعني إحكام الطوق حول الأردن وسوريا معاً.
لا يمكن للأردن أن يبقى مجرد متفرج على ما يحدث في السويداء، فالتداعيات الأمنية والاقتصادية المترتبة على أي تصعيد ستطال المملكة مباشرةً. فمن الناحية الأمنية، قد يؤدي اشتعال الوضع في جنوب سوريا إلى موجات نزوح جديدة أو تسلل عناصر مسلحة عبر الحدود. أما اقتصادياً، فإن تعطيل طرق التجارة مع سوريا سيفاقم الأزمات المعيشية في الأردن، ناهيك عن التكاليف الباهظة لأي موجة لجوء جديدة.
ورغم كل هذه التحديات، تبقى العلاقات الأردنية-السورية عنصراً حاسماً في مواجهة المخطط الإسرائيلي.
فدمشق، رغم كل الخلافات، هي شريك إستراتيجي في الحفاظ على استقرار المنطقة، وأي انهيار فيها سيكون له ارتدادات خطيرة على الأردن.
إسرائيل لا تكتفي باحتلال الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين، بل تعمل على تحويل كل بؤرة توتر في المنطقة إلى أزمة تخدم مشروعها التوسعي.
والسويداء اليوم ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من الأجندات الإسرائيلية التي تستهدف تفكيك الدول العربية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سينجح العرب في كشف هذه اللعبة قبل فوات الأوان؟ أم أن التشرذم والصراعات الداخلية ستمنح إسرائيل الفرصة الذهبية لتحقيق أحلامها التقسيمية؟ الأردن، الذي يدرك جيداً حجم المخاطر، مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتبني سياسة خارجية نشطة، تعزز التنسيق مع دمشق وتحاصر أي محاولات لتمزيق سوريا، لأن سقوطها سيكون بداية لزلزال إقليمي لن ينجو أحد من تداعياته.

نيسان ـ نشر في 2025-07-16 الساعة 20:44

الكلمات الأكثر بحثاً