اتصل بنا
 

ضعف السلطة يدفع الصهاينة لفكرة “الفيدرالية” مع الأردن

نيسان ـ نشر في 2025-07-20 الساعة 09:16

نيسان ـ بعيدًا عن الانفعالات والعواطف علينا أن نعترف بأن تحول السلطة الفلسطينية إلى وكيل أمني للاحتلال يعمل لصالحه بالباطن، وعدم قيامها بأي دور يذكر في وقف عمليات القتل والاعتقالات وتهجير سكان المخيمات، وهدم المباني وتجريف الطرقات ومصادرة الأراضي وإقامة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، هذه السلبية المتعمدة والمنهجية تضعف موقف الأردن وتهدد أمنه واستقراره.
فما يحدث في الضفة الغربية هو أشد خطرًا مما يحدث في قطاع غزة؛ فالضفة الغربية هي الجائزة الكبرى التي تسعى دولة الاحتلال للحصول عليها كاملة ضمن مشروعها الاستيطاني الاستعماري التهويدي للتخلص من أكبر عدد من الفلسطينيين وتقليص مساحة الأرض التي يسكنها الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى الحد الأدنى كل ذلك على حسب الأرض العربية.
وباتت السلطة الفلسطينية خارج الزمن وخارج الحسابات العربية والدولية، فهي سلطة فاسدة مترهلة يقودها عجزة يعيشون في عالم مواز غير واقعي، وهي أشبه بمجلس بلدي أو قروي لا أحد يعبا به.
لذلك تدور نقاشات عديدة في دولة الاحتلال ورعاتها في الولايات المتحدة الأمريكية حول مصير هذه السلطة، وكيفية التخلص منها رغم أنها تقوم بدور أمني واستخباراتي مهم ومحوري للاحتلال، لكن المتعاون حين يصبح عبئًا فإن من يشغله يبدأ في التفكير في التخلص منه.
ويتواصل النقاش الإسرائيلي في مستقبل المنظومة السياسية التي ستقود قطاع غزة والضفة الغربية في اليوم التالي لانتهاء الحرب، ومن المقترحات التي يتم تداولها في أروقة القرار البحث عن صيغة جديدة لفكرة الاتحاد الأردني الفلسطيني، وعن اتفاقيات مع السلطة الفلسطينية بشأن قضايا مختلفة.
ميشكا بن دافيد المسؤول السابق في جهاز الموساد شَخَّص في مقال نشرته صحيفة “معاريف” العبرية الواقع التالي: “إسرائيل غير راغبة في بقاء حماس كقوة عسكرية وحاكمة في غزة، فيما الحركة ليست مستعدة لنزع سلاحها، ولن تكون هناك قوة عربية أو دولية مستعدة للسيطرة على القطاع طالما لم يتم نزع سلاحها، صحيح أن السلطة الفلسطينية راغبة وقادرة، لكنها تطالب بدولة في المقابل، أما إسرائيل فتعارض ذلك، وهذا يعني البقاء في دورة استمرار القتال”.
بن دافيد يقترح مخرجًا يتمثل في “فكرة الاتحاد الأردني الفلسطيني”، وهي فكرة خيالية واهمة سبق أن أعلن الأردن رفضها ضمن معادلة معلنة رسميا تقول بأن “الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين”. وهو يستعرض مشاريع الوحدة بين الأردن وفلسطين ومن بينها ما طرح في عام 1972 بإنشاء اتحاد بين الأردن وفلسطين، لكن الخطة لم تحظ بدعم عربي في حينه، فتم التخلي عنها.
وأشار إلى أنه “بعد حرب لبنان 1982، عاد الحديث عن فكرة الاتحاد الفيدرالي، وطالب الفلسطينيون في وقت لاحق بتغيير هذا الوضع إلى اتحاد كونفدرالي، حيث يكون كل جانب حرا في الانفصال عن الاتحاد، وأرجأ ياسر عرفات توقيع الاتفاقية، وأعلن الأردن انسحابه منها، وفي 1988 أعلن فك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية”.
وزعم أنه “يمكن عودة فكرة الفيدرالية للواجهة اليوم، ليس فقط فيما يتصل بغزة، بل أيضًا بالضفة الغربية؛ لأن الوضع الاستيطاني في عهد الحكومة الحالية يحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويمكن أن تشمل المنطقة الفلسطينية في الاتحاد المنطقتين (أ) و(ب)، ما من شأنه أن يوقف الضم التدريجي، ويشكل بديلًا عن الدولة الفلسطينية، على أن يتم ضم قطاع غزة، دون محيطه، للاتحاد كمنطقة ثالثة”، بحسب زعمه.
وبين أنه “مقابل المستوطنات التي ستضمها إسرائيل، ستحصل الفيدرالية على تعويضات إقليمية، مع أن الحل ليس بسيطًا، لأن تحويل الأردن والضفة وغزة لكيان فيدرالي واحد سيزيد بشكل كبير نسبة الفلسطينيين في الأردن الذي سيطالب بمزيد من الفوائد والضمانات، وستكون هناك حاجة لاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية، وحل لقضية القدس، وترتيبات المرور بين أجزاء الاتحاد، ووضع خطط لإعادة إعمار غزة، وترتيبات أمنية مع إسرائيل، مما سيسمح بالحصول على دعم السعودية والجامعة العربية والتطبيع الذي طال انتظاره”.
ما طرحه بن ديفيد لا يبدو بعيدًا عن تفكير الحركة الصهيونية العالمية التي تسعى منذ أكثر من 100 عام إلى إلغاء وجود الشعب الفلسطيني، وتبدو الظروف السيئة والكارثية التي يعيشها العالم العربي حكومات وشعوبا مهيئة للكيان الصهيوني ومشروعه الاستعماري لوضع حل نهائي لهذه القضية والتوسع جغرافيا في الدول المحيطة، سوريا ولبنان.
هل إعادة الحديث عن دور أردني في الضفة الغربية هو بالون اختبار صهيوني، أم عملية تمهيد لفرض أمر واقع يأتي لاحقا ضمن خطة واسعة لإعادة ترتيب خرائط المنطقة ضمن ما اصطلح عليها “سايكس بيكو” الثانية، كما هدد مبعوث ترامب لبنان بإعادته إلى “الشام”؟
الدولة الأردنية تعي تمامًا بأن أي خلخلة في التركيبة السكانية في الضفة الغربية ستكون عامل توتر، وعدم استقرار في الساحة الداخلية الأردنية، ولن يسمح الأردن الرسمي والشعبي بالبعث بجبهته الداخلية وسبق أن أعلن الأردن ذلك بطريقة حاسمة لا تقبل الجدل، وما يعلنه الصهاينة ليس سوى نوع من الضغط ربما يكون باتجاه ملفات اخرى بعيدا عما يعلن عنه.
مصنف في:المقالات

نيسان ـ نشر في 2025-07-20 الساعة 09:16


رأي: علي سعادة

الكلمات الأكثر بحثاً