كل شيء عن معارك القلمون.. النصرة وحزب الله والأسد
نيسان ـ وكالات / نيسان ـ نشر في 2015-05-08 الساعة 21:06
صحيح أنّ معركة رابحة هنا ومعركة خاسرة هناك لا تُغيّر مجريات حرب واسعة، بل تدخل في السياق الطبيعي لمُطلق أيّ حرب، لكنّ الأصحّ أنّها تُؤشّر إلى مَنحى مُحدّد تسلكه الحروب الطويلة لصالح هذه الجهة أو تلك في فترات زمنيّة مُعيّنة. وفي الأسابيع والأشهر القليلة الماضية، مالت التطوّرات الميدانية في سوريا لغير صالح النظام والجيش السوريّين في أغلبيّة المواجهات التي وقعت مع استثناءات طفيفة.
وتعتبر منطقة القلمون منطقة إستراتيجية ومهمة بسبب موقعها الجغرافي، حيث تقع على الحدود مع القرى اللبنانية الموالية لحزب الله، كما تشرف على الطريق الدولية دمشق حمص، وتمتد من ريف حمص (وسط سوريا) شمالا حتى أطراف غوطة دمشق الغربية جنوبا، بالإضافة إلى أنها تشكل طريق إمداد حزب الله بين لبنان والداخل السوري.
يتوقع المراقبون أن تشهد المعركة ارتفاعا مضطردا في مجرياتها، لكنها لن ترجح كفة أحد الطرفين أمام الآخر بسهولة، فاستناد المسلحين إلى تقدمهم في جبهات سوريا الشمالية لإحداث ثقل معنوي لتحركهم، سيقابله تشبث الجيش السوري بالسلسلة الحدودية المشرفة على طرق ومحاور استراتيجية.
النظام السوري يأمل ان تكون القلمون القصير الأخرى تلك التي هزمت فيها الثوار قبل نحو العامين..
جبهة النصرة التي يروى عنها أنها تتباين مع "داعش" بشأن مسعى ضم لبنان إلى ولايتها، تطمع في لبنان مقراً وممراً لتزويدها بالمناصرين ونصرتها بالمال والعتاد. فهي تطمع في التوسع إلى لبنان لإضعاف حزب الله وإرهاب بيئته.
فما هي الوقائع التي تؤكّد كل ذلك، وماذا يعني في المُقابل انتصار الجيش السوري والقوى الحليفة له في معركة القلمون الحالية.. أو خسارته لها؟
أوّلاً: على الجبهة الجنوبية في سوريا، سَقطت في الأسابيع القليلة الماضية "بصرى الشام" والقلعة التاريخية في ريف درعا بيد الجماعات المُسلّحة المعارضة للنظام. وتلا ذلك سقوط معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، ليُستكمل الحصار البرّي المفروض على سوريا من مختلف الجهات، مع استثناءات محدودة، أبرزها المعابر مع لبنان.
ثانياً: على الجبهة الشمالية في سوريا، سقطت مدينة إدلب بيد المعارضة، وتلا ذلك سقوط مدينة "جسر الشغور" وإرتفاع فرص خروج كامل محافظة إدلب عن سيطرة النظام السوري، لولا المُسارعة إلى إرسال وحدات قتالية كبيرة لوقف هجوم وتقدّم المُسلّحين، علماً أنّه يُوجد أكثر من تقرير يتحدّث عن وصول مقاتلين من "حزب الله" إلى محيط جسر الشغور، وهي من المواقع التي قصدها أمين عام "الحزب" السيد حسن نصر الله من دون أن يُسميّها، عندما تحدّث أخيراً عن تواجد لمقاتليه في مواقع في سوريا لم يتواجدوا فيها في السابق.
ثالثاً: بالنسبة إلى الهجمات الكبيرة التي نفّذها الجيش السوري، فهي تركّزت على الجبهة الجنوبية في مثلّث درعا – القنيطرة – ريف دمشق، وقد نجحت القوى المُهاجمة في إخراج المُسلّحين من العديد من البلدات والمزارع، لكن الهجوم الذي حُشدت له وحدات كبيرة، واستغرق الإعداد له فترة طويلة، لقي مُقاومة شرسة وسرعان ما توقّف من دون تحقيق نتائج إستراتيجيّة كبيرة. لكن النظام السوري سارع إلى التقليل من الفشل في التقدّم جنوباً، بالإعلان أنّ العمليّة العسكرية كانت فقط لفرض خط دفاعي متماسك، يحول دون تعرّض العاصمة دمشق لهجوم من المُسلّحين انطلاقاً من مواقعهم الجنوبيّة.
رابعاً: في الوقت الذي كانت فيه الأنظار مُتجهة جنوباً، فاجأ الجيش السوري المعارضة بهجوم كبير ومباغت في ريف حلب الشمالي، ووصل إلى بُعد نحو ثلاثة كيلومترات عن بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين، قبل أن يتعرّض لهجوم مُضاد أخرجه من مختلف البلدات والقرى التي كان قد استعادها من الجماعات المُسلّحة، مع تسجيل سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من الطرفين.
وبالتالي، وبعيداً عن بعض معارك الكرّ والفرّ الصغيرة هنا وهناك، وعن نظريّات التدخّل التركي والأردني، أثبتت الوقائع الميدانية في الأشهر الثلاثة الأخيرة تراجع الجيش السوري إلى الوضعيّة الدفاعيّة في أكثر من منطقة، وفشله في إحراز تقدّم يُذكر في الهجمات الكبيرة والأساسيّة التي نفّذها، من دون أن يعني ذلك تغيّراً إستراتيجياً في موازين القوى على الأرض السورية، علماً أنّ المواجهات الأخيرة تُمثّل دليلاً على أنّ العمل على تغذية الحرب مُستمرّ، وستبقى مفتوحة في المستقبل القريب، في ظلّ انسداد أفق الحل السياسي. وإذا كان وصول صواريخ متطوّرة مُضادة للدروع إلى أيدي الجماعات المُسلّحة قد لعب دوراً مهماً في تعديل موازين القوى، فإنّ الأحاديث تزداد بشأن دراسة جدّية لإمكان مدّ المعارضة بصواريخ أرض-جوّ عالية الفعّالة، علماً أنّ حصول ذلك سيعني فقدان النظام السوري تفوّقه الجوّي الحاسم.
معركة القلمون الحالية
وبالانتقال إلى تطوّرات معركة القلمون الحالية، فهي بالفعل غير مرتبطة بالمعارك السابقة، ولا تُمثّل ردّاً من قبل النظام وحلفائه على الخسائر على جبهات أخرى، حيث أنّ حساباتها مُختلفة وأهدافها أيضاً، والتحضيرات لها سبقت المعارك الكبيرة التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية في الجنوب والشمال السوري.
وكانت المعارك في جرود القلمون تدور على تلال وهضاب إستراتيجيّة مُحدّدة، لجهة اعتماد سياسة "القضم المُتتالي" لنقاط إستراتيجيّة، من دون أن تبلغ بعد مرحلة الهجوم الشامل من مختلف الجهات. وفي الوقت الذي تمّ فيه تسجيل خسائر بشريّة عالية في صفوف كل من المُهاجمين والمُدافعين، تمكّن الجيش السوري وقوّات "حزب الله" من إحراز تقدّم ميداني كبير على أكثر من تلّة مُهمّة، علماً أنّ القوى المهاجمة اختارت بدء المعركة بنصر ميداني-معنوي عبر استهداف جرود عسال الورد التي تقع في مكان وسطي بين بلدتي يبرود ورنكوس، وكلاهما تحت سيطرة النظام السوري و"الحزب" منذ أكثر من عام، لا سيّما أنّ عسال الورد نفسها لم تكن بكاملها بقبضة المعارضة.
يسعى "حزب الله" للسيطرة أوّلاً على ما يُسمّى منطقة "القلمون الوسطى"، لربط مواقعه بعضها ببعض، ولتقطيع مراكز إنتشار الثوار في القلمون إلى أجزاء متفرّقة، وهو نجح بالفعل في وصل جرود عسال الورد السورية بجرود بريتال اللبنانيّة.
وفي المعلومات أنّ الجماعات المُعارضة المسلّحة حاولت تطبيق أسلوب الكمائن، لإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف المهاجمين، لكن اعتماد سياسة هجوميّة دقيقة من قبل الجيش السوري و"حزب الله"، لجهة تركيز الثقل الميداني على موقع جغرافي مُحدّد، والتقدّم إليه دون سواه، بعد غارات كثيفة وقصف مدفعي وصاروخي عنيف وبعد تدمير آليّات المُسلّحين من مسافات بعيدة بصواريخ مُوجّهة، حدّ من حجم خسائر المُهاجمين. وبعيداً عن التفاصيل الميدانية القابلة للتغيّر بين ساعة وأخرى، وبين يوم وآخر،
ويُمكن القول إنّ هجوم القلمون الذي يُنفّذه الجيش السوري و"حزب الله" سيُحقّق- في حال نجاحه بشكل كامل، النتائج التالية:
أوّلاً: الاستفادة من نحو 15,000 مُقاتل من الجيش السوري و"حزب الله" مفصولين إلى هذه الجبهة، من الجهتين السوريّة واللبنانيّة، وإعادة توزيعهم على جبهات أخرى، وإمكان الإستفادة منهم في هجمات ميدانية تحتاج إلى عناصر مُشاة كبيرة.
ثانياً: توسيع الدائرة الجغرافية المُتصلة بعضها ببعض والمُصَنّفة "آمنة" بالنسبة إلى تحرّكات كل من الجيش السوري و"حزب الله"، وتعزيز قدرات الإمداد اللوجستي بين لبنان وسوريا، والتخلّص من الجوّ المَيداني الضاغط والشعور المعنوي القلق، في أكثر من بلدة وقرية لبنانية حدودية وفي أكثر من منطقة سورية أيضاً.
ثالثاً: تخفيف تأثير الدعم اللوجستي للجماعات المُسلّحة المُعارضة، من لبنان نحو سوريا، إلى الحدود الدنيا، بعكس واقع الحال بين سوريا وكل من تركيا والأردن والعراق.
إن خسائر النظام السوري الثابتة بالوقائع في كل من بصرى الشام ومعبر نصيب وإدلب وجسر الشغور، لن تُسفر عن سقوطه بالتأكيد، والخسائر المُفترضة للمعارضة عند وصول معركة القلمون إلى نهايتها لن تؤدّي إلى القضاء عليها. وبالتالي، كل هذه الجولات القتاليّة هي مُجرّد محطّات ربح وخسارة في حرب دمويّة مفتوحة، تؤكّد كل المعطيات أنّها ستستمرّ بضراوة في المُستقبل القريب.
شريان حياة النظام وحزب الله
شهدت الأيام الماضية وما زالت اشتباكات عنيفة في القلمون الغربي (شمال غرب دمشق) بين فصائل المعارضة السورية المنضوية تحت غرفة عمليات جيش الفتح من جهة، وعناصر حزب الله اللبناني مدعوماً بقوات النظام السوري من جهة أخرى، وذلك وسط تقاطع الأنباء عن خسائر في الأرواح والعتاد في صفوف حزب الله.
أفاد قائد تجمع القلمون الغربي العقيد عبد الله الرفاعي لوكالة الأناضول، أنه "تم توحيد الفصائل المقاتلة المتمركزة في جرود القلمون تحت اسم جيش الفتح الذي جمع تحت رايته جبهة النصرة وتجمع القلمون الغربي (جيش حر) وتجمع "واعتصموا" (جيش حر).
وأشار إلى أن قوات حزب الله أقامت خلال الفترة السابقة خطوطا دفاعية قوية حول المدن والبلدات التي تسيطر عليها في المنطقة على طول خطوط المواجهة في الجرود مدعومة بعناصر من النظام، كما أقامت خطوطا دفاعية أخرى على الحدود اللبنانية السورية وأطراف القرى اللبنانية المطلة على الجرود.
وأضاف الرفاعي أن جيش الفتح قام بضربة استباقية ضد تحضيرات حزب الله لشن هجوم واسع على جرود القلمون، حيث باغت مواقع لحزب الله على أطراف قرية الجبة وعسال الورد، كما تصدى لهجوم معاكس للحزب انطلق من بريتال والطفيل باتجاه جرد عسال الورد، وكبده خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وأشار العقيد الرفاعي إلى أن الحزب وبعد الخسائر التي تكبدها وتخوفه من توحد الفصائل، يسعى إلى حسم المعركة في منطقة القلمون، متوعدا بأن "تسير الأمور بعكس ما يشتهيه الحزب" الذي وصفه بـ"الإرهابي".
أهمية القلمون
من جانبه، أوضح العقيد الركن في الجيش الحر بكور السليم أن أهمية منطقة القلمون الغربي بالنسبة للنظام السوري تكمن في تأمين طريق الشمال الغربي الذي يصل الساحل بالعاصمة دمشق من الجنوب.
وأضاف أن أهميتها لحزب الله تكمن في تأمين خط الإمداد من النظام السوري والقوات العراقية وقوات الحرس الثوري الإيراني، وإبعاد أي خطر عن مواقع الحزب داخل لبنان على الشريط الحدودي من مدفعية الجيش الحر.
يشار إلى أن حزب الله والنظام السوري تمكنا قبل نحو عام من السيطرة على معظم مدن وبلدات القلمون الغربي، وأبرزها النبك ويبرود والقطيفة وعين التينة، بينما تتمركز قوات المعارضة السورية في التلال والجبال المحيطة.
الثوار يسيطرون على الأوتستراد الدولي
شنت كتائب المعارضة السورية في القلمون هجوماً واسعاً على عدة نقاط في محيط منطقة جيرود في القلمون الشرقي حيث تمكن الثوار من السيطرة على الاتستراد الدولي في القلمون بين قلدون و معلولا.
وفي نفس السياق تتواصل المعارك بين كتائب الثوار وقوات الأسد المدعومة بمليشيا حزب الله في مناطق جبال القلمون الغربية بريف دمشق حيث سيطر الثوار على عدة نقاط جديدة في محيط قريتي الجبة وعسال الورد بالقلمون بعد اشتباكات مع قوات الأسد ومليشيا الحزب أدت إلى مقتل6عناصرَ من الأخيرة.
كما تصدى الثوار الى محاولة لميليشيا حزب الله التسلل من جرد نحلة اللبنانية إلى بلدات القلمون مما أسفر عن مقتل عدد منهم.
جبال القلمون
هي سلسلة جبلية في غرب سوريا تمتد من الدريج جنوبا إلى البريج شمالا وتكون إلى الشمال الغربي من مدينة دمشق.
وتسمى سلسلة جبال لبنان الشرقية أيضاً، تنتشر عليها من الجهة السورية مدن وقرى وبلدات شهيرة مثل التل و صيدنايا و عين منين ومعلولاورنكوس وتلفيتا وبخعة وجبعدين وحلبون والنبك والقطيفة والرحيبة وجيرود ويبرودو قارة ودير عطية ورآس المعرة وقرية السحل وعسال الوردوغيرهم.
تنتشر على جنبات وبين ثنايا جبال القلمون في سوريا الكثير من الاثار والمغاور والمباني المحفورة في الصخر والكهوف والمعابد والأديرة والكنائس والمقدسات المسيحية التاريخية الهامة ولا زال سكان عدد من البلدات يتحدثون اللغة الآرامية (اللغة السورية القديمة أو اللغة السريانية التسمية الحديثة للآرامية) في حياتهم اليومية.
وتتميز مناطق جبال القلمون بمناطقها الجميلة واطلالاتها الساحرة ومصايفها الشهيرة .. هذا قبل ان تتحول الى مناطق للموت. وتتوضع البلدات والمدن في احضان الجبال أو على القمم ويسود المنطقة جو جميل معتدل إلى بارد صيفا، وبارد مع تساقط كثيف للثلوج في الشتاء. وتكلل البلدات ورؤوس الجبال بالثلج، وعلى امتداد السلسة الجبلية وفي مناطق القلمون عشرات ينابيع المياه الطبيعية والمعدنية.
وتشتهر مناطق جبال القلمون بزراعة اشجار الفاكهة المميزة مثل الكرز والمشمش والخوخ والدراق والاجاص والتفاح والتين والعنب وغيرها من فواكه القلمون التي تتميز بالجوده. وأعلى القرى في هذه المنطقة هي بلدة راس المعرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 14000 نسمة وهي تقع عند سفح طلعة موسى وهي أشهر قرى سوريا بزراعة الكرز على الإطلاق بنوعيته الممتازة إضافة لزراعة اشجار الفواكه المميزة والذي يصدر أغلبيته إلى خارج سوريا.