الأحكام العرفية أفضل من نصف الديمقراطية
نيسان ـ نشر في 2016-11-29
محمد قبيلات
عندما تكون البلاد تحت الأحكام العرفية تُسيِّر الحكومات برامجها، على الأقل، من دون ابتزاز المتطفلين على السياسة، ومن غير استقواء على الدولة، ممن يدّعون كذبا تمثيل الشارع، بينما يناضل المواطن من أجل ديمقراطية كاملة بوضوح ومن دون تشويش المتزلفين .
ولا يقفز إلى مقاعد التمثيل الانتهازيون ممن استغلوا أنصاف الحلول، وركبوا موجات الشعبوية، أو استغلوا الدين وقربهم من مراكز القرار كفقهاء للسلاطين، فوصلوا إلى البرلمان والمواقع المنتخبة الأخرى.
في ظل الأحكام العرفية يعم الصدق، فالمسؤول يَقمع عن قناعة ويمارس سلطاته بقوة وينفذ برنامجه بوضوح من دون لف أو دوران، فلا يزوّر انتخابات، ولا يتحدث عن حرية صحافية، ولا يسمح بالمشاركة في مظاهرات، وكذلك المعارضة تناضل بصلابة لتحقيق العدالة والحرية وتتصدى لمهامها الوطنية بصدق وصرامة.
فلا مكان للانتهازيين بين صفوفها إلا على شكل مندسين وعسس، وهؤلاء لا يؤثرون في برامجها، ولا أحد يزعج السلطات بالمطالب أو الاستقواء عليها، فالعملية السياسية تسير بمنتهى الجدية والوضوح، والفرز واضح، لا مجال فيه لحالات هلامية بين أطرافه.
انظروا الآن إلى المشهد السياسي .
الحكومة والأجهزة التنفيذية لا تملك الصلاحيات وليس لديها القدرة على تنفيذ البرامج، والمعارضة مشتتة، والصحافة مكبلة بقانون المطبوعات والنشر والجرائم الالكترونية، والنواب يعطون الحكومة ثقتهم برغم أن القراءات والاستطلاعات الرسمية تقول إنها من أضعف الحكومات، والنواب يهاجمون الصحافيين، والنواب الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز يهاجمون المجلس الجديد.
وحتى من يطالبون بالدولة المدنية يرفضون قبول الآخر، فالمدنية عندهم فقط شعار يوصلهم للبرلمان.
الأوضاع الاقتصادية تسير باتجاه الأسوأ، ومروحة الخيارات محدودة أمام الحكومة؛ الاقتراض أو فرض رسوم وضرائب اضافية وبالتالي رفع الأسعار، والنتيجة عودة المهمشين إلى الشوارع.
طبعا الحكومات الضعيفة تفضل اخفاء التفاصيل السيئة عن الناس، فالفريق الوزاري يتصرف كمُسيّر للأعمال، ويحل المشاكل عن طريق الاقتراض، فيزيد في تراكم المشاكل.
الحل هو بالعودة عن نصف الديمقراطية، أو المضي إلى آخر الشوط، لأن المطلوب الآن مصارحة الشارع بالحقائق واتخاذ الاجراءات الصعبة، وهذا ما لا يقدر عليه ابطال أنصاف الحلول.
الحكومة القوية هي التي تضع الحقائق على الطاولة، وتقول للناس هذه هي الحلول وغيرها الخراب. وهذه الحكومة إما أن تكون عرفية 100% أو مدعومة بالشرعية الكاملة، ففي السياسة كما في الحب والحرب؛ لا مجال للبين بين.