اتصل بنا
 

البتراء.. عروس من خجل وشمس

نيسان ـ نشر في 2015-06-27 الساعة 06:01

x
نيسان ـ

لكل أمة لغتها ولنا العربية، ولكل شعب آثاره ولنا البتراء

ولكن البتراء العربية وحدها من بين كل الآثار التي لن تهبك نفسها مهما حاولت .. حتى لو سعيت في سيقها حافي القدمين، حاسر الرأس، مبهورا بانسيابها الغامض ولكن الشفاف.

ولكنها ليست بخيلة فالبتراء ستفتح لك ذراعيها في حب صحراوي آسر .. ستغمرك وأنت تتدفق في سيقها .. تأسرك فيه موسيقى غامضة .. وردية بصخرها، وردية بسمائها، وردية بشمسها، وردية بغموضها الضارب في عمق 400 ق.م.

هي من هي، تلك التي أَمّتْ عالم الكبار قديما وسحرتهم حديثا.. عاصمة من صخر، سطّر العرب الانباط مجدها فامتدتْ من ساحل عسقلان في فلسطين غربا وحتى صحراء بلاد الشام شرقا، منذ 400 ق م وحتى 106 م.

والأنباط قبيلة عربية بدوية كانت ترعى الماشية وتتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الكلأ ووصل قسم منها في ترحاله الى "بترا" التي كان يعيش فيها الآدوميون وأقاموا بينهم في مدنهم وقراهم.

وهي من هي، عروس من خجل، اختبأت منذ ان نظم الانباط فتنتها خلف جبال منيعة متراصة، خجلا حينا، وحرصا حينا آخر..

هي التي ستتمنع على عاشقها قليلا ولكنها ستسمح له برؤية شيئ من اسرارها بعد أن يفتح سيقها فجأة لزواره عن خزنة صخرية هي القلب لكنها تتوهج وردية تحت أشعة الشمس الذهبية.

تقع البتراء التي تعني باليونانية الصخر جنوب البلاد 262 كم جنوب عمان الى الغرب من الطريق الرئيسي الذي يصل بين عمان ومدينة العقبة.

اكتشفها العالم الغربي تحديدا عام 1812م على يد المستشرق السويسري يوهان لودفيج بيركاردت ووثقها في كتابه باسم رحلات في سوريا والديار المقدسة على صور للبتراء. ولم تمض سوى سنين قليلة حتى رسم ديفيد روبرتس "الليثوغرافيا" الخاصة للبتراء ومنطقة وادي موسى أثناء زيارته عام 1839 بالتزامن مع رحلات المستشرقين للعالم العربي في القرن التاسع عشر، حيث تجاوز عدد لوحاته عشرين لوحة ليثوغرافية طبع العديد منها مما أعطى البتراء شهره عالمية.

ولأن اصحابها يعشقون بتراءهم عمدوا بعد أن أصبحوا سادة الأرض - يقطعون الصحراء حاملين الذهب والفضة والحجارة الكريمة والبهارات والأخشاب الثمينة من بلاد فارس وجنوب شبه الجزيرة العربية ويحملون البخور والمر من حضرموت - الى بتزيين مدينتهم بالقصور والمعابد والأقواس.

حالم كالسائر في نومه، ولكن بكامل وعيه، ستنطلق من بوابة مدخل المدينة .. سيبدو الوادي رحبا ومفتوحا .. أنت الان عند باب السيق تماما. هنا تحديدا سيسألك أحدهم بلطف إذا ما كنت سعيدا بزيارتك للبتراء.. لن تجيب ففي عينيك الجواب.. وسيعرف ذلك تماما.

ل. إ

نيسان ـ نشر في 2015-06-27 الساعة 06:01

الكلمات الأكثر بحثاً