اتصل بنا
 

بصمات سورية متفاوتة على مجتمع معان المحلي

نيسان ـ بترا ـ نشر في 2015-06-27 الساعة 12:32

x
نيسان ـ

رصد باحثون وأكاديميون، تأثيرا متفاوتا للجوء السوري ثقافيا واقتصاديا واجتماعي على المجتمعات المحلية في محافظة معان.

وشهدت محافظة معان تدفقا نسبيا للاجئين السوريين مع بدء الأحداث في سوريا في العام 2011، وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن عدد اللاجئين السوريين المقيمين في المحافظة والمسجلين رسميا يبلغ 7197 لاجئا موزعين على 1427 أسرة يقيم القسم الأكبر منهم في لواء القصبة.

وقال الباحث بجامعة الحسين بن طلال الدكتور ناصر ابو زيتون إن اللجوء السوري ترك انعكاسات محورية على قطاعات مختلفة في المحافظة وأحدث آثارا في الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمعات المحلية وبدرجات متفاوتة، موضحا أن محافظة معان مجتمع يرتفع فيه مستوى الثقة المجتمعية إذ يتميز بوجود نزعة قوية وعفوية نحو التواصل مع الآخرين فتنتشر شبكات واسعة من المؤسسات التطوعية والأبنية الاجتماعية التي لا تخرج فيها العلاقات الاجتماعية عن الأنماط التقليدية.

وأضاف ان غالبية المهن التي يعمل بها اللاجئون في معان ترتبط بشكل أساسي بسوق العمل الحرفي وقطاع الخدمات وهذه المهن تتيح للسوريين الاندماج في المجتمع المحلي وتؤثر على العلاقات الاجتماعية وتحقق تفاعلا ثقافيا واجتماعيا ملموسا.

ولفت إلى تنامي ظاهرة ارتباط العلاقات والتبادلات بالمكاسب لدى فئات اللاجئين في إطار من الذرائعية التي تخدم ظروف اللاجئ الذي يبحث عن الأمان والاستقرار، مضيفا أن تلك التبادلات غير مقتصرة على الاشياء المادية بل تشتمل على القيمة الرمزية مثل الاستحسان والاحترام فالتبادل الاجتماعي ما يتطلب الثقة بالآخرين للمبادلة التي تساعد على تطوير العلاقات المتبادلة.

وبين أبو زيتون أن أسلوب الزيارات المتبادلة بين اللاجئين وأهل المنطقة يشكل مساحة كبيرة تعكس حاجة الفرد الى الحماية أو درء المخاطر و إيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها، مشيرا إلى أنه لا يمكن التسليم بسلامة وحميمية هذه العلاقات في مختلف جوانبها فهي غير طبيعية وليست متوازنة والشواهد الواقعية توضح ذلك.

وحول العادات الثقافية والنمط الغذائي أوضح بأن ثمة اختلافا في أساليب التواصل الاجتماعي والأزياء وأساليب الترفيه وأنماط الغذاء؛ فعلى سبيل المثال يكون السوريون حريصين على نقل تراثهم الثقافي المرتبط بالطعام والغذاء للمجتمع معتبرين أن ذلك يمثل شكلا من أشكال إثبات الهوية الثقافية وتقديمها للآخرين.

وحول تأثير اللاجئين السوريين في الثقافة المحلية السائدة قالت الدكتورة عايدة أبو تايه الباحثة في مركز الدراسات بجامعة الحسين، إن السوريين كثقافة فرعية استطاعت الحفاظ على هوية وملامح ثقافتها في المجتمع المحلي بعد مرور أربع سنوات من الإقامة داخل التجمعات السكنية بمحافظة معان ويظهر ذلك جليا من خلال ممارستهم لمختلف مظاهر الحياة اليومية الخاصة بهم بحرية،مضيفة أن السوريين تمكنوا من خلال عملية التواصل الاجتماعي من بناء شبكة علاقات اجتماعية مع الآخرين على نحو جيد ويتضح هذا الأمر من خلال نجاحهم في الانخراط في النشاط الاقتصادي بكافة أشكاله.

وأضافت، ان هناك تفاعلا مع فئات اللاجئين وتقبلا لثقافتهم في الوسط الاجتماعي دون أن يصل هذا التفاعل إلى مستوى التأثير الثقافي بمستوى كبير من قبل الطرفين، إذ يأخذ هذا التفاعل شكل التأقلم والتكيف مع الوضع المفروض، لافتة إلى أن هناك بعض الممارسات التي تعود لثقافة السوريين والمتعلقة بثقافة الغذاء ولكنها غير واضحة ولا يمكن البناء عليها في مسألة التأثير إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن لكل نسق ثقافي حصانة قوية ضد أي اختراق خارجي.

وبينت أن الثقافة المحلية في محافظة معان هي ثقافة تقليدية متجذرة وراسخة نتيجة لطبيعة المجتمع المتجانس ولأول مرة منذ أكثر من نصف قرن يشهد تواجدا لفئات اجتماعية جديدة مختلفة بثقافتها وأساليب عيشها.

وقال مدير سياحة معان الدكتور ياسين صلاح إن التواجد الاجتماعي للاجئين السوريين في مدينة معان مقبول اجتماعيا ولم يخلق أية تناقضات ثقافية بل شكل إضافة جديدة منسجمة مع الواقع الثقافي والاجتماعي والديني، لافتا إلى أن العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية لفئات اللاجئين تنسجم مع عادات سكان المدينة على الرغم من أن اللاجئين يمتلكون انماطا اجتماعية أكثر انفتاحا.

وأضاف ان اللاجئين نافسوا أهالي المحافظة في سوق العمل إلى جانب خلقهم لفرص عمل جديدة نوعية لم تكن موجودة مسبقا، مبينا أن ثقافة العمل وحرفيته وجودته لدى العامل السوري نافست الأردنيين والعمالة الوافدة عموما.

وأوضح محمد البحري الناشط في حقوق اللاجئين، ان فئات اللاجئين في المحافظة تأقلموا مع الأوضاع الثقافية السائدة وحققوا اندماجا نسبيا من خلال المصاهرة والالتزام بالأعراف الاجتماعية فيما يتعلق بظاهرة الازياء واللباس، مضيفا أن الانشطة المحلية المتعلقة بتقديم المعونات وفرص التدريب يخصص منها ما نسبته 30 بالمائة للأسر المحتاجة من أبناء المجتمع المحلي فيما يتلقى اللاجئون ما نسبته 70 بالمائة الأمر الذي انعكس إيجابا على مستوى المعيشة للأسرة المحتاجة في مجتمعاتنا المحلية.

وحول التشابه في التقاليد الاجتماعية قال رئيس رابطة أبناء الجنوب للإبداع التراثي مصطفى الخشمان، إن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التاريخية لمجتمع معان مع دمشق خفضت من مستوى الفروق في العادات والتقاليد، فيما لم يتوفر هذا الأمر مع المجتمعات القروية والبدوية في المحافظة، مضيفا أن النمط الغذائي في معان يتشابه كثيرا مع النمط الغذائي الشامي إلى جانب سلوكيات اجتماعية مختلفة متعلقة بأساليب الإدارة المنزلية وأساليب التربية.

وأضاف أن التأثير المتبادل في مفردات اللهجات المحكية بين اللاجئين والسكان المحليين يظهر جليا لدى الفئات العمرية الصغيرة في البيئات التعليمية والرياضية والثقافية، مبينا أن هذه المفردات تتحول إلى جزء من بنية اللهجة المحلية بمرور الزمن.

نيسان ـ بترا ـ نشر في 2015-06-27 الساعة 12:32

الكلمات الأكثر بحثاً