تصريحات محمد بن سلمان..بلغ السيل الزبى

أسعد العزوني

لو أن تصريحات مغتصب ولاية العهد في بلاد الحرمين الشريفين محمد بن سلمان ،إقتصرت على الصراع الداخلي بين كبار رجالات العائلة الحاكمة ،لآثرنا الصمت لأننا لا نحب صب الزيت على النار المشتعلة أصلا،وإن تدخلنا فسنكون ناصحين بالتهدئة وباللجوء إلى الحوار العلمي الموضوعي الهادف والبناء.

ولو أن الأمر إقتصر على دفع الجزية للبعيد قبل القريب وبعثرة اموال الشعب على المؤامرات وشراء الأسلحة بمئات المليارات مع علمنا الكيد أنها لن تصل ،لقبلنا مكرهين يما يقوله المنتفعون منه أن هذه اموالنا ونحن أحرار فيها ،ولكن الموضوع تطور ليطال قدسية الأمة المتمثلة بفلسطين والقدس والأقصى ،وهنا لا بد من التدخل.

ولو أن تصريحات بن سلمان إقتصرت فقط على أن بدعة الوهابية كانت فعلا أمريكيا سعوديا ،لمحاربة الإتحاد السوفييتي السابق ،ضمن السياسة الأمريكية المتبعة في تلك الفترة التي شهدت حربا باردة بين القوتين الأعظم ،وسمي ذلك المشروع بالمكارثية ،لكان حريا بنا ألا نلوث انفسنا بالرد ،لأن ذلك أصلا نجاسة لهم ما بعدها نجاسة.

ولو أن الأمور تمحورت فقط حول إعادة الصهاينة إلى خيبر ومدينة رسول الله يثرب،لكفينا انفسنا عناء الرد،لأن ذلك منوط بشعب بلاد الحرمين الشريفين ،فمثل هذه القضايا يتصدى لها الشعب بقواه الحية لتصحيح إتجاه البوصلة.

أثناء جولاته التسويقية في الولايات المتحدة الأمريكية ولقاءاته مع الأقطاب الصهيونية هناك ،نطق بن سلمان بما يشبه الكفر لأنه مس العقيدة الإسلامية وأنكر ما ورد في القرآن الكريم،وخالف سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

لقد بدأها بن سلمان بالتأكيد على حق الصهاينة في فلسطين ،مع انه عمل على ذلك على أرض الواقع من خلال مشروعه المشبوه 'النيوم'وتوطين الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء،وهذه مخالفة صريحة لكل نواميس الطبيعة ،مع اننا نعلم علم اليقين أن هذه السلالة المردخانية السلولية الخيبرية بدأت بمسيرة التنازل عن فلسطين إرضاء لبريطانيا العظمى انذاك ،حسب وثيقة عبد العزيز عام 1915،وها هو يكمل مسيرة جده وأعمامه فهد وعبد الله بصفقة القرن التي تتنازل رسميا عن القدس وفلسطين ،وتشطب الأردن الرسمي.

لم تقف الأمور عند ذلك الحد بل أكد بن سلمان أن للصهاينة الحق في العودة للعيش في أرض أجدادهم 'بلاد الحرمين الشريفين'،وهذا تكريس لمشروع إعادتهم لخيبر ويثرب ومنحهم تعويضات قدرها 100 مليار دولار ،والسماح لهم بزراعة ما مساحته 5 كيلومترات وبناء مصانع فيها وتصدير منتجاتهم للسوق المحلية وأسواق الخليج والعراق واليمن.

لو أن بن سلمان أدرك أن في الأمة رجالا لما غامر بفعلته ،لكنه ضرب ضربته القاضية محليا بسجن وتعذيب وإقصاء أبناء عمومته ومصادرة اموالهم بناء على طلب رسمي من ترامب وصهره الصهيوني كوشنير لسببين: الأول أنهم معارضون لتوليه الملك بعد أبيه ،والثاني أن رجال الأعمال منهم كانوا يدعمون منافسة ترامب السيدة هيلاري كلينتون في الإنتخابات الرئاسية الماضية.

ما فعله بن سلمان من تدمير للعقيدة المحمدية ،وتدمير لقيم شعب بلاد الحرمين الشريفين بعد حصاره لقطر تنفيذا لوامر ترامب وكوشنير في قمة الرياض السابقة ،إنما كان ثمنا لتأييد ترامب وصهره الصهيوني كوشنير كي يصبح ملكا خلفا لأبيه ،وقد قال لهما مؤخرا انه يقبل أن يكون رسغا في أيديهما ،مقابل توليه الملك.

ربما غاب عن ذهنه ،او أنه لم يصل إلى مستواه العقلي أن صاحبيه اللذين خططا لدهورته ،زائلان من البيت الأبيض طردا إن عاجلا او آجلا ،وعندها سوف لن ينفعه أحد لا من أبناء عمومته في مستدمرة إسرائيل الحزرية الصهيونية الإرهابية ولا من المراهقين السياسيين في الخليج.

قريبا جدا سيجبر المحقق مولر بن سلمان على الوقوف عاريا في مهب الريح بعد أن يصدر امره بإقصاء كل من ترامب وصهره كوشنير ،وسوف نشهد إنقلابا داخليا في بلاد الحرمين الشريفين ،لتغيير الإتجاه إلى ما كان عليه الحال قبل مجيء ترامب مع ان ذلك الحال لم يكن يعجبنا أيضا.

ها هو بن سلمان يمارس الضلال تلو الضلال فبعد تخليه عن فلسطين التي لم يخوله احد فيها التحدث بإسم شعبها ،ها هو يعلن الحرب المصيرية ضد الأردن عبر مسارين خانقين الأول حصار الأردن ماليا لإضعافة وتهيئة الأجواء الداخية لإنتفاضة شعبية ،والثاني الضغط على رأس النظام للتنازل له عن الوصاية الهاشمية على المقدسات العربية في القدس المحتلة.

عموما كل ما صدر عن بن سلمان الحالم بالملك ،مقدمة غير سارة ورسالة مجللة بالسواد لمخرجات قمة الرياض العربية المقبلة التي ستغلق ملف الصراع الفسطيني-الصهيوني ،بعد رشوة الحكام العرب كل حسب وزنه السياسي.