"المعلمين" مرة أخرى
محمد المحيسن
كاتب وصحافي أردني
نيسان ـ نشر في 2018-04-18 الساعة 11:20
لم تبال الكثير من وسائل الإعلام ولا مجلس النواب أو حتى المراقبين، بخروج مئات المعلمين الى الشارع للتعبير عن رفضهم التعديلات الأخيرة على نظام الخدمة المدنية، واعتماد منحى التوزيع الطبيعي لمستويات الأداء.
وإذا كان المعلمون يشعرون أنهم في أدنى درجات السلم الوظيفي، إلا أن الأخطر من ذلك هو الإهمال الذي يعانيه قطاعهم رغم أنهم اكبر الفئات الاجتماعية تواجدا في الوظيفة العامة.
كل العلماء والمفكرين أقروا بل أجمعوا أن رقي أي دولة يستمد من تطويرها في التعليم والصحة والبحث العلمي، فكيف لا يكون الاهتمام بهذه المجالات في حكومة تدّعي أنها جاءت من أجل الإصلاح.
لقد مرت مهنة التعليم في العقد الأخير باستهداف مقصود جعلت من العاملين في المهنة عرضة للاستهزاء والتنكيل والإهانة وصلت في بعض الحالات الى قيام الطلاب والأهالي بالاعتداء على المعلمين، أحصتها النقابة بأكثر من 200 اعتداء خلال عام واحد.
ليس هذا فحسب فكلما اعترض العاملون في قطاع التعليم على أمر حكومي تبدأ التعليقات المعهودة على مواقع التواصل الاجتماعي تكيل الاتهامات للمعلمين وتصفهم بأبغض الأوصاف، ولا أعتقد كما لا يعتقد الكثير غيري أن هذه التعليقات بريئة وهي لا تنطق عن الهوى، ثم يصعد البعض لإعطاء النصائح والإرشادات، وصولا الى إقحام الوصفات الدينية على الحالة، لتنطلق بعد ذلك جيوش الذين يهددون ويتوعدون المعلمين.
في الحقيقة ليس المعلم وحده من بات يشعر بعدم الأمان الوظيفي، بل تشير المعلومات الأولية إلى أن كافة موظفي الدولة هم تحت طائلة ما يسمى بمنحنى التوزيع الطبيعي ومستويات الأداء الذي سيمنح الحكومة الاستغناء عن الموظف بجرة قلم أو لمجرد تقيم قد لا يرتقي الى الدقة.
النقابة اعتبرته سيفا مسلطا على رقاب الموظفين عامة والمعلمين خاصة، كما ستؤدي إلى قتل الإبداع بين المعلمين بسبب تحديد نسبة التقدير السنوي للمعلمين ضمن منحنى لن يتجاوز فيه نسبة الممتاز عن 10% إضافة إلى إلزام الرئيس المباشر بنسبة 2% ضعيف بحيث إن الموظف الذي يحصل على تقديرين 'ضعيف' متتاليين سيتم الاستغناء عن خدمته، وهذا يعني سهولة سيتم الاستغناء عن خدمات آلاف الموظفين سنويا.
وما السؤال الأكثر إلحاحا الذي يفضل المسؤولون عدم الإجابة عنه هو عندما لا يشعر الموظف الحكومي بالأمن الوظيفي كيف يمكن له أن يمارس عمله بإتقان.
يقول أحد المستشرقين إذا أردت أن تهدم حضارة أمه فهناك وسائل ثلاث هي:
اهدم الأسرة، اهدم التعليم. اسقط القدوات والمرجعيات.
ويضيف لكي تهدم اﻷسرة: عليك بتغييب دور(اﻷم)، اجعلها تخجل من وصفها ”ربة بيت”.
ولكي تهدم التعليم: عليك بــ(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
ولكي تسقط القدوات: عليك بـ(العلماء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.
نيسان ـ نشر في 2018-04-18 الساعة 11:20
رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني