اتصل بنا
 

محطات مهمة من 72 عاما من عمر الدولة الأردنية!!

صحافي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2018-05-25 الساعة 13:33

نيسان ـ

في كل سنة تمضي من عمر الدولة ورغم أعاصير ها الهوجاء وبراكينها الثائرة يخرج الرأس الأردني المستهدف اصلا، سالما تتراجع نظرتي للمسيرة الأردنية من كونها مسيرة 'السبحانية' إلى اعتبارها مسيرة فيها محطات مهمة وخلفها مخطط استراتيجي فهيم يعلم مسبقا ما هو معد للاردن وما هو مخطط للوطن الأعجوبة ووطن التحدي ووطن الإنجاز ووطن جعلت منه الظروف وطنا للمهاجرين والأنصار وأنه لا مناص أن نكون أسرى نظرية التحدي والاستجابة وأسرى الانتصار والبطولة !

فالاستقلال الوطني .. يعبره الاردنيون بانجاز التطلعات الشعبية والانحياز للاصلاح وهذا لا جدال فيه وعليه فما هو مكتوب يقرأ من العنوان وما التفاصيل سواء غوص في السيرة والمالات .

اذن الاحتفال بعيد الاستقلال يكتسب غصبا اهمية استثنائية هذا العام لان زواياه الوطنية الاربع غدت واضحة ومستغرقة في التجذر في سماء وتراب الاردن الذي حمل ومازال تراثا وحدويا تحرريا ينبض بالحياة رغم السيل العارم من التراجعات الفكرية والسياسية التى تحوم حوله.

فمن هوية شامخة نفضت عنها غبار الالتباس وارض طاهرة حماها الاوائل من البناة بالدم ,وشعب ظل رغم شح الامكانات وتهديد الجغرافيا والديموغرافيا , ممسكا بمشروعه التحرري الوطني الانقاذي , ونظام سياسي حسمت الملكية الرابعة معادلة العلاقة بين الحاكم والمحكوم باعتبارها تشاركية تفاعلية وبانها محصنة بالمواطنة السوية.

وحتى ,نكون في ادق واصفى موقف ورؤية سياسية لفهم الاستقلال الوطني الذي نحتفل به لانجد من ممانعة او مقاومة او تعفف ان نذكر ان ..المشروع الوطني الاردني بطابعه التحرري والوحدوي ان انكفى او لملم اوراقه وجراحاته على وقع الهزائم والانكسارات لا تزال اشواقه حارة دافئة وتمتد الى مرتفعات القدس ونحو الشام التى التحقت بانين بغداد و تتوجع على جرح بيروت النازف على مدى النظر .

نعم ..هذا الاستقلال الذى حط رحاله عام 1946 بالمنجز التحرري وما اعقبه من تراجع رهيب مثله بسطوع عام النكبة وخزي نشوء الدولة الاغتصابية دفع الاردنيين كطائر الفينيق لينهضوا ممسكين من جديد بنجيع مشروعهم واصرارهم على الحياة في دولة حية اختصروا فيها مرحليا مشروعهم الكبير وما زالوا على العهد .

فما كان في ظل ايقاعات التحولات السياسية الاقليمية التى نهشت الاخضر واليابس وانطلاق الرسم الفعلي للحدود الجغرافية التى اطلقها سيا الصيت سايكس - بيكو ونشوء الكيانية والقطرية بامتياز والردة العارمة عن المشروعات القومية الا ان يختزل مشروع الوحدة في الكيان الاردنى بجغرافيته وناسه ونظامه السياسي وعقده الاجتماعي الفريد.

ورغم كل اجواء الصياح القومي – انذاك- ظل الهاجس من تحولات المزاج العام في المنطقة والرضى بالممكن خوفا من ضياع الكل يؤرق ويقض مضاجع القوميين الاردنيين الى هاجس كيف نبقي على الاردن ونبنى كيانيته خصوصا بعد سقوط الحكم الفيصلي في الشام والهزيمة في ميسلون ويجعل منا حربة المواجهة القومية والتصدي والصمود لحين انجلاء الحقائق وتغيير المعادلات السياسية والعبث بالتوازن الاقليمي .

في.. الاستقلال الذي تجيء مناسبته هذا العام وسط اجواء سياسية محلية واقليمية استثنائية ومميزة نستبق استعادة مشارف الازمات الكبرى في حقب سابقة تحقق في نهاياتها وبالتعب والمناورة والدهاء السياسي المنجز الاستقلالى ولكننا في ذات الوقت نرقب ان ..تفاصيل المشهد في أربعينيات القرن الماضي بكل مقدماته ولواحقه تستعاد الان خصوصا وان الرسم الجديد للحدود يتسارع مثلما يتسارع بناء الكيانية الجديدة للمنطقة على انقاض الربيع العربي المخطوف.

نبقى .. في دائرة الاستقلال والاحتفال به الذي يدفع بنا للاعتراف ان كل مراحل تحقق الهوية الوطنية واستقرار الوضع السياسي والامني لدولة الاستقلال لم يتات لولا ان العقد الاجتماعي بين النظام ومواطنيه امن والتزم بالتدرجية في التطور السياسي وفي تحقيق الوعى بدلالات ان الحراك الشعبي احتل حيزا من اهتمامات قمة النظام السياسي ومؤسساته ودافعيه للمباشرة برؤاة .

وبمعنى ,ان الملك منذ تسلم سلطاته الدستورية قبل ازيد من 13 عاما كان يرى ان مهمته رغم -انه لم يكلف بها - تحقيق الاصلاح والانسجام مع ما يمور في المزاج العام من رغبات وامال وطموحات لتكن الملكية الرابعة عنوانا واضحا لكيفة الانحياز للرغبات الشعبية ,بعيدا عن ضغط وابتزاز وضجيج الساحات التى كانت ملمحا بارزا للربيع العربي على الرغم من فجاجته وسطحيته.

نعم.. للاستقلال والاحتفال به اذا كان يعني الاعتراف والتأكيد على الهوية الوطنية الواحدة ,لا بتعدد الهويات وتشظيها وتشرذمها وانفلاتها على ايقاع مناطقي عشائرى وجغرافي 00ونعم للاستقلال اذا كان يدفع باستفزاز الاشواق الوحدوية نحو القدس والشام ولبنان وبغداد ونحو اعادة الاعتبار لما كنا نردده في عز الصفاء السياسي ان 'هذه المنظومة الكيانية - سيف العرب وترسه -في مواجهة اعدائنا المعروفين وفي مواجهة يهود الداخل '.

ومدعاة هنا للتركيز والتذكير ان الاستقلاليين الاردنيين انجزوا مهمتهم النبيلة باشراقاتها الوحدوية القومية ليس بالاعتماد على النيات الحسنة ولا على مواعظ الفقهاء والسلاطين بل اعتماد على قراءة الاوراق والتنبؤ بسير الاحداث القادمة وهذا الذي جنب المشروع الاردني الاستقلالى الوحدوي الانتكاسات والسقوط في فخ المزايدات التى كانت عند الاخرين الطريق الى الكوارث .

نعم ..للاستقلال اذا كان عاضدا لهويتى الوطنية وساندا لها ومؤكدا لناموسها الازلى وفي ذات الوقت ..دافعا لابراز الهوية القومية في بعدها الاجتماعي وافقها الاقتصادى على مرتكز الانتاج والساعي دائما لخلق اجيال لاتبقى في وضع الانتظار لولادة الدولة العادلة بل تعمل من اجلها ومن اجل ان تكون ايضا دولة مقاومة للفقر والفساد والاستثناء.

نعم 'ل' 72عاما من عمر الاستقلال الوطني ,ومع ذلك لم ينفك عن اعناق الاردنيين وعد ابدي ووفاء لناموس الوحدة والحرية والديموقراطية وتحرير الارض والانسان .!!

نيسان ـ نشر في 2018-05-25 الساعة 13:33


رأي: هشام عزيزات صحافي وكاتب

الكلمات الأكثر بحثاً