طوعت الحكومة الأحزاب فتحركت النقابات
محمود أبو هلال
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2018-06-02 الساعة 23:15
شهد الأردن في اليوميين الماضيين احتجاجات واسعة سبقها اضراب جزئي عن العمل احتجاجا على القانون الضريبي الذي أعدته الحكومة. الاضراب دعت إليه النقابات المهنية في ظل غياب ملحوظ للقطاعات السياسية كالأحزاب ومجلس النواب.
التحرك النقابي جاء مفاجئ وسريع وحاسم بعد أن طالبت النقابات الحكومة بشكل مباشر بالعودة عن القانون ونفذت اضرابا عن العمل ليوم واحد قابل للتجديد في حال لم تسحب الحكومة القانون.
إزاء ذلك ترددت أسئلة حول التحرك النقابي المفاجئ تراوحت ما بين الاتهام بأن القانون مسهم مساساً مباشرًا، وبين تحليلات موضوعية تصب في مجملها على تحميل الحكومات المتعاقبة في العقدين الأخيرين مسؤولية ما جرى وسيجري في المرحلة القادمة إذ من المتوقع أن تعود النقابات لسابق عهدها وتتقدم المواجهة مع الحكومة.
إن أي متابع للشأن الأردني يلحظ بشكل واضح تراكم الأزمات، والفشل في تحقيق أي تقدم على أرض المسرح السياسي أو الاقتصادي، فضلا عن باقي المسار التي ترتبط بهما لا بل أن المشهد الأردني دخل إلى حلقة مفرغة من التكتلات والتمحورات على أسس بعيدة عن الإصلاح!. فمنذ أكثر من عشرين عامًا والمؤشر في كل الاتجاهات نحو الهبوط والعجز في الإدارة والإرادة دون أن يطرأ تحسن ملموس على المسرح السياسي أو الاقتصادي الأردني مما أفقد الأردنيين الأمل بإصلاح حقيقي. فعوّل بعض المواطنين على وعود الحكومات بإصلاحات، في حين عوّل بعض آخر على وقف الفساد بواسطة قوة الدولة بتعدد القوى داخلها خاصة في الفترة التي رافقت الربيع العربي.
لكن الذي حصل أن الحكومات المتعاقبة بسطت نفوذها على الجهات التي من المفترض أن تكون المدافع عن المواطنين كمجلس النواب وطوعته لا بل أصبح أحد أدواتها، ليكون الشعب هو الخاسر الأكبر، ليس ذلك فحسب، وإنما الحياة السياسية بشكل عام لتستحيل إلى منطقة رمال متحركة تنذر بتدني الحال في ظل تصدعات إن لم نقل انهيارات فظيعة في البنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
تلك التصدعات التي أحدثها الحكومات أدت إلى إنشاء خلطة رخوة وغير متماسكة تسهل بقاء من تشاء أطول فترة ممكنة، فأنتجت فيما أنتجت تكتلات نخبوية نشطة لكن بقي تأثيرها محدود ولم تسبب قلقا للحكومات، فباتت الخطابات والمخرجات السياسية للشخوص والرموز السياسية مجترة وشبه متآكلة سياسيا وفكريا ولا تلبي اهتمامات الشارع، لا بل تزيد في حنقه إذ يدور النقاش ذاته حول الموضوعات ذاتها بالوسائل ذاتها التي لم تتجدد بالقدر الكافي منذ أكثر من عشرين عاما!، ففشلت الحكومات في تحقيق تطلعات الشعب، وفشل الشعب بالضغط على الحكومات بالقدر الذي يجبرها على تقديم تنازلات حقيقية ليس لجهة أشخاص وأحزاب، وإنما لجهة الديمقراطية وسيادة القانون والحريات العامة ومحاربة الفساد.
إزاء ذلك كان من الطبيعي أن تشغل النقابات الحيز الذي كان من المفترض أن يشغله مجلس النواب والأحزاب بعد فقدانهم لثقة الشارع بفعل الحكومات المتعاقبة.
التحرك النقابي جاء متكئا على مساندة شعبية متحرراً من عقدة استدراج البلاد للفوضى التي كانت تتعلل بها بض الرموز الأوتوقراطية التي استغلت 'تعللها' فقبضت على المناصب ومارست أكبر قدر من التحكم في الاقتصاد بإتباع أكثر وأقذر الوسائل فساداً، لدرجة أضحت معها جرائم الاعتداء على المال العام نوعا من الفطنة في استثمار الفرصة حسب ما يعتقدون!.
تحركت النقابات وأخذت زمام المبادرة وباتت مهيئة للعب دور اقتصادي وربما سياسي والجلوس أمام الحكومة كند قوي وكممثل عن الشعب .
تحركت النقابات فهل ستحسن الأداء مستقبلاً. أم ستطوعها الحكومة من خلال أذرعها الأخطبوطية كما طوعت المجالس النيابية والأحزاب؟!.
#محمودأبوهلال
نيسان ـ نشر في 2018-06-02 الساعة 23:15
رأي: محمود أبو هلال كاتب أردني