اتصل بنا
 

أزمة الأردن:ظهر الأصيل فبطل دور الوكيل

كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

نيسان ـ نشر في 2018-06-06 الساعة 13:20

نيسان ـ

منذ مجيء المتمسح بالإنجيليين والجمهوريين دونالد ترمب، المتأرجح بإنتظار ضربة المحقق موللير القاضية بسبب سياساته الفاشلة وكيفة وصوله إلى البيت الأبيض،والأردن يتلقى الرسائل والإشارات غير المشفرة ،بأن دوره إنتهى ،وأن عليه قبول الأمر الواقع .

لا يمكن كيل كل الإتهام لترامب بطبيعة الحال ،وحتى لو أن ترامب تجاوز خطوطه الحمراء تجاه بلد 'صديق' كالأردن، فهو لا يتحمل وحده تبعات ذلك لأن له شركاء عربا ،ووضعه يصعب حتى على الكافر ،لأنه حل ضيفا غير مرغوب فيه في البيت الأبيض،وإكتشف الأمريكيون انه عدو لأمريكا ولمصالحها .

ما يندى له الجبين وتقشعر له الأبدان هو أن خلية أعداء الأردن لا تضم ترامب فقط ،بل هناك من كنا نظنهم اخوة لنا في العروبة والإسلام،لكنه تبين لنا أنهم وإن أسلموا فلم يحسنوا إسلامهم ،وأنهم حتى لو عاشوا بين ظهرانينا فإن قيمنا العربية لم تصل إليهم ،لأن لديهم دينهم وقيمهم المعروفة .

تعرض الأردن منذ مجيء ترامب لطعنة نجلاء لأنها جاءت ممن كان الأردن يتفانى في خدمتهم، بدءا من مستدمرة إسرائيل الخزرية وإنتهاء بالحكم السعودي مرورا بأمريكا والإمارات ،وهم تحالف صفقة القرن التي تشطب القضية الفلسطينية وتتنازل عن القدس للصهاينة ،وتشطب أيضا الأردن الرسمي.

بكل فخر نقول أن الأردن الفقير رفض الإنصياع لإملاءاتهم والإشتراك في جريمة حصار قطر ،وقطع العلاقات معها ،وجل ما فعله هو تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي وإغلاق مكاتب الجزيرة ،وهذا شرف كبير لنا سيسجله التاريخ بماء الذهب،كما أن القيادة رفضت وبكل إباء فتح الحدود الأردنية لقوات التحالف لغزو وإحتلال سوريا ،وهذا أيضا شرف كبير لنا أننا لم نقبل بأن تكون أرض الحشد والرباط معبرا للغزو ،فالله سبحانه خلقها لتكون معبرا لتحرير فلسطين والقدس عندما تكتمل شروط التحرير.

كانوا يظنون أن الأردن هو الطرف الضعيف في المعادلة، وانهم بإشارة واحدة منهم يصادرون القرار السياسي الأردني ويطوعونه لخدمة اجنداتهم الصهيونية لكنهم وجدوا صدا غير متوقع ،فخاب فألهم ،وبدأوا بإعادة حساباتهم لإخضاع الأردن لحلفهم ،فحاصروه ماليا وشوهوا سمعته عند ترامب ،الذي يفعل المستحيل مقابل المال السايب طبعا،كما انهم حاولوا تغيير رأس النظام ،لكن الله سلّم .

قبل أيام تعرض الأردن لهزة عنيفة نجمت عن قرار خاطيء لحكومة الملقي المندثرة يتعلق بمشروع قانون الضريبة ،وتحرك الشارع الأردني برمته وقيل ما قيل عن دور تحالف صفقة القرن ،ولكننا لن نتعرض لذلك لأن هذه ليست مهمتنا ،وبما أن سيد البلاد تدخل وأزاح الملقي،فإن مهمتنا ستنحصر في التركيز على ما يتوجب علينا فعله ،لا على ما جرى .

يتوجب علينا جميعا القيام بمراجعات نقدية لكل تصرفاتنا ،وليت سيد البلاد يأمر بتشكيل فريق مراجعات مختلف،لا يعمل لمصالحه بل يفضل المصلحة العامة على الخاصة ،ويقوم بتشريح الماضي أين أخطانا وأين أصبنا ،وان يضع التوصيات اللازمة ،وإلزام الحكومة بها من أجل إنقاذ شعبنا والحفاظ على بلدنا.

مطلوب منا تغيير إتجاه بوصلتنا ،وان نعلن للجميع اننا لسنا معنيين بتقديم الخدمات المجانية او شبه المجانية لأي كان،وان زمن المجاملة قد إنتهى ،وان مفهومنا للصداقة قد إختلف ،وصديقنا من صدقنا ،وليس من تصدق علينا بفلسات ونحن نقدم له خدمات تقدر بالملايين.

ثمة امور داخلية كثيرة علينا التنبه لها ومنها إختصار عدد الوزارات والمؤسسات وإعتماد نظرية الدمج لتخفيف المصروفات ،وأن يكون الوزير كفؤا يحمل برنامجا ،وان نعيد النظر في تمثيلنا الدبلوماسي في الخارج من حيث عدد السفارات ونوعية السفراء ،وقبل كل شيء أن نعلن حربا حقيقية على الفساد والفاسدين ،فقد بلغ السيل الزبى.

لقد حبا الله الأردن أرض الحشد والرباط بنعم كثيرة ففيها النفط والغاز والذهب والبلوتونيوم والنحاس والبحر الميت ،وما علينا إلا التفكير السليم للإستفادة من هذه النعم لأننا اولى بها من غيرنا.

كان الأردن قبل ظهور تحالف القرن الذين يشكلون عصابة المراهقة السياسية ،مقربا من قبل الجميع ،لأنه كان يستر عيوبهم ،ويعمل ساعي بريد لهم عند مستدمرة إسرائيل ،ينقل رسائلهم ويسلمهم الردود،لكنهم ومنذ أن فرطوا العقد وأظهروا علاقاتهم المخفية مع مستدمرة إسرائيل ،قلبوا ظهر المجن للأردن لأنه أصبح بمقدورهم مهاتفة النتن ياهو ودعوة انفسهم على الغداء معه في القدس المحتلة، او دعوته لتناول طعام العشاء في عواصمهم وربما يأخذونه إلى الحرم المكي الشريف.

مشكلة الأردن بإختصار أن الأصيل عندما ظهر على الساحة أبطل دور الوكيل ..وسلامت

نيسان ـ نشر في 2018-06-06 الساعة 13:20


رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية

الكلمات الأكثر بحثاً