اتصل بنا
 

تحسبهم جميعا ....

كاتب وأكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2018-06-08 الساعة 23:28

نيسان ـ

الحراك الأردني الذي أسقط الحكومة السابقة هو في الواقع لم يأت بالحكومة الجديدة ،وذلك لأنه لم يكن يملك المعايير اللازمة المتفق عليها لشكل الحكومة القادمة أولا ،ولأنه لايعرف طريقا لفرض رؤيته ثانيا وثالثا لأنه لم يجد من يستشيره أو يحاوره في الدولة فضلا عن غياب قيادة حقيقة له تفرض رؤيتها في صناعة القرار،وجاءت شعارات هذا الحراك متناقضة وإن اتفقت على إسقاط الحكومة وقانون الضريبة .
الحراكيون الأردنيون الذين شاركوا في الاعتصامات كانوا في ثلاث فئات متفقة في الوسيلة متناقضة في الأهداف وهذه الفئات هي :
الفئة الأولى :شباب بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وبعض المدعومين من التيار العلماني ودعاة الدولة المدنية (وفق معايير غير متفق عليها لشكل الدولة)،وهؤلاء كانوا أكثر ذكاء في التعامل مع الاعلام لأن جزءا منهم قد تمّ تدريبهم على (إدارة الاحتجاج)في مؤسسات وجمعيات وورش كثيرة ، ويعتقد هؤلاء أنهم حققوا نصرهم بوصول الرزاز لرئاسة الحكومة وأنهم استطاعوا فرض أجنداتهم وهم بالتأكيد ينتظرون المكافأة بحكومة تأتي بالعديد من رموزهم لوزارات ذات تأثير اقتصادي واجتماعي وهم سيسعون جادين للوصول لوزارات كالتربية والثقافة والتعليم العالي والتنمية الاجتماعية والشباب ، لأن برنامجهم الاجتماعي موجّه للشباب أولا ولديهم خططهم في مناهج التعليم والعمل على تغيير بنية التفكير المجتمعي من خلال هذ المؤسسات ،وهؤلاء سيصطدمون مع المجتمع حال فكروا بتنفيذ برامجهم الطموحة وسيكون ممثلوهم عناصر تأزيم للحكومة القادمة .
الفئة الثانية : جموع الأردنيين القادمين من المحافظات والأرياف والبوادي ،حرّكهم القلق على بلدهم ولقمة عيشهم ويعتقدون ان الأمر انتهى بإسقاط الحكومة ،وهم في النهاية يرون في شخص الملك الضامن الحقيقي لحقوقهم ولذلك فمطالبهم محصورة بالهم اليومي ولقمة العيش وتخلو شعاراتهم من الرؤية السياسية وحتى لوبرزت بعض الشعارات فمبعثها الغضب كالمطالبة بحل مجلس النواب أو الشعارات المشابهة وهؤلاء في العمق يتناقضون مع الفئة الأولى ويرفضون الكثير من طروحاتها وهم على استعداد للصدام معها إن اقتضى الأمر .
الفئة الثالثة : وهي فئة عدمية تتميز 'بالردح ' والشتم وبذاءة الشعارات والخطابات وهي فئة قليلة إلا أن لها صوتا عاليا وتجد ترويجا غير بريء لطروحاتها ولكنها على أرض الواقع أقل الفئات حضورا على الساحة .
ومن هنا فقد كشف الحراك عن غياب الأحزاب التاريخية مثلما كشف عدم قدرة الحراك بهذه الصورة على تحديد مطالب واضحة يقف خلفها ويحمل الحكومة على الأخذ بها ولن يستطيع فرض رؤيته بقانون انتخاب يؤدي لحكومات برلمانية منتخبة أو خطوات واضحة لمحاسبة الفاسدين وتحقيق العدالة الاجتماعية المطلوبة .

نيسان ـ نشر في 2018-06-08 الساعة 23:28


رأي: د. عطا الله الحجايا كاتب وأكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً