مراكز القوى والطبقة العازلة
د. عطا الله الحجايا
كاتب وأكاديمي أردني
نيسان ـ نشر في 2018-06-09 الساعة 16:02
في الوقت الذي يضع فيه الرئيس المكلف اللمسات الأخيرة على تشكيلة الفريق الوزاري فإننا ندرك أن الرئيس لن يكون قادرا على اختيار وزرائه وفق قناعاته؛ ذلك أن ثمة حصصا لمراكز قوى متنفذة لن يستطيع أي رئيس تجاوزها في ظل غياب الولاية العامة التي لم تتمتع بها أية حكومة أردنية.
بالنهاية سيكون محظوظا إن استطاع اختيار ثلث وزارائه دون استرضاء أو تنفيع. بعض مراكز القوى المؤثرة وجدت في الحراك فرصتها لتنفيذ أجندات خاصّة بها ولذلك فهي تضع باعتبارها وزارات محددة لاستكمال مشاريعها الاستثمارية الخاصة وفي الوقت الذي ينشغل فيه الرأي العام بالوزارات الاقتصادية فإن عيون هذه القوى تتطلع لوزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والثقافة والشباب على وجه الخصوص.
هذه القوى أصبحت معروفة ويشكل تدخلها الدائم وفرض أجنداتها على كل الحكومات مثار رفض شعبي، ظهرت بعض ملامحه بالهتاف الذي رددته حناجر المتظاهرين، ومراكز القوى تلك تصرّ على أن تضرب بالرأي العام عرض الحائط ولن تتوانى عن اهتبال الفرص لمواصلة تدخلها الفج في برامج الحكومات.
بالمقابل، هناك مراكز قوى موازية لها حصّتها وستزج برجالها وتفرضهم على الحكومة في محاولة لخلق توازن مع مراكز القوى السابقة ،وإذا علمنا أن في مجلسي النواب والأعيان مراكز قوى لا يستطيع الرئيس تجاوزها وستكون لهم حصتهم من كعكة الحكومة فلنا ان نتخيل كم ظل للرئيس من خيارات لحكومة يفترض أن تكون رشيقة وشابة.
الرئيس لن يكون له الفضل في توزير أكثر من ثلث حكومته وسيجد أسماء جاهزة لوزارات لن يسمى وزراءها .
لقد عانى الأردنيون من هذه القوى التي شكلت في السنوات الأخيرة طبقة عازلة بين الشعب والملك وهي تقتات على شعبية القيادة وتنخر فيها وستكون أول من يتخلى ويتنصل عند المساءلة القادمة والتي لم يعد أحد قادرا على التنبؤ بتوقيتها ونتائجها وهذا مايجعل التفاؤل الذي استقبل به الرئيس المكلف أشبة مايكون بلذة الصفعة قبل تدفق الألم وديمومته.
لن يكون للحراكيين نصيب في الحكومة ولن يكون للمحتجين من يمثلهم ويحمل همومهم ،وسنظل ندور في الدائرة ذاتها ، صحيح سنواجه انفراجة مؤقته مع الدعم المحدود القادم من اجتماع جدّة ولكنه لن يكون أكثر من مسكن مؤقت يعود بعدها الألم أشدّ وطأة ..لاسبيل لإصلاح حقيقي إلا 'بكشط' الطبقة العازلة وكف يدها عن التدخل بين الملك وشعبه فالشعب يحب الملك وكل الذين يرضعون من 'تحت اللجام' مصيرهم الفطام بيد الشعب أو بيد عمرو .
نيسان ـ نشر في 2018-06-09 الساعة 16:02
رأي: د. عطا الله الحجايا كاتب وأكاديمي أردني