اتصل بنا
 

عن حكومة الرزاز ونيل الثقة

نيسان ـ نشر في 2018-06-22 الساعة 13:50

نيسان ـ

جرت العادة وعند تقدم الحكومات لنيل الثقة من مجلس النواب، أن ينشط رئيس الوزراء وفريقه الوزاري بالمناورة مع أعضاء مجلس النواب بغرض تأمين الأصوات اللازمة لعبور الثقة.
فمقابل أن يمنح النائب صوته للحكومة يتم تقديم خدمات لهذا النائب على شكل وظائف وتراخيص استثمارت مخالفة ومنح خطوط باصات وتلزيم عطاءات، بحيث أصبحت مناسبة منح الثقة موسما و'صيدا ' ثمينا للنواب لابتزاز الحكومات، وهذا ما انعكس سلباً على سمعة المجالس النيابية والحكومات المتعاقبة، فكيف لنائب ' مكسورة عينه ' من قبل الحكومة أن يقوم بدوره الرقابي على هذه الحكومة، وهذا ما أدى بالنتيجة لفقدان مجالس النواب هيبتها واحترامها من قبل المواطنيين، وهو تماما ما نلحظه على وسائل التواصل الاجتماعي من نقد حاد لهذه المجالس والمطالبة بحلها .
آن الأوان لهذه الآلية الرخيصة لنيل الثقة أن تنتهي ، فالحكومة الواثقة من برامجها والصادقة في نواياها في تطبيق هذه البرامج يجب أن لا تتخاذل أمام مجلس النواب، وخاصة عندما تكون السمة العامة لهذا المجلس هي تحقيق المصالح الشخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطن .
رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز شخصية مشهود لها بالنزاهة ونظافة اليد وكذلك بالتواضع ، ولعله من أكثر رؤساء الحكومات قربا من المواطنيين، فقد كان دائم التواصل مع كل من لديه أفكار تسهم في تخطي العقبات.
وهنا أشير بأن العبد لله كاتب هذه السطور كان له تجربة كبيرة مع الدكتور عمر أثناء توليه إدارة الضمان الاجتماعي، فلقد كتبت العشرات من المقالات الصحفية المتخصصة بموضوع الضمان، ولقد بادر الدكتور الرزاز في حينه بالتحدث إليّ هاتفياً أكثر من مرة ليشكرني على اهتمامي بالكتابة عن قانون الضمان وعن الأفكار التي أتقدم بها ، ولقد دعاني أيضاً لجلسات عصف ذهني لمناقشة التعديلات على قانون الضمان مع أشخاص كان لهم أيضاً اهتمام بقانون الضمان وكان معظمهم من خارج المؤسسات الرسمية ، وهذا تأكيد على أن الدكتور الرزاز كان حريصاً على الاستماع والاستفادة من أفكار قادمة من خارج الإطار الرسمي للدولة ، ولقد تكللت هذه اللقاءات بأن تبنى الدكتور الرزاز بعض الأفكارالتي تقدمت بها وتم إدرجها ببنود وفقرات القانون وما زال معمولا بها ليومنا هذا .
ملخص ما تقدم كان بغرض تبيان الانحراف بآلية التعاطي بين الحكومات السابقة ومجالس النواب والتي كانت مبنية على المصالح الخاصة للجهتين ، وكذلك التعريف بشخصية الدكتور الرزاز الأصلاحية ، آملين من دولته أن يصوّب هذه الآلية بحيث تنسجم مع الدستور كي يعمل الجميع من أجل الصالح العام ، وهذا ما سيساهم برد الاعتبار لمجالس النواب وللحكومات أيضاً .
ولتحقيق ذلك ، فما على الرئيس سوى الامتناع عن تقديم أي خدمات ومزايا شخصية وخاصة للنواب مقابل الحصول على ثقتهم ، وهنا يصبح المطلوب من دولته أن يتقدم بكل ثقة ببرنامجه الحكومي إلى مجلس النواب ، فإن نال الثقة فهذا بصالح الجميع ، وإن خسرها ، فعندها ستكون هذا الخسارة بمثابة الوسام الذي يعلق على صدره ، حيث سيقال عندها بأنه خسر الثقة لأنه رفض المساومة على المصالح العليا للدولة الأردنية ، وسيعتقه الله من المهمة التي تكاد شبه مستحيلة لإصلاح النهج التدميري التي أقدمت عليه الحكومات السابقة .

نيسان ـ نشر في 2018-06-22 الساعة 13:50


رأي: م. سميح جبرين

الكلمات الأكثر بحثاً