اتصل بنا
 

هل من أفكار جديدة لدى الفريق الاقتصادي الحكومي؟

نيسان ـ نشر في 2018-07-03 الساعة 10:29

x
نيسان ـ

محمد قبيلات.. بدأ الفريق الاقتصادي يتلمس طريقه لوضع خطته الاقتصادية، وقد بدا واضحًا من لقاء الدكتور رجائي المعشر مع الصحافيين أمس، أن الحكومة ستتخلى عن خطة تحفيز النمو، وأن النية باتت معقودة على بناء برنامج تصحيح اقتصادي جديد.

خطة تحفيز النمو الاقتصادي الأردني للأعوام 2018 – 2022، المُعدة من قبل مجلس السياسات الاقتصادية وقد تبنتها حكومة الدكتور هاني الملقي، بينما سبقها العديد من البرامج وخطط التصحيح والإصلاح الاقتصادي التي تبنتها الحكومات السابقة، لكنها جميعا أُوقِفت أو تم تغييرها مع تغيير الحكومات، وهذا ما يضعنا في مواجهة مباشرة مع سبب رئيسي من أسباب ازدياد حجم المشكلات الاقتصادية المتمثل بعدم تراكمية عمل الحكومات، وأن الخطط التي وضعت لخمس سنوات أو خمس وعشرين سنة، وتم البدء بتنفيذها الفعلي، راحت في طي النسيان بمجرد رحيل الحكومات التي وضعتها.
إن أهم ما يجب أن يتضمنه أي برنامج وطني للتصحيح الاقتصادي هو تشخيص عناصر الضعف في هيكل الاقتصاد وتحديد أسبابها، ليتم بعد ذلك وضع الحلول المناسبة مع الإمكانات المتوفرة، ولا بد من مراعاة تأثيرات أدوات الإصلاحات الاقتصادية الجديدة على مختلف الفئات الاجتماعية، ومعالجة أيّ أضرار قد تلحق بأي شريحة من الشرائح الاجتماعية.
واذا أردنا بناء خطة إصلاح حقيقية فلا بد من مراجعة موضوعية لعناصر الضعف والقوة في الخطط السابقة أولًا، بحيث يُنحّى ما لا يُناسب منها جانبًا ويُبنى على ما يمكن أن يكون إيجابيًا، ولا بد هنا من ملاحظة أن الخطط السابقة جميعها جاءت لحل المشاكل المالية التي تواجه الموازنة السنوية المتمثلة بالعجز الذي لاحقَ موازنات الحكومات كلها منذ أواسط الثمانينيات، ولم تذهب، تلك الخطط، إلى ما هو أبعد من ذلك.
إن مشكلات العجز في موازنة الحكومة وأعباء المديونية ما هي إلا نتيجة طبيعية للاختلالات الهيكلية الكبيرة في الاقتصاد، التي أدت إلى ظهور النتائج السلبية الأخرى المتمثلة بارتفاع معدلات البطالة والفقر وانخفاض المستوى المعيشي.
لذلك فإن الحلول على أرض الواقع لن تكون سهلة، خصوصا في ظل توارث طريقة الإدارة النمطية التقليدية التي امتازت بها صناعة القرار الاقتصادي والإداري منذ أزمة عام 1989، وربما قبل ذلك حتى أيامنا هذه.
المطلوب اليوم أن تتجاوز الحكومات حالة التعثر في دائرة الحلول المالية السنوية للموازنات إلى دوائر الإصلاح الحقيقية للاقتصاد الوطني، والمتمثلة بخلق الفرص الاقتصادية الحقيقية التي من شأنها أن تُعدّل الميزان التجاري ببناء قاعدة انتاجية صلبة، تمتلك القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، وتزيد من حجم الصادرات الوطنية.
لا بد من إعادة توجيه أكبر عملية إنتاجية لدينا اليوم، ألا وهي التعليم بحيث يتمكن من إنتاج مخرجاته القادرة على الإبداع في مجالات اقتصاد المعرفة، وفي القطاعات الابداعية الحديثة المختلفة، وخلق الكفاءات المهنية المطلوبة في أسواق العمل الخارجية، أيضا لا بد من إعادة توجيه التعليم المهني بحيث يؤمّن البديل المحلي للعمّال الوافدين الذين يُحوّلون سنويا نحو ثلاثة مليارات دولار إلى الخارج، وهو، بالمناسبة، رقم يعادل حوالات المغتربين الأردنيين.
يضاف إلى ذلك، أن خلق بيئة استثمارية جاذبة للأعمال الإبداعية، سيكون كفيلًا بعودة الرأسمال الأردني المهاجر قبل استقطاب الاستثمارات الأجنبية، ويكفي أن نطالع أرقام استثمارات الأردنيين في كل من دولة الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، لنعرف أهمية الرساميل الأردنية في الخارج.
إن تحقيق زيادة في المُنتج المحلي الإجمالي هو الطريق الأقرب والأسرع لنجاح الاقتصاد الأردني، وحل كثير من المشكلات المالية الضاغطة على موازنة الدولة، وهذا لا يتأتّى إلّا بزيادة الصادرات وحوالات المغتربين، وتخفيض الحوالات الى الخارج مع مراعاة احتياجات قطاعات الانتاج للعمال الوافدين.
تحتاج عملية الاصلاح إلى أكثر من عمر الحكومة الاعتيادي، لذلك فإن هذا كله لا يمكن أن يتحقق بالعلاجات المسكّنة أو الحلول القشورية السريعة، بل هو بحاجة ماسة لعمليات جراحية تجتث الاختلالات العميقة في الاقتصاد والإدارة، مع ضمان استمرار برامج تنمية الكفاءات على مدى سنوات أطول من عمر الحكومة الواحدة.

نيسان ـ نشر في 2018-07-03 الساعة 10:29

الكلمات الأكثر بحثاً