اللعنة يتها البوصلة
محمد جميل خضر
قاص واعلامي اردني
نيسان ـ نشر في 2018-08-14 الساعة 05:59
نيسان ـ بقلقٍ حزين، أراقب بذور معركة تفتقر للوعي واللياقة والأدب، بين مدّعي العلمانية والتحرر من جهة، ومدّعي التمسك بالثوابت الدينية العقائدية في الجهة المقابلة.
هي معركة لن تحتاج إلا لأيام قليلة في عمر الزمان، لتتحوّل إلى حرب ضروسٍ تأكل ما تبقى من يباس المتعيّن المحليّ/ العربي الراهن.
مدّعو العلمانية يتركون (بقدرة قادر)، مختلف صنوف (البلاوي) الجاثمة فوق رؤوسنا كالقدر: الفساد، المحسوبية، الخبث، العماء المعرفيّ، الاعتداء على حقوق الناس ومقدرات المواطنين، التخبط، السطحية، (السلق) وعدم الإخلاص في العمل والإنتاج، وعدم الحرص على الجودة في أي شيء وأي إنجاز. هكذا فجأة، وبما يضع علامات سؤال فاقعة السطوع، يتجاوزون كل هذه الجرائم والظواهر التي من شأنها أن تطيح بأكثر المجتمعات والكينونات صلابة وتماسكاً، ليذهبوا مباشرة إلى مسائل حسّاسة عند كثير من الناس، كما لو أن أي (فرقعة إرهابية) هي غيثٌ هطل عليهم من السماء ليكشفوا عن وجههم السافر نحو موروثٍ وخطوطٍ حمراء.
إن محاكمة النص ومختلف تجلياته واجتهاداته وتفريعاته والسطو عليه، لا يتحقق من خلال منشور أو مقال أو زوبعة في فنجان يتها السيدات وأيها السادة.
وأعجب كيف يخفى عليهن وعليهم أن الأمر يحتاج إلى مشوارٍ طويلٍ من العمل الجاد الدؤوب العميق حفراً وتفكيكاً وقراءة وتقليب وجوه وتقديم تضحيات وصولاً لمرحلةٍ مدينيةٍ ناضجةٍ قادرةٍ على قبول الاختلاف، والرضوخ لشروط الحوار السلميّ العقلانيّ المتسامح.
تهجمٌ صبيانيٌّ على دور القرآن على سبيل المثال، سرعان ما يستدعي الغريزة الجمعية البلهاء العمياء.
تهجمٌ أرعن، لا يقل رعونة ولا عنجهية عن وضع لغم (أهبل) عند ناصية شارع أو مهرجان أو مكان.
دورانٌ في حلقة مفرغة، ضياعٌ يقود إلى ضياع، متاهةٌ تواصل جلب الخراب لنا، والتطرف والأوبئة، ليس وباء الليبيرالية المتوحشة إلا واحداً منها.
فاللعنة يتها البوصلة أإلى هذا الحدِّ أنتِ صعبةٌ وعصيّةٌ وعاتية.
هل هذا وقته يا سيدتي؟ هل هذا وقته يا حضرتكَ؟ هل يكفي أن تكون/ تكوني مررتَ/ مررتِ على بعض كتبٍ تناقش العرفان لتعلن عن نفسكَ/ لتعلني عن نفسكِ فارس/ فارسة البرهان الجموح/ الجموحة.
والأمر، على كل حال، ليس له علاقة لا بعدد الكتب ولا بالدرجة أو اللقب أو المنصب. هو يصب مباشرة بحجم حبنا لأوطاننا وإنسانيّتنا، ومدى قدرتنا على النظر بعين الترفع والتفهم لمختلف ما يمور حولنا من تلاطم أمواج، وتشتت وجهات، وشح تصدير معرفة. له علاقة بكيف نقرأ المسائل، وبالنقاء والسمو الذي نفعل به كلَّ ذلك، بعيداً عن أي أجندات أو دوافع مشبوهة، أو بسبب اندفاعٍ عدوانيٍّ أعمى، لا يقل عن عماء دافعية القتل والتكفير والتخوين.
(الدعوشة) والحال كذلك، ليس شرطاً هي التي ترتدي القناع الأسود فقط، وتحمل سيف القطع الكليّانيّ المطلق. فكم من أقنعة ملوّنة حولنا، وكم من (حالاتٍ مرضيةٍ) تدّعي الشفافية وهي باطنية الدوافع، غير بريئة النوايا، ولا خالصة الانحياز للخير والحق والبناء.
في الجهة المقابلة فأدّعي أن عدداً غير قليل ممن تسابقوا لمهاجمة (المهاجِمة)، هم ممن لا يقرأون القرآن، ولا يحسنون التمسك بالشريعة والعبادات، وغير جاهزين ولا مستعدين لأن يهبوا أرواحهم فداء للحقيقة.
إنهم، وقد امتلأت الضواحي والأحياء الشعبية بقطعان الأغنام عند أبواب عيد الأضحى، يتحركون باستلاب قطيعيٍّ قطعيٍّ فاقدٍ للمعنى والملامح والفرادة، دون أدنى إمكانية للتضحية الحقيقية الكبرى دفاعاً عن عبارة هنا أو (بوست) هناك، أو شتيمة تفتقر لأدنى وجوه الكياسة والانضباط والأخلاق.
ما هي النتيجة: غوغائية متعددة الأشكال والمنطلقات، تجعل الأنظمة الفاسدة الظالمة الخائنة في مأمن من مواجهةٍ أو قصاصٍ أو محاكمة.
ضياعُ جهدٍ وهدر وقتٍ ولغوٌ لا طائل من ورائه، فيما الفساد ما يزال يرتع في مرابعنا، والملفات العالقة سوف تبقى، ونحن على ما نحن فيه، عالقة إلى إشعارٍ آخر، لا أحد يعلم جداولها، ولا مواعيد فتحها وتمحيصها وتدقيق نتائجها: من ملف الصفقة، إلى ملف الفساد، إلى ملف شكل الحاكمية التي نريد، إلى ملف العرفان والبرهان، إلى ملف القوانين المجحفة بحق الرجل في المحاكم الشرعية، وأعني ما أقول. إلى ملف التبعية البائسة المخجلة لعناوين لا تشبهنا، وعشرات الملفات العالقة.
يتها البوصلة التي هي فلسطين، والحق، والخير، والرشاد، والتعقل المتمكن العميق.. يتها البوصلة التي نشتهيكِ ولا نعمل ما يقرّبنا منكِ، يتها البوصلة القادرة على دك حصون الفساد: كم أنت لعينة.. أعني كم أنت عصيّة وصعبة المراس.. هل أقصد كم أنت خيل أصيلة لا تسلم قيادها للمدّعيات والمدّعين؟
هي معركة لن تحتاج إلا لأيام قليلة في عمر الزمان، لتتحوّل إلى حرب ضروسٍ تأكل ما تبقى من يباس المتعيّن المحليّ/ العربي الراهن.
مدّعو العلمانية يتركون (بقدرة قادر)، مختلف صنوف (البلاوي) الجاثمة فوق رؤوسنا كالقدر: الفساد، المحسوبية، الخبث، العماء المعرفيّ، الاعتداء على حقوق الناس ومقدرات المواطنين، التخبط، السطحية، (السلق) وعدم الإخلاص في العمل والإنتاج، وعدم الحرص على الجودة في أي شيء وأي إنجاز. هكذا فجأة، وبما يضع علامات سؤال فاقعة السطوع، يتجاوزون كل هذه الجرائم والظواهر التي من شأنها أن تطيح بأكثر المجتمعات والكينونات صلابة وتماسكاً، ليذهبوا مباشرة إلى مسائل حسّاسة عند كثير من الناس، كما لو أن أي (فرقعة إرهابية) هي غيثٌ هطل عليهم من السماء ليكشفوا عن وجههم السافر نحو موروثٍ وخطوطٍ حمراء.
إن محاكمة النص ومختلف تجلياته واجتهاداته وتفريعاته والسطو عليه، لا يتحقق من خلال منشور أو مقال أو زوبعة في فنجان يتها السيدات وأيها السادة.
وأعجب كيف يخفى عليهن وعليهم أن الأمر يحتاج إلى مشوارٍ طويلٍ من العمل الجاد الدؤوب العميق حفراً وتفكيكاً وقراءة وتقليب وجوه وتقديم تضحيات وصولاً لمرحلةٍ مدينيةٍ ناضجةٍ قادرةٍ على قبول الاختلاف، والرضوخ لشروط الحوار السلميّ العقلانيّ المتسامح.
تهجمٌ صبيانيٌّ على دور القرآن على سبيل المثال، سرعان ما يستدعي الغريزة الجمعية البلهاء العمياء.
تهجمٌ أرعن، لا يقل رعونة ولا عنجهية عن وضع لغم (أهبل) عند ناصية شارع أو مهرجان أو مكان.
دورانٌ في حلقة مفرغة، ضياعٌ يقود إلى ضياع، متاهةٌ تواصل جلب الخراب لنا، والتطرف والأوبئة، ليس وباء الليبيرالية المتوحشة إلا واحداً منها.
فاللعنة يتها البوصلة أإلى هذا الحدِّ أنتِ صعبةٌ وعصيّةٌ وعاتية.
هل هذا وقته يا سيدتي؟ هل هذا وقته يا حضرتكَ؟ هل يكفي أن تكون/ تكوني مررتَ/ مررتِ على بعض كتبٍ تناقش العرفان لتعلن عن نفسكَ/ لتعلني عن نفسكِ فارس/ فارسة البرهان الجموح/ الجموحة.
والأمر، على كل حال، ليس له علاقة لا بعدد الكتب ولا بالدرجة أو اللقب أو المنصب. هو يصب مباشرة بحجم حبنا لأوطاننا وإنسانيّتنا، ومدى قدرتنا على النظر بعين الترفع والتفهم لمختلف ما يمور حولنا من تلاطم أمواج، وتشتت وجهات، وشح تصدير معرفة. له علاقة بكيف نقرأ المسائل، وبالنقاء والسمو الذي نفعل به كلَّ ذلك، بعيداً عن أي أجندات أو دوافع مشبوهة، أو بسبب اندفاعٍ عدوانيٍّ أعمى، لا يقل عن عماء دافعية القتل والتكفير والتخوين.
(الدعوشة) والحال كذلك، ليس شرطاً هي التي ترتدي القناع الأسود فقط، وتحمل سيف القطع الكليّانيّ المطلق. فكم من أقنعة ملوّنة حولنا، وكم من (حالاتٍ مرضيةٍ) تدّعي الشفافية وهي باطنية الدوافع، غير بريئة النوايا، ولا خالصة الانحياز للخير والحق والبناء.
في الجهة المقابلة فأدّعي أن عدداً غير قليل ممن تسابقوا لمهاجمة (المهاجِمة)، هم ممن لا يقرأون القرآن، ولا يحسنون التمسك بالشريعة والعبادات، وغير جاهزين ولا مستعدين لأن يهبوا أرواحهم فداء للحقيقة.
إنهم، وقد امتلأت الضواحي والأحياء الشعبية بقطعان الأغنام عند أبواب عيد الأضحى، يتحركون باستلاب قطيعيٍّ قطعيٍّ فاقدٍ للمعنى والملامح والفرادة، دون أدنى إمكانية للتضحية الحقيقية الكبرى دفاعاً عن عبارة هنا أو (بوست) هناك، أو شتيمة تفتقر لأدنى وجوه الكياسة والانضباط والأخلاق.
ما هي النتيجة: غوغائية متعددة الأشكال والمنطلقات، تجعل الأنظمة الفاسدة الظالمة الخائنة في مأمن من مواجهةٍ أو قصاصٍ أو محاكمة.
ضياعُ جهدٍ وهدر وقتٍ ولغوٌ لا طائل من ورائه، فيما الفساد ما يزال يرتع في مرابعنا، والملفات العالقة سوف تبقى، ونحن على ما نحن فيه، عالقة إلى إشعارٍ آخر، لا أحد يعلم جداولها، ولا مواعيد فتحها وتمحيصها وتدقيق نتائجها: من ملف الصفقة، إلى ملف الفساد، إلى ملف شكل الحاكمية التي نريد، إلى ملف العرفان والبرهان، إلى ملف القوانين المجحفة بحق الرجل في المحاكم الشرعية، وأعني ما أقول. إلى ملف التبعية البائسة المخجلة لعناوين لا تشبهنا، وعشرات الملفات العالقة.
يتها البوصلة التي هي فلسطين، والحق، والخير، والرشاد، والتعقل المتمكن العميق.. يتها البوصلة التي نشتهيكِ ولا نعمل ما يقرّبنا منكِ، يتها البوصلة القادرة على دك حصون الفساد: كم أنت لعينة.. أعني كم أنت عصيّة وصعبة المراس.. هل أقصد كم أنت خيل أصيلة لا تسلم قيادها للمدّعيات والمدّعين؟
نيسان ـ نشر في 2018-08-14 الساعة 05:59
رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني