اتصل بنا
 

العالم الافتراضي والنفاق الفعلي

أكاديمية أردنية وخبيرة اقتصادية

نيسان ـ نشر في 2018-09-17 الساعة 22:46

نيسان ـ كثير منا قد تداول في الآونة الأخيرة القصة المعنونة بما يسمى "وسائل الانفصال الاجتماعي". لقد اثارت هذه القصة حفيظتي للكتابة عن هذا الموضوع ، ولكن ليس من منطلق الانفصال الاجتماعي فقط وانما من باب النفاق الاجتماعي الذي وصل الى درجات مقيتة تشعر الشخص بتغير بنية وخصائص المجتمع السيكولوجية الى حد كبير.
فلن أتحدث عن صور ما يسمى بال"السلفي" غير المتقنة والتي تنتشر بشكل كبير على صفحات التواصل الاجتماعي وكلمة "منور" التي تكون أحيانا بعيدة كل البعد عن الشكل الحقيقي للصورة، كما ولن أتحدث عن حملات التهنئة المتعددة لمن لم نلتقي معه ولو مرة واحدة، كذلك بعض الأفعال والأنشطة الهادفة الى المباهاة غير مدروسة العواقب.
لكن ما امقته فعلا هو التعليقات المبالغ فيها لذوي المصالح احيانا خصوصا عندما تعلم ان العلاقة على أرض الواقع ليست كما تبدو، او حالات ما أسميه "التمجيد" التي يقوم بها كثير لجلب انتباه اشخاص محددين وحالات كسب الود لذوي المناصب وغيرها.
الا ان اكثر ما يستدعي الانتباه -واعتقد انه لابد ان يدرس من نواح نفسية- هو مستوى الاستخفاف وتدني مستوى الخطاب لدى اقلية، في بعض الأخبار التي كنت استطلعها الاسبوع الماضي كان هناك خبر محزن فعلا بشكل لا يختلف عليه اثنان، فدفعتني الصدفة" وللعلم ليس هذا من طبعي" قراءة ردود الافعال فأصبت بصدمة من مقدار الاستخفاف بمشاعر المعنيين وتدني لغة الخطاب ناهيك عن اساليب التجريح المتعددة.
يا ترى هل اصبحت مشاعرنا ايضا افتراضية؟ ليت النفاق والتملق الذي نراه كان افتراضيا، لكن للأسف هو فعلي في عالم افتراضي. ليت الحسد والكره بقي افتراضيا في عالم آخر.
ارجوكم عودوا الى العالم الحقيقي، نحن لسنا بحاجة ان نعيش حالات من الحب الكاذب على الملأ بقدر ما نحتاج الشعور بالحب والوفاء المخفي.
ما هكذا كنا ولا هكذا نحن، ليتنا نعود الى عالم حقيقي بلا تكنولوجيا ساهمت في ادخال مفاهيم ما كان لها وجود في حياتنا، لا بل حولت كل الايجابيات الى افتراضات والسلبيات الى حقيقة تعم وتسود بسرعة البرق.
اعتقد اننا بحاجة الى وسائل تواصل حقيقية حتى لو نعتت "بالتقليدية" لنخرج من عالم افتراضي يخترق مشاعرنا وقيمنا الى عالم " حقيقي"بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

نيسان ـ نشر في 2018-09-17 الساعة 22:46


رأي: د رغدة الفاعوري أكاديمية أردنية وخبيرة اقتصادية

الكلمات الأكثر بحثاً