اتصل بنا
 

حتر والنمري ...قصة موت معلن

صحفية وكاتبة عربية

نيسان ـ نشر في 2018-09-27 الساعة 17:27

نيسان ـ لمع الصحفي الشهيد ميشيل النمري في العمل الصحفي دون ان ينسى واجباته الوطنية والعمل السياسي فانشأ لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية في الأردن فكان من رواد فكرة العمل من اجل تحول ديمقراطي سلمي في الأردن وخلال حصار بيروت عام 82 كان ميشيل على خطوط النار مع المقاومين وعمل مع اعلام المقاومة الفلسطينية وشارك في إنشاء وتحرير صوت المعركة التي لعبت دورا هاما خلال فترة الحصار.
وعلى يد الشهيد ميشيل ولدت فكرة " النشرة " كمنبر متخصص في خدمة قضايا التحرر الوطني والحريات الديمقراطية.
وكان ميشيل وصل إلى قناعة ان العالم العربي بدون حريات ديمقراطية لن يتقدم للأمام، وقرر تكريس كل جهده وخبرته من أجل هذا الهدف الذي دفع لاحقا حياته نفسها من أجله.
وجد ميشيل النمري أمام باب مكتب مجلته " النشرة " في أثينا في الخامس عشر من أيلول العام 1985 مقتولاً والذي كتب قبيل اغتياله سلسلة مقالات عن وضع الحريات في سوريا.
والمفارقة المؤلمة أن أحد معاوني ميشيل في مجلة النشرة وهو خليل الزبن "أبو فادي" قد ورث النشرة وواصل اصدارها واغتيل بالرصاص و بعدهم ناجي العلي الذي قرر إعادة إصدارها في غزة وفاء لذكرى النمري كنشرة متخصصة في حقوق الانسان لكنه -ناجي العلي- لم ينج من الاغتيال وسقط شهيدا ضحية اغتيال جبان .
25 سبتمبر من العام 2016 نظرت إلى الشريط الاخباري ورأيت جملة مكررة عدة مرات مروسة بــ خبر عاجل : مقتل الكاتب ناهض حتر باطلاق النار.
كنت أحرر أخبار الأردن , دموعي شوهت المعنى واهترئ الكلام ولم أحرر الخبر كلفت حينها الاتصال بماجد حتر شقيق الشهيد وكلما رن الهاتف أهرب أنا من السؤال فكيف هو من التصريح!.
ثلاث رصاصات استقرت في جسد الشهيد حتر بسبب مشاركته رسم كاريكاتوري على وسائل التواصل الاجتماعي,اتهم اثرها بالتحريض على الفتنة الطائفية وإهانة الإسلام فيما كان دفاع حتر العام هو أنه لم يكن ينوي الإساءة للإسلام ، بل كشف نفاق متشددي داعش, وقال عن الرسوم الكاريكاتورية "إنها تسخر من الإرهابيين ومفهومهم لله والسماء.
وكان الشهيد حتر دافع وبشدة عن أعظم رموز الإسلام الدينية ومن أهمها موقفه مما صدر في الغرب من فيلم مسيئ لذات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الشريفة.
على ان تلك التفاصيل لا تلغي ترجيحات البعض في اعتبار السبب الحقيقي لاغتيال حتر يكمن فيو موقفه في السنوات الخمس الماضية كحليف للنظام السوري- في خضم عملية منظمة إلى حد معقول في بلد يسوده الهدوء الذي يسعى تدريجياً إلى التصالح مع الحداثة, فقد مارس الأردن سياسة شد الحبل بين الليبراليين والمحافظين, فدأبت البلاد على إجراء الانتخابات منذ فترة طويلة ، وكان في البرلمان تمثيلاً مسيحياً كما للأقليات الأخرى ورحبت بمشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات ؛ الذين أعادوا اختراع أنفسهم في الآونة الأخيرة كحزب أكثر انفتاحًا .
حتر وميشيل كلاهما استشهد لأنه فكر وصرح بما كان يفكر , الأول قيل أنه أغتيل لدفاعه عن النظام السوري فيما الآخر هاجمه وأدانه فهذا آخر ما فعلانه قبيل اغتيالهما, لكن الحقيقة هي قصة موت معلن تبناها كلاهما, وما هي هدية ناجي العلي لميشيل النمري والتي كانت لوحة بداخلها مرآة كتب خلفها "مطلوب" إلا لعنة تبحث عن كل كاتب أو صحفي يتنفس بعقله وروحه, أثينا وفلسفة ديمقراطيس لم تحميك يا ميشيل فماذا انتظرت أنت يا حتر؟!

نيسان ـ نشر في 2018-09-27 الساعة 17:27


رأي: كرستينا مراد صحفية وكاتبة عربية

الكلمات الأكثر بحثاً