الأردنيون باقون رغم الديدان الخارجة من عيدانهم سحيجة ومعارضين
الدكتور عمر كامل السواعدة
كاتب وخبير قانوني
نيسان ـ نشر في 2018-10-16 الساعة 12:15
نيسان ـ تواصل كرة الثلج تدحرجها غير آبهة بكل تلك المحاولات اليائسة الجادة منها والتجريبية والكاذبة, ويواصل #الأردنيون سعيهم الحثيث لتلمس مفاتح الحل وضوابط التفاهم المفقود, حينا تجدهم يحتزمون بالأمل وآخر بالإستقطاب العشائري والمناطقي الآفل حتما, كل هاته العشائر والأسماء والعادات والتقاليد والبطولات والقصائد والفرسان والجدائل سقطت صريعة في أول مواجهة مع فتى الديجيتال الأول, ولا عجب, فالزمن غير الزمن والناس غير الناس, وتيارات الشد العكسي باتت اليوم أقوى وأعلى صوتا من هذه اللفيفة من النسيج المعرض للإحتراق في أية ساعة.
في الظاهر, ينتمي خفر الديجيتال ومناصروه إلى ذات لسان الأردنيين, يأكلون مما يأكل الأردنيون ويمشون في الأسواق ويحضرون الفوارد والزفات والجنائز, لا يميزهم عن غيرهم إلّا عطرهم وبعض نظاراتهم التي لا يجدها العسكر في شارع السعادة أو مجمع رغدان, ثم إذا جن الليل, خلع هؤلاء الغفر عن جلودهم المتوردة ما لبسوه في النهار ليمارسوا خفارتهم الليلية لدى أسيادهم في عمَّان.
دعونا لا نكذب على أنفسنا أيها الناس, دعونا نعترف ان كرامتنا امتُهنت غير مرة, وأن سوسنا منا فينا وأن دودنا من عودنا, وحتى لا أذهب بعيدا في الإغتيال, أقول للذين باركوا بحرقة يوم أمس لأحد المشتبه فيهم الرئيسيين في خراب بيت الأردنيين: الله يديم عليكم وحدكم الأفراح ويقينا نحن شر تكرارها...
إتقاء الشبهات من صحيح العقيدة والدين, وعدم الإقتراب من حمى الله ومحارمه ديدن الاتقياء الانقياء, وودت لو استطعت توجيه رسالتي إلى ناس بأسمائهم بألاّ ينزلقوا إلى هذا الدرك من الإسفاف, ولكن كما ترون فإن الأمر أصبح أخطر من مجرد نصيحة.
الفساد في الأردن واضح واضح واضح وضوح الشمس في يوم صيفي صاف, وشخوصه وأبطاله معروفون بالإسم والرسم, والمتعامي عن هذه الحقيقة شريك فعّال في هذه الجريمة اليومية التي ترتكب بحق البلد وأبناء البلد وحجره وشجره وهوائه, فلتصمت تلك الأفواه ولتجف تلك الأقلام ولوحات الحواسيب البغيضة.
أن تجد مواطنا متنفعا من فاسد يتقيأ مدحا على صفحات التواصل الاجتماعي فهذا قد يحصل وهو ليس محط استغراب, ولكن أن تجد رجلا متخصصا ويتقاضى راتبا لمحاربة الفساد وايداع الفاسدين في السجن يكتب مباركة لعمود رئيسي من أعمدة المشبوهين بالفساد فهذا والله من المضحك المبكي.
أما أنتم أيها المعارضة, فصباحا نجدكم تطالبون بالحياة الكريمة والديمقراطية والحق والعدالة والعروبة وألسنتكم غلاظ حداد شداد على الحكومة, ومساءا نجدكم تختالون فرحا بنصر طاغية الشام بل وتطالبون الحكومة بالتقرب إلى الله بطلب الصفح من ذلك الطاغية اكراما للحق والعدل والعروبة والدين, الا شُلّت أيديكم وأقلامكم المأجورة وألسنتكم المرتجة, وإن دماء السوريين وجراحاتهم حوبة عليه وعليكم, ولعنة التاريخ عليه وعليكم, وغضب الله واقع عليكم لا محالة أجمعين.
لا شك أن عدم المؤسسية فيما يتصل بالمعارضة وانعدام التوازن نتاج طبيعي للهوة الحقيقية بين الشعب الحاضن والمثقف المعارض الذي هو في حقيقته ينتمي لصالونات عمَّان ولغتها المتعالية في مخاطبة الآخر, لقد رأيت بأم عينيَّ وسمعت بأذنيَّ كيف يتعامل سياسيو عمَّان مع الآخرين, والحقيقة أن هذا لم يدفعنا كأبناء محافظات إلى الانجذاب نحو الحكومة كرد فعل بل ان المفكر من خارج عمَّان لديه من الفكر والأسس النموذجية ما يفتقر اليه العديد من هؤلاء المعارضين بالوراثة.
حينما سجن ليث شبيلات إبان عهد الراحل الحسين خرج بسيارة ملكية لتناول العشاء في بيت أمه, واذا لم تخنّي الذاكرة - واعتذر إن فَعَلَت - فلقد أُسند لشركته عطاء طريق مادبا عمان وهو في السجن, أما علي السنيد فدفع ثمن مناصرته لفكر ليث شبيلات وإدارة مكتب ليث شبيلات وما زال يدفع ثمن ذلك من سنيّ عمره وحليب أطفاله, لا عجب, فالزيت والسمنة حاضرة حتى في أروقة المعارضة النخبوية.
حاورت بعض أعلام المعارضة فظهر أنه طبل أجوف, لا ينطبق عليه إلا المثل القائل: "هَو على غير ضو" وترجمته تقريبا لغير أبناء المحافظات "نباح بلا منبوح عليه", قلنا لبعضهم أننا كشعب لسنا معنيين بمن جاء أو ذهب, ولا يعنينا أمر السلطة الا في نطاق فواتيرنا الشهرية, ولكن كلما علت أصوات الشعب واقترب من اللحظة الحاسمة لإعادة الحميمية الى العلاقة مع مؤسسة الحكم وخصوصا مع الملك, قفز أحدهم ليطالب باسقاط النظام ليصطف كل إلى شيعته بفعل فاعل, نحن لا نريد اسقاط النظام, ابدا, نحن معنيون بدعم الملك, ودعم اجراءاته, وندعو له بالنصر والتوفيق, وننتمي له, لا أخجل أبد من أن أنتمي لملك, على العكس, أنا أؤيد الملكية في بلادنا العربية وأنكر الجمهورية كنمط حكم, ولكن لا شك أن الشعب بالمقابل معني برؤية احد الفاسدين معلق في وسط البلد, لأنه من المستحيل عمليا أن نرى فاسدا تمت محاكمته وأودع السجن, فالفاسدون مخبرون لدى بعضهم وضمن مجتمعهم الليلي, انهم يحذرون بعضهم فيهربون إلى الخارج, فتقوم جهة ما بارسال ملفه إلى محكمة أمن الدولة, فتصدر محكمة أمن الدولة مذكرة جلب دولية بحق الهارب, فيأتيها الرد من العالم الاخر على شكل "من أنتم" حيث لا يعترف "البشر" خارج محميات العرب بالمحاكم الخاصة.
يحدوني أمل بانحسار هذه الهجمة على الأردن نتيجة لتفاعلات قضية خاشقجي, فلربما قرر صانع القرار الدولي أن قرار تفليس الأردن وتقديمه قربانا على مذبح صفقة القرن كان قرارا متسرعا وتقتضي الحكمة تأخيره إلى حين نضوج البديل, ولربما حتى ذلك الحين يقرر الملك أن ينزع عن قلوب الأردنيين هذا الكم من الكيانات التي لا تمت للشعب بصلة, وعلى رأسها مجلس شرعنة الذبح اليومي للأردنيين, وكذلك هذه الحكومة التي لا نعلم من أين جاءت وإلى أين ستنتهي.
والخلاصة؛ الشعب باق وان تم اختراقه بهذه المسوخ المتنفعة الساحجة ليلا نهارا, الشعب باق وإن سلط عليه الفقر والجوع والحرمان والمخدرات والظلم والقهر والاستعباد, الشعب الأردني باق ولو عملتم الليل والنهار على طمس هويته ونحر موروثه وهدم معتقده, الأردنيون باقون حتى برغم هذه الديدان التي تخرج من عيدانهم فاسدين ومعارضين, ولا ضير أن يمر الشعب بتجربته الأخيرة بين مطرقة الحكومات الهجينة مقطوعة الصلة بواقع البلد, وبين كيانات وشخوص هلامية الشكل فارغة المحتوى يطلق عليها تجاوزا معارضة, الشعب منكوب بهاتين الكتلتين العجيبتين لكنه سيبقى وستذهبون ولا عزاء للسحيجة.
في الظاهر, ينتمي خفر الديجيتال ومناصروه إلى ذات لسان الأردنيين, يأكلون مما يأكل الأردنيون ويمشون في الأسواق ويحضرون الفوارد والزفات والجنائز, لا يميزهم عن غيرهم إلّا عطرهم وبعض نظاراتهم التي لا يجدها العسكر في شارع السعادة أو مجمع رغدان, ثم إذا جن الليل, خلع هؤلاء الغفر عن جلودهم المتوردة ما لبسوه في النهار ليمارسوا خفارتهم الليلية لدى أسيادهم في عمَّان.
دعونا لا نكذب على أنفسنا أيها الناس, دعونا نعترف ان كرامتنا امتُهنت غير مرة, وأن سوسنا منا فينا وأن دودنا من عودنا, وحتى لا أذهب بعيدا في الإغتيال, أقول للذين باركوا بحرقة يوم أمس لأحد المشتبه فيهم الرئيسيين في خراب بيت الأردنيين: الله يديم عليكم وحدكم الأفراح ويقينا نحن شر تكرارها...
إتقاء الشبهات من صحيح العقيدة والدين, وعدم الإقتراب من حمى الله ومحارمه ديدن الاتقياء الانقياء, وودت لو استطعت توجيه رسالتي إلى ناس بأسمائهم بألاّ ينزلقوا إلى هذا الدرك من الإسفاف, ولكن كما ترون فإن الأمر أصبح أخطر من مجرد نصيحة.
الفساد في الأردن واضح واضح واضح وضوح الشمس في يوم صيفي صاف, وشخوصه وأبطاله معروفون بالإسم والرسم, والمتعامي عن هذه الحقيقة شريك فعّال في هذه الجريمة اليومية التي ترتكب بحق البلد وأبناء البلد وحجره وشجره وهوائه, فلتصمت تلك الأفواه ولتجف تلك الأقلام ولوحات الحواسيب البغيضة.
أن تجد مواطنا متنفعا من فاسد يتقيأ مدحا على صفحات التواصل الاجتماعي فهذا قد يحصل وهو ليس محط استغراب, ولكن أن تجد رجلا متخصصا ويتقاضى راتبا لمحاربة الفساد وايداع الفاسدين في السجن يكتب مباركة لعمود رئيسي من أعمدة المشبوهين بالفساد فهذا والله من المضحك المبكي.
أما أنتم أيها المعارضة, فصباحا نجدكم تطالبون بالحياة الكريمة والديمقراطية والحق والعدالة والعروبة وألسنتكم غلاظ حداد شداد على الحكومة, ومساءا نجدكم تختالون فرحا بنصر طاغية الشام بل وتطالبون الحكومة بالتقرب إلى الله بطلب الصفح من ذلك الطاغية اكراما للحق والعدل والعروبة والدين, الا شُلّت أيديكم وأقلامكم المأجورة وألسنتكم المرتجة, وإن دماء السوريين وجراحاتهم حوبة عليه وعليكم, ولعنة التاريخ عليه وعليكم, وغضب الله واقع عليكم لا محالة أجمعين.
لا شك أن عدم المؤسسية فيما يتصل بالمعارضة وانعدام التوازن نتاج طبيعي للهوة الحقيقية بين الشعب الحاضن والمثقف المعارض الذي هو في حقيقته ينتمي لصالونات عمَّان ولغتها المتعالية في مخاطبة الآخر, لقد رأيت بأم عينيَّ وسمعت بأذنيَّ كيف يتعامل سياسيو عمَّان مع الآخرين, والحقيقة أن هذا لم يدفعنا كأبناء محافظات إلى الانجذاب نحو الحكومة كرد فعل بل ان المفكر من خارج عمَّان لديه من الفكر والأسس النموذجية ما يفتقر اليه العديد من هؤلاء المعارضين بالوراثة.
حينما سجن ليث شبيلات إبان عهد الراحل الحسين خرج بسيارة ملكية لتناول العشاء في بيت أمه, واذا لم تخنّي الذاكرة - واعتذر إن فَعَلَت - فلقد أُسند لشركته عطاء طريق مادبا عمان وهو في السجن, أما علي السنيد فدفع ثمن مناصرته لفكر ليث شبيلات وإدارة مكتب ليث شبيلات وما زال يدفع ثمن ذلك من سنيّ عمره وحليب أطفاله, لا عجب, فالزيت والسمنة حاضرة حتى في أروقة المعارضة النخبوية.
حاورت بعض أعلام المعارضة فظهر أنه طبل أجوف, لا ينطبق عليه إلا المثل القائل: "هَو على غير ضو" وترجمته تقريبا لغير أبناء المحافظات "نباح بلا منبوح عليه", قلنا لبعضهم أننا كشعب لسنا معنيين بمن جاء أو ذهب, ولا يعنينا أمر السلطة الا في نطاق فواتيرنا الشهرية, ولكن كلما علت أصوات الشعب واقترب من اللحظة الحاسمة لإعادة الحميمية الى العلاقة مع مؤسسة الحكم وخصوصا مع الملك, قفز أحدهم ليطالب باسقاط النظام ليصطف كل إلى شيعته بفعل فاعل, نحن لا نريد اسقاط النظام, ابدا, نحن معنيون بدعم الملك, ودعم اجراءاته, وندعو له بالنصر والتوفيق, وننتمي له, لا أخجل أبد من أن أنتمي لملك, على العكس, أنا أؤيد الملكية في بلادنا العربية وأنكر الجمهورية كنمط حكم, ولكن لا شك أن الشعب بالمقابل معني برؤية احد الفاسدين معلق في وسط البلد, لأنه من المستحيل عمليا أن نرى فاسدا تمت محاكمته وأودع السجن, فالفاسدون مخبرون لدى بعضهم وضمن مجتمعهم الليلي, انهم يحذرون بعضهم فيهربون إلى الخارج, فتقوم جهة ما بارسال ملفه إلى محكمة أمن الدولة, فتصدر محكمة أمن الدولة مذكرة جلب دولية بحق الهارب, فيأتيها الرد من العالم الاخر على شكل "من أنتم" حيث لا يعترف "البشر" خارج محميات العرب بالمحاكم الخاصة.
يحدوني أمل بانحسار هذه الهجمة على الأردن نتيجة لتفاعلات قضية خاشقجي, فلربما قرر صانع القرار الدولي أن قرار تفليس الأردن وتقديمه قربانا على مذبح صفقة القرن كان قرارا متسرعا وتقتضي الحكمة تأخيره إلى حين نضوج البديل, ولربما حتى ذلك الحين يقرر الملك أن ينزع عن قلوب الأردنيين هذا الكم من الكيانات التي لا تمت للشعب بصلة, وعلى رأسها مجلس شرعنة الذبح اليومي للأردنيين, وكذلك هذه الحكومة التي لا نعلم من أين جاءت وإلى أين ستنتهي.
والخلاصة؛ الشعب باق وان تم اختراقه بهذه المسوخ المتنفعة الساحجة ليلا نهارا, الشعب باق وإن سلط عليه الفقر والجوع والحرمان والمخدرات والظلم والقهر والاستعباد, الشعب الأردني باق ولو عملتم الليل والنهار على طمس هويته ونحر موروثه وهدم معتقده, الأردنيون باقون حتى برغم هذه الديدان التي تخرج من عيدانهم فاسدين ومعارضين, ولا ضير أن يمر الشعب بتجربته الأخيرة بين مطرقة الحكومات الهجينة مقطوعة الصلة بواقع البلد, وبين كيانات وشخوص هلامية الشكل فارغة المحتوى يطلق عليها تجاوزا معارضة, الشعب منكوب بهاتين الكتلتين العجيبتين لكنه سيبقى وستذهبون ولا عزاء للسحيجة.
نيسان ـ نشر في 2018-10-16 الساعة 12:15
رأي: الدكتور عمر كامل السواعدة كاتب وخبير قانوني