اتصل بنا
 

دعونا نتجرع شيئا من السم فجبهة النصرة ليست على مقاسنا

نيسان ـ نشر في 2015-07-08 الساعة 03:54

x
نيسان ـ

لقمان إسكندر

الجدل الدولي الدائر حول ما إذا كان من المقبول به التعامل مع جبهة النصرة بصفتها على رأس مكونات المعارضة السورية أم لا، وتفريقها عن تنظيم الدولة الإسلامية داعش، انتهى إلى صالح رفض النصرة واعتبارها في ذات سلة الإرهاب، رغم المعارك الطاحنة بينها وبين داعش .

الدول العربية في ذلك على مذاهب. لكن في معظمها تنبت السياسة الأمريكية التي تخلط بوعي بين النصرة داعش.

في الأفق تحضيرات على الأرض لحراك عسكري وتطورات ميدانية يبدو أنها ستكون ساخنة. وهذا يفرض علينا، مجددا السؤال: هل يمكن أن نتعامل مع جبهة النصرة ككيان قابل للتحالف معه حتى لو كان شكل ذلك تعاون ميداني؟

من الواضح أن القرار اتخذ بالرفض. لكن هل سنكتشف لاحقا أننا كنا منذ البداية مجبرون على تجرع السم بدلا من أن نُجبر عليه كله.

جبهة النصرة ليست على مقاسنا، وهذا ما نعرفه، وهذا ما عرفته معنا المملكة العربية السعودية كذلك، التي اتجهت نحو غض الطرف عنها والموافقة على التعامل مع مكون جيش الفتح الذي تعتبر "النصرة" أحد أهم مكوناته.

أما نحن، فنظرتنا في هذا الشق تكاد تكون متطابقة تماما مع نظرة الولايات المتحدة الأمريكية. ومن هنا تبدأ المغامرة.

واشنطن - وبوعي - تسنده نظرتها الى الإسلام الذي تريده، والحليف الذي ترضاه، لا تفرق بين جبهة النصرة وداعش، وكلاهما سواء في العين الأمريكية. الأمر مفهوم الى حد ما خاصة ونحن نتحدث عن جبهة النصرة الشق الشامي من تنظيم القاعدة عدو أمريكا الأول.

الى متى سيبقى العرب دودة صيد أمريكا

لكن علينا الانتباه الى أن آخر ما يفكر فيه الكاوبوي الأمريكي هي الدماء العربية. وها هي واشنطن كما قال المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض جوش ايرنست الثلاثاء تؤكد أنها أقرب من أي وقت مضى لتوقيع اتفاق بشأن النووي الإيراني، فإذا ما تم نحن نعلم أنه لن يكون إلا في سياق صفقة متكاملة الأجنحة، نحن فيها "دودة صيد" ستقدمها واشنطن لطهران لإقناعها بما تريده.

لكن إذا لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية راغبة في ممارسة البرغماتية بالتعامل مع وجه القاعدة الشامي، فلماذا نحن مضطرون لذلك، خاصة ونحن من سندفع الثمن في حال فشلت السياسة الأمريكية - وهي تفشل منذ 1991م.

إن الدماء دماؤنا، وإنه مستقبل أجيالنا. وأردنيا، داعش هي من آذتنا في فنادقنا وليست القاعدة، يوم كانت تتشكل في المخاض الأمريكي الإيراني في العراق. وداعش هي من يفترض أن تكون العدوة وليست جبهة النصرة التي سبق وأرسلت الكثير من رسائل الود بأنها لا تمانع في التعامل مع الأنظمة العربية، لكن ليس على منطق الموظف بل الشريك. لم لا؟

ما لا تريد أمريكا وجوده طرف في المنطقة يتعامل معه بعين ندا، وقد اعتادت في سياق دفعنا الجزية لها نحو القرن على أن نكون حلفاء متطابقي النظرة معها في أحلامها ومصالحها ولكل ما تصنعه في العالم من خراب.

الشام مختلفة وستبقى مختلفة

نعم، شئنا أم أبينا سنضطر لتجرع السم ونتعامل مع جبهة النصرة، رغم أنها ليست على مقاسنا ومقاس شروطنا. أليست المصالح السياسية للدول هي التي تفرض عليها شكل الأداء السياسي؟

السم تجرعناه أصلا في عمليات البحث الفاشلة عن موظفين وليس شركاء في الساحة السورية. لقد فشلنا وفشلت جهود سنوات من البحث، والشاهد ما يجري اليوم. وعلينا أن نسلم أن الشام مختلفة وستبقى مختلفة، والمطلوب هو المسارعة في وقف التناقضات مع هذا الاختلاف.

نيسان ـ نشر في 2015-07-08 الساعة 03:54

الكلمات الأكثر بحثاً