اتصل بنا
 

حكومة مدنية تغازل و تقمع

كاتب

نيسان ـ نشر في 2018-10-30

نيسان ـ لا استغرب منع مؤتمر علمي فلسفي لإحدى المؤسسات الفكرية والبحثية بحج دينية، لكن فالمؤكد أن الأمر قرارا ارتجاليا للحكومة لعدم فهم وزير الداخلية لعنوان مجازي لإحدى الورقات العلمية للمؤتمر ومحاولة بائسة لمغازلة الاسلاميين! فوقع الحكومة في شرك خرق القانون والاعتداء على سيادته بمحابات تيار دون آخر، بضرب الحرية الثقافية وحرية التعبير عرض الحائط، بعد أن هرول نائب ونائبة للطلب من الوزير منع المؤتمر، وهنا لابد من الإشارة، أن الخلل ليس بالمؤتمر مهما كان موضوعه واتجاهاته لطالما تحدثنا مرارا وتكرارا عن حرية الراي والتعبير وحرية الفكر والتفكير والمعتقد والحريات السياسية والثقافية والاجتماعية ، لكن يبدو الخلل بقناعات وأيديولوجيا كرتونية للنائبة، وإلا لما خافت من مجرد مؤتمر تنويري فلسفي علمي لمؤسسة عربية منفتحة على الجميع وتمارس أعمالها في الأقطار العربية، ومعروف من سيحضر مثل هذا المؤتمر اصلا، لكننا نعلم أن مثل هذه النائبة التي كانت تطالب وحزبها بالحريات يوما ما في الشارع ، كيف ستنقلب يوما وتطبق الأيديولوجيا الإقصائية القمعية المصادرة للرأي الآخر، بحجة الدفاع عن الله، لكنها في واقع الحال تدافع عن كرسيها من خلال تحقيق شعبويات زائفة للحفاظ على قواعدها الانتخابية باستثمار العاطفة الدينية للبسطاء ، فلا تستطيع أن تقرع الحجة بالحجة لأنها وحزبها لا يمتلكون الحجة، فلو كنت مكانك يا سعادة النائبة، لشاركت بالمؤتمر و واجهت الحجة بالحجة والنقد بالنقد، بدلا من محاربة الحريات واللعب على وتر الدين، والانقلاب على المبادئ، و لابد لك أن تعلمي جيدا أن ما تسميها بالمدنية والعلمانية وتحرضي من حولك ضدها، هي التي جعلتك نائبة، فمن كان سببا لوجود الكوتا التي جاءت بك هي الحركات النسوية والمدنية و نتاج اتفاقية سيداو التي تعتبريها علمانية يا سعادة الأستاذة، وليس حزبك وايديولوجيتك التي طالب بها لأنه ابعد ما يكون عن المرأة ، ولكم أن تتصوروا تناقض النائبة مجددا عندما ظهرت على إحدى الفضائيات وقالت بالحرف الواحد: أن الاسلام دولة مدنية، فأين أنت من المدنية والانفتاح على الآخر؟ وأين انت من احترام حرية الرأي الرأي والتعبير و الفكر و التفكير؟ وأين انت من أعمال العقل النقدي والمنطق والعلم أساس الدولة المدنية؟ وكيف يستقيم الأمر في التحريض و تكفير الآخر في الدولة المدنية؟ وأين انت من الآية الكريمة: "لست عليهم بمسيطر." . "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ... "اذهبا الى فرعون انه طغى و قولا له قولا لينا" ولم يقل بتكفيره و قمعه! نعم يا سادة، اننا نعيش في عصر الردة عن الحريات، فقد ابتلينا بقوم ظنوا أن الله لم يخلق سواهم! وابتلينا بحكومة ادعى رئيسها وبعض وزراءه انهم يقرؤون لنيتشة و إيمانويل كانت و هابرماس، ويدعون انهم مدنيين، إلى أن جاء يوما قاموا بمنع فعالية لمؤسسة فكرية لم تمنعها أكثر الحكومات محافظة سابقا من فعاليات مشابهة، وهذه الفعالية ليست الأولى لهذه المؤسسة هنا، ولا حتى في بقية الأقطار.

نيسان ـ نشر في 2018-10-30


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً