سهى وسلامة..(قصةٌ واقعيةٌ حَدَّ الوجع)
محمد جميل خضر
قاص واعلامي اردني
نيسان ـ نشر في 2018-11-10 الساعة 16:09
نيسان ـ لم تكن الصغيرة تعلم بوجود شجرة قرب الشارع العام. كثيرة هي الأشياء التي تجهلها صغريتنا الناعمة، ولنقل إن اسمها سُهى، فهو في نهاية الأمر مجرّد اسم. ونحن لا نملك خياراً آخر. فالناس لها كما جرت العادة أسماء. حتى الوليد الذي أطلّ على الدنيا للتوّ، صار له اسم خلال ساعات قليلة بعد ولادته. وبدأ زوّار المستشفى الحكوميّ الذي ولد فيه، يتدربون على الاسم الجديد الذي أضيف لسجلات العشيرة. ربما حمل اسم سلامة على اسم جدّه، ربما ناجي، وربما خالد. كان يصرخ طيلة الوقت، لم يكن صراخاً خارج المِزاج العام للمستشفى الشعبيّ الذي ولد فيه: فكثيرون كانوا هناك يصرخون؛ الأم المفجوعة بلفذة كبدها الذي جرفته سيول المطر العابر. الرجل الذي لم يحتمل فقدان أذنه بسبب إصرار بلطجية السوق الكبير أن يعلّموا عليه ويؤدبوا به السوق كلّه بعد أن رفض دفع (الخاوة) لهم. الكنّة التي تفجّرت عواطفها نحو حماتها فجأة، فذهبت ببكاء لا رادّ له بعد رحيل والدة زوجها بمجرّد وصولها المستشفى، يبدو أن مسألة الرحيل على هذا النحو المروّع السريع، كانت تنتظر تفصيلة وصولها المستشفى على طريقة المسلسلات المصرية. الشاب الذي يبكي ويبكي ويبكي فقد تذكّر أنه أغضب والده أمس، ولم يخطر على باله أن يعاقبه الوالد الفاضل بالرحيل في اليوم التالي. كان قرر أن يخلو إلى والده عندما يأتي المساء وقبل أن يعتذر له ويقبّل رأسه، يصارحه أن (تنكيس) الوالد له أمام شقيقاته يصيبه في مقتل، ويسبب له شعوراً عميقاً بالمهانة.
لم تكن تعلم بوجود الشجرة التي حملتها وحدبت عليها وحضنت خوفها وجهلها وأوجاعها. تماماً كما لم تكن تعلم بموعد السيل. ومن قال إن أحداً يطلب منها أن تملك معلومات من هذا النوع؟ هذا ليس شأنها، ولا هي بعض واجباتها البيتية أو المدرسية. بكت سهى كثيراً فوق الشجرة، فهي لا تعلم ماذا جرى لوالدها وباقي شقيقاتها. بكت خوفاً برداً ألماً فساقها كُسِرَتْ تماماً مثل قلوب الأردنيين جميعهم. ورأسها شُجَّتْ مثل رؤوس الوزراء جميعهم ومعهم رئيسهم الذي علّمهم التهرب من المسؤوليات.
بكت كما بكى سلامة، الوليد الرضيع الذي يبدو أنه لاحظ حجم المفارقة بين اسمه وبين واقع الحال؛ فالسلامة في بلادنا باتت مطلباً لا يجيء.
سهى لا تعلم شيئاً عن شقيقاتها ووالدها، فمن منكم الذي بلا قلب ويملك جلافة أن يخبرها ماذا جرى لهم؟ وإلى أي صمتٍ لا كلام بعده، جرفهم سَيْلُ البلادِ الطويل؟؟؟
لم تكن تعلم بوجود الشجرة التي حملتها وحدبت عليها وحضنت خوفها وجهلها وأوجاعها. تماماً كما لم تكن تعلم بموعد السيل. ومن قال إن أحداً يطلب منها أن تملك معلومات من هذا النوع؟ هذا ليس شأنها، ولا هي بعض واجباتها البيتية أو المدرسية. بكت سهى كثيراً فوق الشجرة، فهي لا تعلم ماذا جرى لوالدها وباقي شقيقاتها. بكت خوفاً برداً ألماً فساقها كُسِرَتْ تماماً مثل قلوب الأردنيين جميعهم. ورأسها شُجَّتْ مثل رؤوس الوزراء جميعهم ومعهم رئيسهم الذي علّمهم التهرب من المسؤوليات.
بكت كما بكى سلامة، الوليد الرضيع الذي يبدو أنه لاحظ حجم المفارقة بين اسمه وبين واقع الحال؛ فالسلامة في بلادنا باتت مطلباً لا يجيء.
سهى لا تعلم شيئاً عن شقيقاتها ووالدها، فمن منكم الذي بلا قلب ويملك جلافة أن يخبرها ماذا جرى لهم؟ وإلى أي صمتٍ لا كلام بعده، جرفهم سَيْلُ البلادِ الطويل؟؟؟
نيسان ـ نشر في 2018-11-10 الساعة 16:09
رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني