اتصل بنا
 

يوم غير مهم

كاتبة اردنية

نيسان ـ نشر في 2018-11-26 الساعة 15:55

نيسان ـ ها هو المطر ينهمر كعادته بدون مقدمات غير آبه بالفصول وبعدّة مزاجات خلال اليوم مثلي تماماً! ثم تبدأ أصوات سيارات الإسعاف التي تختبيء بجانب بيتي لذا فقد اعتدت عليها، وأتمتم في نفسي أمنيات السلامة للجميع خاصة إن كان المطر غزيرا. وبعد إن يُسقط المطر غضبه أو حنانه تخرج الشمس ضاحكة لترطب الأجواء وكأنها خرجت لي لوحدي وأنا أنظر للسماء شاكرة دفئها.
لا أدري سبب هذا العداء بيني وبين المطر؟ ربما لأنه يوقظ وحش الاكتئاب الذي يسكن فيّ بالخفاء كلص يغتنم الفرصة ليسرق سعادة هنا وهناك ويقتات منها كي يستمر في الحضور، بل هو يمتص كل طاقتي ليتركني منهكة وخالية تماماً من أية مشاعر. يبدو أن هذا الاكتئاب وراءه وحش يدفعه لسرقة السعادة! ولكنني اعتدت عليه ولا أقسو عليه أو علي.
كنت أرحب ذات يوم بجارة جديدة في حارتنا ولاحظت اللكنة البريطانية وتبادلنا الحديث، وإذا بها تقول بأنها رَحَلَتْ من موطنها إلى مدينة مِلبورن لأجل الطقس الذي ملّت منه ويصيبها بالكآبة، وقد أعجبها طقس مدينة مِلبورن معظم الأحيان. شعرتُ بارتياح كبير لأنني لست وحدي في حالة عداء مع فصل الشتاء ونوباته المتكررة في الصيف.
ومنذ ذلك الحين وحين يشتد المطر تبعث لي برسالة تسأل فيها: هل أنت بخير هيا؟
وأرد عليها: سأكون بخير يا عزيزتي حينما تنتهي نوبة المطر.

كأنني أولد من جديد عدّة مرات في اليوم: أولد حين يتوقف المطر. ومع كل ولادة جديدة هناك تعب وإرهاق وعصف ذهني مع السماء.

كتبت مرّة للسماء بغضب: لست أنا من أغضبكِ، فلا تصبّي جام غضبك علّي!

لا أريد إضاعة وقتي في أمور مناخية لا طائل لي بتغييرها أو إصلاحها لتناسب مزاجي، ولكنني أعلم أيضا مشاعري السلبية إزاءها والتي لن تتغيّر.

ما يجعلني متفائلة أثناء تلك نوبات المطر هو حماسي لرؤية الشمس التي دائما تأتي، وأذهب للبحر لأرى جارتي اللطيفة قد سبقتني تداعب الرمل وتحضن البحر قبل ابتلاعه الشمس وقبل هجوم المطر!

نيسان ـ نشر في 2018-11-26 الساعة 15:55


رأي: هيا منير كلداني كاتبة اردنية

الكلمات الأكثر بحثاً