تونس: الإرهابي مازال يطلق النّار
رضا احمودى
كاتب تونسي
نيسان ـ نشر في 2015-07-11 الساعة 01:48
بعد عمليّة سوسة الارهابية التى ذهب ضحيتها 39 سائحا مقتولا و39 جريحا مع تداعيات خطيرة على السياحة قد تمتدّ لسنوات كتب لي صديق إعلامي عربي مقيم بألمانيا ما يلي: "انظر الى ظلّ الشاب وهو يتنقّل مشيا على الأقدام في اتّجاه الفندق الثاني وانظر الى الشجر واتجاه الظلّ والعمود الكهربائي سوف ترى هناك تناقض بالصّورة ... ذهبت الى صديق في "مجله ألمانيا" وقال هذه الصورة مدبلجة والشخص المقتول ليس نفس هذا الشخص الذي قتل السّياح ... هذا الشاب ليس له دراية بالقتال وحصل وانه من الخوف كان يركض وهو يري الناس تلاحقه ... في احد الأفلام يقول احد أفراد الشرطة: اذن أين السلاح ؟ ... كانوا يبحثون عن السّلاح وبعد دقائق أصبح بجانبه رشاش ... الشهود الأجانب قالوا إن القاتل ليس هذا الشاب لأن اغلبهم رؤوا القتلة ... في البداية قالوا ثلاثه ثم اثنان ثم واحد وبعد ساعات تم إغلاق 80 مسجدا مع تداعيات أخرى وكأن القرارات جاهزة للتفيذ قبل العمليّة ".
بعد العمليّة تتالت إحداث هامة تتلخّص في الآتي :
- الرّئيس يعلن حالة الطوارئ وينذر بأن الدولة ستنهار لو انها تشهد عمليّة اخرى شبيهة بعمليّة سوسة ! ... هل أصبحت تونس تعيش مرحلة دولة اللاّدولة ؟ ...هل الثورات عند العرب هي انتقال من لا دولة الدّولة الى دولة اللاّدولة؟
- تغييرات كبيرة في مستوى المسؤوليات الأمنية بكلّ من سوسة والقيروان مع تحميل كامل للتّأخّر الكبير فى التّدخّل (48 دقيقة) للمسؤولين عن المراكز الأمنيّة ... فى الدّول المتحضّرة وفى مثل عمليات كهذه أوّل من يقال وزير الدّاخليّة .
- إقالة والى سوسة وكذا الناطق الرّسمي لوزارة الداخليّة بعد التّصريحات المتناقضة بينه وبين الوزير فى الايّام الاولي بعد العمليّة .
ــ الطبيب الشرعي وبعد فحصه لجثث الضحايا يصرّح ان الاجساد تعرّضت لانواع مختلفة من الخراطيش ممّا يعزّز فرضيّة انه استعمل أكثر من سلاح لتنفيذ الجريمة .
- إقالة رئيس قسم الطب الاستعجالي بمستشفى سهلول ابن السّيد حامد القروى من طرف وزير الصحّة بعد ان رفض الدكتور تعليمات الوزير وفى هذا بروز على السطح في غير محلّه للخلاف التّقليدي الدّائم بين "السّواحليّة" و"بلديّة العاصمة" ... هل الظّرف يسمح بهذا الخلاف والتّلاسن ؟
- رئيس حزب التحرير السيد رضا بلحاج يردّ بقوّة على القرارات الارتجاليّة الصادرة بعد العمليّة والتي منها سحب التّأشيرة من حزبه وذلك بقوله "تبّا لمن يفكّر في الإساءة لحزب التحرير" ... التّصريح فيه تحدّى وثقة مفرطة في حزب استطاع في ظرف وجيز ان يكسب شعبيّة معتبرة لدى الشّباب وخاصّة بالساحل والاحياء الشعبيّة بالعاصمة.
- بعد قرار اقالة الشيخ بلحسين من امامة مسجد مساكن تخرج مظاهرات ليليّة تطالب بإعادته وترضخ الحكومة بشرط يحفظ ماء الوجه وهو اجراء امتحان للشيخ من وزارة الشؤون الدينيّة .
- اندلاع مواجهات بين الامن وشبّان بالقلعة الكبرى ردّا على إغلاق مسجد وكذلك إيقافات ومناوشات بأكثر من مدينة داخليّة خاصة بسيدى بوزيد وسبيطلة... "ثقافة العامّة" في تونس شديدة الحساسيّة ضدّ كل ما هو مساس بالمقدّس مع تزامن ذلك مع برامج رمضانية تلفزية مشبوهة التّمويل والاهداف وموجّهة لقصف الهويّة العربية الاسلاميّة لشعب محافظ ولتشويه ركائز الدولة في أكثر من شريط اثار استهجان واستنكار الاغلبية .
- بريطانيا تطلب من رعاياها مغادرة تونس وترسل محقّقين للبحث في حيثيات الجريمة ووزيرها الاول يعطى تعليمات للقوّات الخاصة بإعدام كلّ متورّط في قتل السياح الانفليز وكذا جلب المشكوك فيهم للبحث والمحاكمة ببريطانيا والوزير الاول التونسى يردّ بانه لا مجال لتسليم أي مواطن تونسى الى بريطانيا .
- أكثر من حزب سياسي يهرول الى مكان الجريمة واضعا باقات الورود على رمال شاطئ بوجعفر وبالتحديد حيث سقط الضّحايا في تودّد مذلّ للغرب وفى هذا محاولة قصوى للإستغلال الميكافيلى للجريمة وتأكيدا للسّلوك الاستعراضى للسّاسة عند العجز ميدانيا وكذا اقناعا للعامة والنخبة ... ساسة بعد ان خسروا النخبة بدأت العامة تلعنهم وتحمّلهم مسؤوليّة الوضع المتردّى بالبلاد.
- الجنرال رشيد عمّار يواصل سرّا التّودّد والتقرّب من الرئيس الباجى قائد السبسى والشيخ راشد الغنوشى بغية تعيينه وزيرا للدفاع ... الفريق اول على السرياطى مدير الامن الرئاسى السابق يعود للتودّد اعلاميّا لنداء تونس ولعدد من النقابات الأمنية قصد اعادته الى منصب أمنى حسّاس للاستفادة من خبرته ... كلاهما يعلمان انهما لم يقدّما أيّ اضافة للمؤسّستان اللّتان عملا بهما قبل الاطاحة ببن على وغطرستهما كانت من اسباب الإطاحة به بل احدهما اراد الانقلاب عليه يوم 14 جانفى ... كلاهما يبحث من أين تأكل الكتف ؟ ... كتف تونس الغالية .
هناك أكثر من اشارة اعلاميّة وسياسيّة تضفى أكثر من غموض على عمليّة سوسة وتجعلها أقرب الى العمليّة الاستخباراتية المنظمة والمحاكة من طرف اجهزة رسميّة لها علاقات متداخلة ومتشابكة ومتناقضة حينا ... لا تنسوا انه اصبح للارهاب دولته ... وكثيرون داخل الدولة يتمعّشون من الارهاب.
لا تصدّقوا كذبة "الذئب المنفرد" ... فالشعب وحده اصبح الذئب المنفرد ... الذئب الذى يرى نعاجا أينعت رقابها فحان قطافها
الخطير في البلد هو الظّهور القويّ لأمنيات عودة حكم بن على هذه الأمنيات لم تعد تقتصر على كبار السنّ فقط بل تعدّتها الى الشّباب ولم تعد تقتصر على جهة فقط بل تعدّتها الى عدّة جيهات هناك خيبة أمل كبيرة من الأداء الاستعراضي الغوغائي العبثي للسياسي والنقابي والاعلامي ... هذه الخيبة التي قد تمهّد لدكتاتوريّة جديدة ستصفّق لها الأغلبيّة .
الجزائر يحكمها أثنا عشر جنرالا فهل سيحكم تونس الجنرال التونسي رقم ثلاثة عشر ؟
الجنرالات يحبّون الفوضى لانهم بفضلها يصبحون ابطالا يفرضون النظام
هذا هو التاريخ