اتصل بنا
 

الانفراج أو الانفجار

قاص واعلامي اردني

نيسان ـ نشر في 2019-01-01 الساعة 17:48

نيسان ـ من مآثر لغتنا العربية الثرية والبليغة، أن تتكوّن مفردتان متناقضتان، تماماً، في المعنى، من الحروف نفسها، مع تغيير في موقع حرفيّ الجيم الرّاء: الانفراج/ الانفجار. وهما معاً (أي الجيم والرّاء) يمكنهما أن يشكّلان مفردتين جديدتين: رجّ أو جرّ.
الانفراج هو ما يأمله الأردنيون جميعهم عند أبواب عام جديد، وقد وصل الركود أرقاماً غير مسبوقة منذ 40 عاماً. وشحّت فرص نهوض الناس طاوين أسباب نكوصهم خلفهم. كما تضاءلت آفاق ابتعادهم عن شبح الفقر وصولاً عند أسر وعوائل من أقصى بلدة من بلدات الشمال حتى آخر ابتسامة من ابتسامات الجنوب، إلى بؤس الفاقة وتعثر تأمين الرغيف.
الانفراج بات مطلباً إذاً، سؤال وجود يقفز للذهن منذ أن يفتح الواحد منا عينيه عند أبواب نهارٍ مثقل بالهموم والأحمال وقروح العجز الدامية: رَبُّ الأسرة حين يعجز عن تأمين ثمن اسطوانة الغاز، أو قسط الجامعة، أو إيجار العقار، أو ثمن الدواء، دون أن نورد أي بندٍ من بنود الرفاه، فهو عنوان لم يعد لنا.
الانفراج في احترام الحكومات لمطالب الناس في الشارع وفي البيوت وفي الصمت. فمن يعتصمون ومن يتظاهرون ومن ينظمون وقفات احتجاجية هم عيّنة متناهية الصغر من العدد الحقيقي للغارمين والغارمات، للمخذولات والمخذولين بسبب إدارة ظهر أركان الحكم لهم.
الواقفون بقليلٍ من غضب أرواحهم ووجدانهم هم غيضٌ من فيض الغضب الذي يتقلب تحت جمر التواري وما تبقى من حبٍّ للوطن وانتماءٍ للهوية الجامعة.
الانفراج يعني أن تتوقف الحكومات عن معاقبة الشعب جميعه على فساد حفنة مجرمة منه. عن تحميله عبء تاريخٍ مُثقلٍ بأخطاء الإدارة وتحويل المناصب إلى مكاسب فردية أنانية دون أدنى مخافة لله أو حساب لمصالح الوطن العليا وحقوق مواطنيه.
الانفراج أن يستعيد القضاء روحه، والشرع وهجه، والعمل إتقانه، والأمل أوزن أبوابه وأكثرها جدوى.
الانفراج أن نرجّ الفاسدين رجّا، ونجتث أركان الفساد. أن نحاسب من جرَّ الوطن وأهله إلى هذا المنزلق المفصليّ المرعب.
فإن لم يتحقق الانفراج في المنظور من أيام وطن يكاد يسقط في الهاوية، فإن انفجاراً ساحقاً ماحقاً يقف عند أبواب الصاعق.

نيسان ـ نشر في 2019-01-01 الساعة 17:48


رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً