عَرَق الكنغر وشمس الوطن
محمد جميل خضر
قاص واعلامي اردني
نيسان ـ نشر في 2019-01-07 الساعة 13:01
نيسان ـ من خصائص الكنغر العجيبة أنه لا يتعرق. حيوانات الكانغارو (وهي بالمناسبة من الثديات) التي ترتع في غابات أستراليا وسهولها و(بواديها)، تتعامل مع هذه الخاصية العجيبة عندما تحتاج أن تبرد أجسامها، بجلوسها في الظل، حيث تلعق هناك أقدامها الأمامية، ثم تمسح بأقدامها الرطبة على صدورها لتخفف من حرارة أجسادها.
هذا ما يقوله العلم، لكن ما قاله (النشامى) فوق المسطح الأخضر جعل الحقائق تتنحى جانباً، فاسحة المجال للمدهش، لسحر الإرادة القادرة وحدها على تجاوز المعطيات والأرقام والحسابات المجردة والخطط المتجهمة.
تركوا لاعبي منتخب الكنغر كما يطلق على المنتخب الاستراليّ يغرقون بعَرَق اللهاث بلا طائل تحت لظى شمس ساطعة تسمى شمس الوطن.
فانظروا ما أبسط المباهج التي يمكن أن تجمعنا تحت ظلالها. وإلى أي حدٍّ نحن الأردنيون غير متطلّبين، وإلى أيّ حدٍّ منتمون رغم أنف المشككين والمرجفين.
نعم التفّ الشعب كلّه أمس حول رقعة الملعب الذي صنع النصر. مدّوا أرواحهم سياجاً من المحبة لعامر شفيع ومن معه.
هتفوا لأنس بني ياسين، فانشحن الجو إعجاباً به، وغنّت له سماء العين التي تحرس الإمارات، فكانت النتيجة أن اختير كأفضل لاعب في مباراة الفرح الوطني.
ومع بشاير الوسام الأول في مسيرة فيتال المدرب الذكيٍّ الطموح، اشتعلت مواقع التواصل بنشيدٍ واحد، يحمل سمات البلاد وألوان العلم وحُمرة الشماغ المجدول بصلوات الجَدّات.
فإذا بالشاعر يحوّل مسراته إلى قصيدة، والفنان يغني لهم، والرسام يسأل ريشته فيأتيه منها الجواب أصابع بعزيمة أصابع عامر شفيع، وأذرعاً بلون الحنطة التي تركها تلفح جبهة شموخه.
لم ينس الأردنيون في يوم الإنجاز العظيم دردشات الثلج، لم ينسوا أخوة لهم في خيام البرد، فكتبوا أمس عن هذا وكتبوا عن ذاك، إلا أن مِزاج الفوز الأول للمنتخبات العربية في نهائيات كأس آسيا، كان هو الأكثر سطوعاً وتجليات. فها هو الشاعر د. حكمت النوايسة يكتب على صفحته: "منذ الوعكة التي منّ الله بها عليّ في العام 2016 وأنا لا أستطيع احتمال الأخبار المفرحة دون بكاء، وكذا الأخبار المحزنة... اليوم عندما رأيت الهدف الذي سجله المنتخب الأردني حاولت إخفاء الدمعة التي هاجمتني دون جدوى، عام خير إن شاء الله، وألف مبروك لمنتخب النشامى".
المواقع تناقلت، إلى ذلك، دون هوادة، فيديو الهدف الرائع الجميل.
وكما فعلوها في الملعب، فعلوها في المدرجات، إذ تناقلت وكالات الأنباء صوراً لمشجعي منتخبنا وهم ينظفون المدرجات بعد انتهاء المباراة. كيف لا ونحن نريده فوزاً بالمبنى والمعنى، برأس أنس وقلوب محبتنا لوطننا الذي نحبه ونفتديه، ومن أجل هذا نحارب فاسديه ومفسديه.
المطرب ناصر ارشيد كتب مهنئاً النشامى، وكذلك الموسيقي والأكاديمي د. محمد واصف: "الله يفرحكم متل ما فرحتونااااااا" كتب وبالكاد يخفي دمعة الفرح النديّ.
محمود زياد أبو عنيمة نقيب المهندسين الزراعيين السابق اختار أسلوباً طريفاً خلال تعبيره في صفحته عن بهجته: "راحت على الكنغر الاسترالي.. حلو الفوز.. أردن قوي.. رجلينا أطول.. ههههههه".
المهندس حمزة خضر الناشط في حملات المقاطعة ورفض اتفاقية الغاز حمّل انشراحه بالفوز بعداً قومياً وسياسياً: "نحن أهل الفرح، نستحقه ونصنعه، ألف مبروك للشعب الأردني العظيم، لأهلنا في البوادي والقرى والمخيمات، في المدن من الشمال إلى الجنوب.
مع إني كنت بتمنى تسجيل موقف ضد استراليا التي قررت نقل سفارتها للقدس في تحدي صريح للسيادة الأردنية، بس فرحتنا بفوز المنتخب غالية وتستحق". ثم ختم بهاشتاغ: #الاردن_خط_احمر.
المتقاعد العسكري محمد المجالي أكّد في منشوره على عدم التناقض بين فرحة الفوز وضرورة محاربة الفساد: "فاز الأردن على استراليا عقبال ما نفوز على عصابة الفساد على الرابع".
حتى الإعلامي السوري محمد الجزار فرح لنا قائلاً: "برافووو نشامى" مع عدد من القلوب الحمراء. الجزار فرح كذلك لتعادل منتخب فلسطين مع منتخب (البراميل) كما أطلق على منتخب بلاده، رائياً أنه لا يمثل السوريين بل النظام فقط.
وهو موقف تقاطع معه فيه كثير من ناشطي مواقع التواصل، فبنبرة حزينة تشلع القلب كتب الناشط أحمد عوض: "يلعب اليوم عند الساعة الخامسة مساءً بتوقيت ما يسمى مدينة دمشق ضمن مباريات كأس آسيا منتخب فلسطين وما يسمى منتخب سوريا هذا المنتخب الذي تم تسجيل أغاني وأهازيج ورقصات له تجاوزت المنتخبات العالمية وتم تكريس ما يسمى ممثلين ونجوم البلد لمؤازرة ما يسمى منتخب الوطن.. بنفس التوقيت تماماً سيأتي موعد قدوم المساعدات لأهالي مخيم أطمة ودير بلوط ومن ضمنها تصليح الخيم التي ألحقها الغرق والتخريب جراء العاصفة الأخيرة، هناك بين حِبال الخيم لا مكان للرياضة ولا للوطن".
المنتخب الفلسطيني (الفدائي) الذي لعب المباراة بعشرة لاعبين، نال نصيبه كذلك من الثناء والإطراء، خصوصاً حارس المرمى رامي حمادة والمدافع النجم عبد اللطيف البهداري ابن غزة هاشم الذي منع الماء والكهرباء عن مهاجم المنتخب السوري سومة.
فرحٌ أردنيٌّ فلسطينيٌّ في مستهل مشوار المنتخبيْن في نهائيات آسيا. فرحٌ يهتف باسم أخوة باقية، ينير دروب محبة لا تنتهي، ويخرس صوت الشر والشقاق.
هذا ما يقوله العلم، لكن ما قاله (النشامى) فوق المسطح الأخضر جعل الحقائق تتنحى جانباً، فاسحة المجال للمدهش، لسحر الإرادة القادرة وحدها على تجاوز المعطيات والأرقام والحسابات المجردة والخطط المتجهمة.
تركوا لاعبي منتخب الكنغر كما يطلق على المنتخب الاستراليّ يغرقون بعَرَق اللهاث بلا طائل تحت لظى شمس ساطعة تسمى شمس الوطن.
فانظروا ما أبسط المباهج التي يمكن أن تجمعنا تحت ظلالها. وإلى أي حدٍّ نحن الأردنيون غير متطلّبين، وإلى أيّ حدٍّ منتمون رغم أنف المشككين والمرجفين.
نعم التفّ الشعب كلّه أمس حول رقعة الملعب الذي صنع النصر. مدّوا أرواحهم سياجاً من المحبة لعامر شفيع ومن معه.
هتفوا لأنس بني ياسين، فانشحن الجو إعجاباً به، وغنّت له سماء العين التي تحرس الإمارات، فكانت النتيجة أن اختير كأفضل لاعب في مباراة الفرح الوطني.
ومع بشاير الوسام الأول في مسيرة فيتال المدرب الذكيٍّ الطموح، اشتعلت مواقع التواصل بنشيدٍ واحد، يحمل سمات البلاد وألوان العلم وحُمرة الشماغ المجدول بصلوات الجَدّات.
فإذا بالشاعر يحوّل مسراته إلى قصيدة، والفنان يغني لهم، والرسام يسأل ريشته فيأتيه منها الجواب أصابع بعزيمة أصابع عامر شفيع، وأذرعاً بلون الحنطة التي تركها تلفح جبهة شموخه.
لم ينس الأردنيون في يوم الإنجاز العظيم دردشات الثلج، لم ينسوا أخوة لهم في خيام البرد، فكتبوا أمس عن هذا وكتبوا عن ذاك، إلا أن مِزاج الفوز الأول للمنتخبات العربية في نهائيات كأس آسيا، كان هو الأكثر سطوعاً وتجليات. فها هو الشاعر د. حكمت النوايسة يكتب على صفحته: "منذ الوعكة التي منّ الله بها عليّ في العام 2016 وأنا لا أستطيع احتمال الأخبار المفرحة دون بكاء، وكذا الأخبار المحزنة... اليوم عندما رأيت الهدف الذي سجله المنتخب الأردني حاولت إخفاء الدمعة التي هاجمتني دون جدوى، عام خير إن شاء الله، وألف مبروك لمنتخب النشامى".
المواقع تناقلت، إلى ذلك، دون هوادة، فيديو الهدف الرائع الجميل.
وكما فعلوها في الملعب، فعلوها في المدرجات، إذ تناقلت وكالات الأنباء صوراً لمشجعي منتخبنا وهم ينظفون المدرجات بعد انتهاء المباراة. كيف لا ونحن نريده فوزاً بالمبنى والمعنى، برأس أنس وقلوب محبتنا لوطننا الذي نحبه ونفتديه، ومن أجل هذا نحارب فاسديه ومفسديه.
المطرب ناصر ارشيد كتب مهنئاً النشامى، وكذلك الموسيقي والأكاديمي د. محمد واصف: "الله يفرحكم متل ما فرحتونااااااا" كتب وبالكاد يخفي دمعة الفرح النديّ.
محمود زياد أبو عنيمة نقيب المهندسين الزراعيين السابق اختار أسلوباً طريفاً خلال تعبيره في صفحته عن بهجته: "راحت على الكنغر الاسترالي.. حلو الفوز.. أردن قوي.. رجلينا أطول.. ههههههه".
المهندس حمزة خضر الناشط في حملات المقاطعة ورفض اتفاقية الغاز حمّل انشراحه بالفوز بعداً قومياً وسياسياً: "نحن أهل الفرح، نستحقه ونصنعه، ألف مبروك للشعب الأردني العظيم، لأهلنا في البوادي والقرى والمخيمات، في المدن من الشمال إلى الجنوب.
مع إني كنت بتمنى تسجيل موقف ضد استراليا التي قررت نقل سفارتها للقدس في تحدي صريح للسيادة الأردنية، بس فرحتنا بفوز المنتخب غالية وتستحق". ثم ختم بهاشتاغ: #الاردن_خط_احمر.
المتقاعد العسكري محمد المجالي أكّد في منشوره على عدم التناقض بين فرحة الفوز وضرورة محاربة الفساد: "فاز الأردن على استراليا عقبال ما نفوز على عصابة الفساد على الرابع".
حتى الإعلامي السوري محمد الجزار فرح لنا قائلاً: "برافووو نشامى" مع عدد من القلوب الحمراء. الجزار فرح كذلك لتعادل منتخب فلسطين مع منتخب (البراميل) كما أطلق على منتخب بلاده، رائياً أنه لا يمثل السوريين بل النظام فقط.
وهو موقف تقاطع معه فيه كثير من ناشطي مواقع التواصل، فبنبرة حزينة تشلع القلب كتب الناشط أحمد عوض: "يلعب اليوم عند الساعة الخامسة مساءً بتوقيت ما يسمى مدينة دمشق ضمن مباريات كأس آسيا منتخب فلسطين وما يسمى منتخب سوريا هذا المنتخب الذي تم تسجيل أغاني وأهازيج ورقصات له تجاوزت المنتخبات العالمية وتم تكريس ما يسمى ممثلين ونجوم البلد لمؤازرة ما يسمى منتخب الوطن.. بنفس التوقيت تماماً سيأتي موعد قدوم المساعدات لأهالي مخيم أطمة ودير بلوط ومن ضمنها تصليح الخيم التي ألحقها الغرق والتخريب جراء العاصفة الأخيرة، هناك بين حِبال الخيم لا مكان للرياضة ولا للوطن".
المنتخب الفلسطيني (الفدائي) الذي لعب المباراة بعشرة لاعبين، نال نصيبه كذلك من الثناء والإطراء، خصوصاً حارس المرمى رامي حمادة والمدافع النجم عبد اللطيف البهداري ابن غزة هاشم الذي منع الماء والكهرباء عن مهاجم المنتخب السوري سومة.
فرحٌ أردنيٌّ فلسطينيٌّ في مستهل مشوار المنتخبيْن في نهائيات آسيا. فرحٌ يهتف باسم أخوة باقية، ينير دروب محبة لا تنتهي، ويخرس صوت الشر والشقاق.
نيسان ـ نشر في 2019-01-07 الساعة 13:01
رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني