اتصل بنا
 

وزارة الشباب والاكاديميات السياسية

كاتب

نيسان ـ نشر في 2019-01-15 الساعة 16:12

نيسان ـ اثار فضولي حديث وزير الشباب في خبر عن خطته ل تأسيس" اكاديميات سياسية" في المحافظات، لانتاج برلمان و حكومة شبابية ومحاربة الارهاب! لا أحد يرفض فكرة التثقيف والتنمية السياسية للشباب بطبيعة الحال، وزيادة انخراطهم في الحياة السياسية، في حال وجود بيئة صالحة لذلك، بل انا احد المتطوعين المدربين في التنمية السياسية مثلا، بالرغم اني مواطن مقموع سياسيا، و لكن، في خضم الاوضاع الاقتصادية والسياسية التي نعيشها، فان الشباب الاردني بحاجة الى فرص عمل وتعليم وتدريب تقني ومهني، ولا يحتاج الى اكاديميات سياسية، لدينا شباب مسيس بما فيه الكفاية وفي الاحزاب والنقابات وغيرها، التنمية السياسية وظيفة وزارة التنمية السياسية ، او بالاحرى مؤسسات المجتمع المدني بشكل رئيسي، بل أن التنمية السياسية و تجسير الهوة السياسية مع الشباب يفترض ان تكون نهج وفلسفة سياسية طبيعية للدولة، بتطوير قوانينها ونظامها السياسي لاستقطاب الشباب وغير الشباب، وليس دور لوزارة او وزير فقط.
و لطالما تحدثنا عن 190 مركز شبابي، منها مفعل ومنها "غير مفعل"، على لسان وزير الشباب، فالأجدر تفعيل المراكز الغير مفعلة لتقوم بمهامها الاعتيادية وجزء من تلك المهام هو التثقيف السياسي الاعتيادي، الشباب يحتاج الى تعليم وتدريب على المهن التي يحتاجها السوق والتي عادة نطلبها من الخارج، و يحتاج لخلق فرص عمل ومشاريع صغيرة و ريادية ومساعدتهم على ذلك، البرلمان الشبابي والحكومة الشبابية تكون بتعديل التشريعات كقانون الانتخاب والاحزاب والبلديات والجرائم الالكترونية، وخلق بيئة سياسية ناضجة حرة للعمل السياسي والحزبي وكف التضييق على الحريات، ولا تكون بالاكاديميات السياسية، فلدينا مثلا كليات تدرس وتخرج العلوم السياسية، بل ولدينا خريجي علوم سياسية آخر همهم السياسة، وجل همهم وظيفة بسيطة تحقق حاجاتهم البسيطة، بل ان فكرة البرلمان الشبابي سابقا لم تثمر.
في الواقع، السياسة ممارسة وليست تخصص ، لسنا بحاجة لمزيد من المناصب وتفصيل برلمان على المقاس ، لدينا ما يكفي من الشباب المسيس، لكنه يتم اقصائهم لعدم وجود بيئة سياسية فاعلة وناضجة ومحفزة على الانخراط السياسي، وعندما نقول ان ذلك التدريب من شأنه محاربة الارهاب كما ذكر الوزير، فان محاربة الارهاب لا يمكن اختزالها بالتدريب على السياسة، بل هناك اسباب أهم للارهاب، كالفقر والبطالة والفساد و والاستبداد وغياب العقل النقدي، التمكين السياسي كجزء من برنامج عمل وزارة الشباب الاعتيادي لا بأس به كبرنامج تثقيفي، دون الحاجة الى اكاديميات سياسية جديدة، الاجدر توجيه تكاليفها و الاموال التي ستغدق عليها لمشروعات أهم، تشكل اولويات للشباب الاردني وتحاكي همومه، او توجه لزيادة ميزانية المبادرات الشبابية او توجه لمركز ابداع وابتكار شبابي، وان تفعل المراكز الشبابية الغير مفعلة، التعليم السياسي ليس اولوية لشبابنا، كبار السياسيين في العالم لم يتخرجوا من اكاديميات سياسية، بل من السجون والزنازين، ومن الاحزاب والنقابات وغيرها، ان مفاهيم التنمية السياسية و المواطنة والانتماء والديموقراطية يتم خلقها لدى الشباب بالثقة والامل و رؤية نماذج سياسية ونضالية ناجحة، تزرع الايمان داخلهم، و عندما تتحقق حاجاتهم الأساسية وحقوقهم الطبيعية، دون الحاجة لمزيد من التلقين السياسي، انخراط الشباب والمرأة في المجالس النيابية والبلدية وغيرها، يحجمه القوانين والتشريعات الاقصائية وليس بسبب عزوفهم عن المشاركة؛ عشرات القوائم الشبابية لا يفوز فيها شاب واحد، الخلل ليس بالشباب بل بقانون الانتخاب مثلا الذي يشرذم الكتلة التصويتية، والوزير يعلم ذلك، كونه من اكثر الشخصيات الذين كتبوا في القوانين والنظم الانتخابية والشباب وهو تخصصه.
ها هو البرلمان الحالي، لا يشكل الشباب فيه سوى اقل من 1%، في الوقت الذي تتجاوز فيه نسبة الشباب المسيس في المجتمع عادة 15% من مجموع المسيسين، فلن تجدهم مثلا بهذه النسبة في البرلمان، الا عندما يكون هناك قانون انتخاب يشكل قائمة وطنية على مستوى الوطن مثلا، وستجدهم بالاحزاب عندما تصبح فاعلة و يكف التضييق الأمني عليها ، ويسمح لها قانون الانتخاب بالوصول الى السلطة بحجمها الطبيعي، وليس المقزم، وستجد الشباب حينها في حكومة برلمانية عندما يصبح قانون الانتخاب ممثلا بشكل عادل للشباب والمراة والاحزاب، وغير اقصائي، ويصبح صالح لتشكيل حكومة برلمانية، اليست الاحزاب والمجالس المنتخبة بيوت خبرة للتدريب على العمل السياسي والديموقراطي، اليس لدينا كليات تدرس العلوم السياسية، فلماذا اذن نصنع كيانات اكاديمية جديدة لذلك.

نيسان ـ نشر في 2019-01-15 الساعة 16:12


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً