اتصل بنا
 

(اللي ما إله باله .. ما إله عيد).. (بالات) الاردن تحظى برواج وإقبال لافت

نيسان ـ بترا ـ نشر في 2015-07-12 الساعة 18:59

x
نيسان ـ

يفضل (أبو خالد)، الشراء من محلات الألبسة الأوروبية المستعملة (البالة)، لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بجودة الملابس التي وصفها بأنها"ممتازة"، أو سعرها أو نوعيتها وماركتها.

ومع أنه يرى أن الأسعار أصبحت متفاوتة ومتقاربة في آن واحد بين ملابس البالة والملابس الجاهزة، لكنه يعتبر ان المستهلك يبحث عن الجودة في محلات البالة، مفضلا أن تقوم الجهات المعنية بدعم هذا النوع من التجارة والمحافظة عليه، لاعتماد شريحة كبيرة من المواطنين على شراء الملابس المستعملة.

وتلبي الألبسة الأوروبية والتصفية العالمية رغبات (أم أحمد)، وبالذات لاطفالها،لأنها كما تقول " عانت كثيراً من الملابس الجاهزة "، مشيرة إلى أن السبب الرئيس الذي يكمن وراء إنخفاض جودة الملابس الجاهزة أن العديد من تجارها يستوردون ملابس نخب ثالث أو أخير ويسوقنها على انها من افضل الملابس.

ويقوم المهندس المغترب محمد عصام، بتأمين احتياجاته من الملابس من محلات البالة في إجازته السنوية التي يأتي فيها إلى الأردن، مفسرا ذلك بأنه يحصل على مختلف الماركات العالمية للملابس في البالة وبحالة أقرب ما تكون للجديدة، الأمر الذي يشكل عنصر جذب لديه تجاه هذه المحلات، لكن بالمقابل فإن الموظف (أبو عبدالله)، يفضل الشراء من محلات الألبسة الجاهزة لأسباب تتعلق بعدم وجود مختلف إحتياجات عائلته في محلات البالة بالدرجة الأولى، وأنه في حال عزم على شراء بعض الملابس من البالة فإن ذلك يحتاج لرحلة عناء طويلة قد تستمر لأيام حتى يحصل على طلبه، وقد تكون هذه الملابس في وقتها بحالة ليست جيدة أو تحتاج لإصلاح وتنظيف وغسيل يزيد الأمر سوءاً وتعقيداً، الأمر الذي يدفعه لاختصار كل هذه "المحطات" والتوجه لمحلات الألبسة الجاهزة خاصة في ظل تقارب الأسعار فيما بينهما.

تجار البالة: ما يزال لسوق البالة رواده وفي محافظة إربد التي يعد سوق البالة فيها من أكبر أسواق البالة في الأردن، يقول أبو عمر أحد تجار هذه المهنة التي يعمل بها منذ 15 عاماً، ما يزال لسوق البالة رواده خاصة في ظل ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة وتلاشي الطبقة الوسطى، والدليل على ذلك انتشار محلات البالة في مختلف مناطق المحافظة، الأمر الذي يؤكد أنها ما زالت تحظى برواج وإقبال لافت في المجتمع على حد رأيه.

ويشير الى أن بعض الملابس الجاهزة أسعارها متدنية وتواكب الموضة لكنها في نفس الوقت غير عملية وذات جودة متدنية، الأمر الذي يدفع الفرد لشرائها في مناسبات معينة، ولا يعول عليها في استمرارية إستهلاكها كونها لا تدوم طويلاً.

أما تاجر الجملة (أبو محمد)، الذي يستورد بضاعته من مختلف مناطق أوروبا ويقوم ببيعها إلى تجار البالة ومحلات التصفية العالمية في بقية المحافظات منذ أكثر من 20 عاما، يجد أن الملابس الجاهزة وتحديدا الصينية منها، قد زاحمت ألبسة البالة ولكن إقتصرت المنافسة على بدايات إنتشارها، ومن ثم اكتشف المستهلك انخفاض جودتها مقارنة بالبالة، الأمر الذي قلل من حجم المنافسة فيما بينهما.

وقال رغم إنخفاض القوة الشرائية لدى المواطن لأسباب إقتصادية واجتماعية مختلفة، فقد زاد حجم مرتادي أسواق البالة إضافة إلى إزدياد العرض عبر انتشار محلات البالة في مختلف المواقع والأسواق، لافتاً الى أن أكبر المشاكل التي يواجهها تجار هذه المهنة هو ارتفاع كلفتها ولا سيما حجم الضرائب والرسوم المفروضة عليها وزادت عن حوالي 40 بالمائة خلال العشرة سنوات الأخيرة.

البالة قطاع إقتصادي لم تعد مقصداً للفقراء فقط ويقول المحلل الإقتصادي والسياسي زيان زوانة، إن البالة لها تاريخ طويل بمختلف الدول العربية وليس في الأردن فقط، مستذكراً مقولة للفنان العربي دريد لحام في شخصية غوار المشهورة في إحدى مسلسلاته (اللي ما إله باله .. ما إله عيد ..)، موضحاً بأن ذلك يدل على تماسك بنية المجتمع نتيجة تقارب المستويات الإقتصادية والإجتماعية للناس في الماضي، الذين كانوا يلجأون للبالة لتغطية احتياجاتهم من الملابس.

ويؤكد أن محلات البالة هي جزء من المنظومة الإقتصادية والإجتماعية في الدول العربية، خاصة في ظل ظروف لم تكن المظاهر وثقافة الإستهلاك والإستعراض قد استشرت في المجتمعات العربية.

ويفسر زوانة بأنه في العقود الثلاثة الأخيرة سيما وقد دخل "النهج الإستهلاكي وبرزت ثقافة الإستعراض"، في مختلف الأشياء ومن بينها الملابس، تطورت محلات البالة لتصبح محلات لتصفية الألبسة الأوروبية والأميركية، وهذا لم يمنع من وجود محلات البالة باسلوبها القديم، وإنما أحدث تنوعاً لطيفاً ومطلوباً في نفس الوقت.

ويشير إلى انه مع تغير ظروف الناس الإقتصادية وتطورها لكنهم استمروات في رتياد هذه المحلات بحثاً عن الجودة والماركات العالمية في الملابس، الأمر الذي يدل على أن هذه المحلات ليست حكراً على الفقير، وإنما تستقبل الأفراد بمختلف مستوياتهم المادية والإجتماعية.

وحول دخول الألبسة الجاهزة والصينية بالتحديد مجال منافسة ألبسة البالة نظراً لتقارب الأسعار فيما بينهما، يقول زوانة، إن الصناعة الصينية لها مستوى مرتفع من المستهلكين بمختلف المنتجات الصناعية إن لم يكن جميعها، كما أنها قد دخلت في منافسة مختلف الصناعات العالمية عبر تدرج أسعارها وهي حقيقة يدركها الجميع.

يعتقد أن الصناعة الصينية ذات مستويات صناعية تحددها؛ فهناك مستوى "نخب" أول ممتاز ومستوى متوسط جيد ومستوى منخفض أو ضعيف ولكل مستوى منها سعر يتناسب مع جودتها ونوعيتها من الملابس، منوهاً بأن المواطن أصبح لديه القدرة في معرفة الألبسة الصينية ومدى جودتها من خلال أسعارها المتداولة في الأسواق، وأصبح يدرك أن جودة "النخب المنخفض" منها ليس بالمستوى المطلوب.

ويعتبر أن التطورات التي حدثت على أسواق البالة هي تطورات "لطيفة" وذلك من خلال إزدياد محلات التصفية العالمية والبالة وتواجدها في مختلف المناطق؛ لتلبية احتياجات المواطنين، مشدداً على أهمية أن تنظر الحكومة إلى هذا القطاع نظرة إقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة وإعفاء ألبسة البالة بمختلف أصنافها من الضرائب أو تحديد مستوى منخفض من الضرائب عليها، لأن مستهلك البالة هو المستهلك الفقير بالدرجة الأولى خاصة في ظل إرتفاع الأسعار وازدياد متطلبات الحياة المعيشية للمواطن.

نيسان ـ بترا ـ نشر في 2015-07-12 الساعة 18:59

الكلمات الأكثر بحثاً