اتصل بنا
 

الأردن وفلسطين.. ما الذي يخططون له؟

كاتب وخبير قانوني

نيسان ـ نشر في 2019-01-17 الساعة 12:55

نيسان ـ ما الذي يخططون له في المنطقة؟ جاءت الاجابة يوم أمس ولكنها للأسف لم تأت من وزارة الخارجية الأردنية أو أي جهة اختصاص في البلد, وانما جاءت من القناة 13 العبرية التي كشفت عن ما أسمتها تفاصيل جديدة حول خطة السلام الأميركية، وأنها تشمل إقامة دولة فلسطينية على ما مساحته 90% من أراضي الضفة الغربية وعاصمتها جزء من شرقي القدس، ونقلت عن مسؤول أميركي قوله، إن المستوطنات النائية ستبقي خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، في حين سيتم تفكيك البؤر الاستيطانية غير الشرعية.
وحسب المصدر نفسه، ستقام الدولة الفلسطينية على أراضي منطقتي A وB الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية, وسيتم تقسيم القدس من الناحية السيادية لعاصمتين غربي القدس وبعض أجزاء شرقي القدس تكون عاصمة لإسرائيل، أما عاصمة الدولة الفلسطينية فستكون فيما تبقي من أحياء شرقي القدس، فيما يبقى المسجد الأقصى وحائط البراق وجبل الزيتون تحت السيادة الإسرائيلية ولكن بمشاركة كاملة من قبل الفلسطينيين.
كالعادة, نفى جيسون غرينبلات المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، صحة التفاصيل التي نشرتها قناة عبرية الليلة الماضية، بشأن "صفقة القرن" وقال غرينبلات في تغريدة عبر تويتر، إن التقرير الذي نشر في القناة العبرية 13 (10 سابقًا) (((غير دقيق)))، مشيرًا إلى أنه يحترم المراسل السياسي باراك رافيد لكن تقريره ومعلوماته لم تكن دقيقة، وأن أي تكهنات حول الخطة ليست مفيدة حاليًا, وأضاف "عدد قليل من الناس على هذا الكوكب يعرفون عن الخطة، وخلال الفترة المقبلة ستقوم مصادر غير معروفة بالكشف عن روايات مختلفة لوسائل الإعلام بناءً على دوافع بعيدة عن النقاء والحقيقة، إن نشر وبيع قصص كاذبة أو مشوهة أو متحيزة لوسائل الإعلام أمر غير مسؤول ويضر بالعملية، فالإسرائيليون والفلسطينيون يستحقون الأفضل".
ووجّه غرينبلات نصيحة لكل الجهات بالاستماع للخطة فقط من خلال المصادر المعروفة متمثلةً بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، أو صهره المستشار جاريد كوشنير، أو من خلال السفير الأميركي في إسرائيل دافيد فريدمان، أو من خلاله نفسه. وجميعهم أعضاء فريق خطة السلام الأميركية.
وأما فيما يتصل بشعب الحيايا والسلاحف فلقد كتب دانييل أربيس مقالاً في وول ستريت جورنال في 2 كانون الثاني 2018 محاججا أن حل الدولتين قد مات، وادعى أن إدارة ترامب عرضت إشارات حول صفقة القرن القادمة للسلام في الشرق الأوسط.
وقال إن إدارة الرئيس ترامب ستقدم مفهوما جديدا “جريئا” وهو استبدال “حل الدولتين الفاشل بكونفدرالية بين الأردن وإسرائيل”، حيث سيتم “الاعتراف بالأردن كدولة فلسطينية”. وأطلق على هذا الحل اسم “حل الدولة الحقيقي”. ويستند الكاتب على حجة “أن الفلسطينيين أغلبية سكانية في الأردن”. وبالطبع دون أن يُفرق بين مواطنين أردنيين من أصل فلسطيني أو غيره. ويدعو إلى أن “حل الدولة الحقيقي” سيوفر للفلسطينيين الجنسية الأردنية، ويتحمل الأردن بموجبه المسؤولية الإدارية لسكان الضفة الغربية على أن تبقى السيادة على الأرض لإسرائيل.
رد الدكتور فارس بريزات في مقاله التحليلي "الوطن البديل ودرء الشبهات والمتشابهات" الذي نشره في صحيفة الغد الأردنية بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2019: " الوطن البديل هو مشروع إسرائيلي جدّي، تحاول أوساط إسرائيلية متطرفة، وأخرى حليفة لها في العالم والمنطقة وداخل بعض دول المنطقة، بما فيها الأردن، الترويج له بشتى السبل والوسائل البائنة والمستترة وما بينهما.
بعض هذه الأوساط يعمل بوعي تام، وبعضها بجهل مطبق، وبعضها يعمل بأجر معلوم وفق رؤية ممنهجة وتدريجية ومحسوبة بدقة للوصول إلى تفريغ أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين من فلسطين إلى أي مكان آخر خارج فلسطين بما في ذلك الأردن.
ويتم هذا من خلال تحويل حياة الفلسطينيين الصامدين، كشجر الزيتون، في أرضهم إلى جحيم وتسهيل مغادرتهم أرضهم إلى أي جهة كانت.
وعلى الرغم من أن هذه السياسات الإسرائيلية لن تتمكن من تهجير الفلسطينيين كافة، إلا أنها تدفع الكثيرين للهجرة مما يساهم في تفريغ فلسطين لصالح المحتلين الإسرائيليين ومستوطنيهم. يتم الترويج للوطن البديل، بوعي أو بغير وعي، تحت حجج متعددة؛ تبدأ بالمثالية الأممية البائدة والمساواة بين جميع البشر بغض النظر عن أي خلفيات ومن هو الظالم ومن هو المظلوم ومن هو المُشرَّد ومن هو المُشرِّد، وتمر “بالأخوة” الدينية والقومية وتتغلف بالأفكار التقدمية النبيلة المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية.
ويتم عادة، بعلم أو بجهل، فصل النتيجة عن السبب وتجريد اللجوء من الأطر السياسية المسببة له من احتلال وقتل ودمار وإرهاب التي أدت إلى اللجوء الإنساني. كل هذه المداخل بتعددها ودوافعها المختلفة والمتناقضة والمتضاربة تؤدي لنتيجة واحدة وهي إضفاء الشرعية على فعل التهجير القسري من خلال قبول التوطين الفعلي في بلد آخر دون النظر للنتائج الوخيمة المترتبة أو التي يمكن أن تترتب على ذلك.
إسقاط:
في ظل ما تقدم, هل لديكم شك أيها السادة أن ما يجري على الساحة الأردنية هذه الايام وخصوصا ما يتصل بتصرفات الحكومة المهينة للشعب هي في سياق الابقاء على عجلة تنفيذ المخطط الاكبر دائرة؟ هل كل هذا الصراخ الشعبي والتحليلات المدوية أقل صوتا من أن يُسمع؟ هل نحن نشامى؟ هل لدينا من الكرامة ما يفتقر اليه أي شعب آخر على وجه الأرض؟ .
قلتها مرارا وتكرارا أن ما نسمعه ونشاهده على الساحة الأردنية ما هو الا أعراض جانبية لقادم خطير, والاستدلال لم يأت عبثا وانما بناء على مجموعة من التحليلات والمشاهدات على الأرض والتي منها ما نشرته سابقا فيما يتعلق بكتاب وولف "النار والغضب" الذي اشار بوضوح الى الواقع الذي يريد صانع القرار الامريكي ان يراه على الأرض, حيث قال ستيف بانون كبير مستشاري ترامب للشؤون الاستراتيجية، أثناء عشاء نيويورك خلال الفترة الانتقالية، فيما يتعلق بخطة السلام في الشرق الأوسط لمذيع في قناة فوكس نيوز: «نحن نعلم أين نتجه، لندع الأردن يأخذ الضفة الغربية ومصر قطاع غزة، ولنتركهما يتعاملان مع الوضع، أو يغرقان في محاولة التعامل معه». ووفقًا للكتاب سُئل «بانون»: «أين ترامب في كل هذا؟» وكانت إجابة «بانون»: «ترامب يوافق تمامًا»، وفقًا لموقع «سي إن إن» الأمريكي.
من شبه المؤكد أن الأردن ليس سعيد بالصفقة ربما من حيث المقابل ولا أقول من حيث المبدأ لأنه لا مبادئ لدى أي عربي اذا قرر صانع القرار الدولي شيئا.
كذلك ما نشرته يوم أمس الأول حول نغمة "شعب واحد مش شعبين والعين اليمين والعين الشمال" الذي تغنت به جماهير الأردن وفلسطين وطار في الآفاق, حتى انه تم استثناء عدم الفصل بين جماهير الأردن وفلسطين في مباراة كرة القدم التي جرت مؤخرا بين الفريقين.
المحبط في الأمر, اننا حتى الساعة لم نسمع كلمة واحدة من أي فلسطيني حول ما يجري, لا حتى من مثقفيهم ولا من كتابهم ولا من سياسييهم على حد علمي, الفلسطينيون صامتون صمت القبور فيما يتصل بما تم فضحه من صفقة القرن, أين أنتم؟ ما موقفكم؟.
لا يتعارض ما خططته أعلاه مع فهمي الأساسي بأنه من المستحيل عمليا أن نشهد عودة لفلسطينيي الأردن الى فلسطين, كما لا يتعارض هذا الفهم مع عدم ممانعتي شخصيا لتوحيد ما تم أو يتم الحصول عليه من فلسطين وضم الضفتين تحت حكم سياسي واحد, ولكن, أين أنتم؟ وما هو موقفكم أيها الفلسطينيون؟, التصاق الفلسطيني بفلسطينيته وهويته هو أمر أشجعه وأحترمه وأجلّه واتمنى دوامه وهو الضمانة الوحيدة لبقاء القضية على قيد الحياة.
حذار أيها الفلسطينيين من أن تنطلي عليكم لعبة حقوق المواطنة الكاملة غير المنقوصة وأية حالة لتعميم أن الفلسطينيين في الأردن محرومون من حقوقهم السياسية والمدنية الكاملة, لا تعتبروا قول الأردني اذا قال بأردنيته عنصرية وتعريضا بكم, ولولا خوف الانزلاق الى شبهة المساهمة في تفريغ الأرض والتاريخ لبحتُ لكم بما يعلمه القريبون مني تجاه فلسطين والفلسطينيين.
الأردنيون أيها السادة تم استغفالهم ونهبت بلادهم واستهلكت مقدراتهم, بنوا بلدهم وحموها وجبلوا ترابها دما, صبروا على الاستغفال والنهب المتواصل لمائة عام, وحين استيقظ شبابهم على الكارثة, وجدوا البهلول وقد باع البلد هو وأيتامه البائسين من جلدته ومن جلدتنا.
يا صانع القرار الدولي, نحن خائفون ومحبطون ولكن هيهات منا الذلة, هيهات أن تنفذوا فينا المؤامرة وفينا عرق ينبض, روح وصفي ما تزال ترفرف في سمائنا ودماؤه ما تزال مسكا وريحانا في ترابنا الذي جبلنا منه.

نيسان ـ نشر في 2019-01-17 الساعة 12:55


رأي: الدكتور عمر كامل السواعدة كاتب وخبير قانوني

الكلمات الأكثر بحثاً