اتصل بنا
 

الأردن.. أكباش فداء على مذبح 'مكافحة الفساد'؟

نيسان ـ نشر في 2019-01-30

الأردن.. أكباش فداء على مذبح مكافحة
نيسان ـ سعد حتر
توقيف ستة مسؤولين أردنيين في قضية فساد مليونية أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعد نصف عام على تفجّر فضيحة تصنيع دخان مغشوش وتهرب جمركي بملايين الدنانير، ومرور شهر على جلب المتهم الرئيس في هذه القضية عوني مطيع من الحكومة التركية
تفاوتت ردود أفعال الأردنيين - المتعطشين لمحاسبة الفاسدين واستعادة ملايين بلادهم المهدورة - بين الترحيب المقرون بدعوات لإنزال أقصى العقوبات بالموقوفين وبين التنبيه إلى عدم إصدار أحكام مسبقة قبل استكمال التحقيقات وتحديد المتورطين؛ وقد يكونوا بالعشرات. شباب ينتمون لعشيرة أحد الموقوفين أشعلوا إطارات وأغلقوا طرقات في مسقط رأسه شمالي الأردن، فيما سعت عائلات المتهمين إلى توكيل محامين للدفاع عنهم.
قرار توقيف "المشتكى عليهم" تضمن أربع تهم؛ استندت أولاها إلى قانوني منع الإرهاب والجرائم الاقتصادية: "القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر"؛ وهي تحتمل عقوبة السجن المؤبد في حال ثبوتها. وتحمل التهم الثلاث الأخرى صبغة اقتصادية: ".. تغيير كيان الدولة الاقتصادي أو تعريض أوضاع المجتمع الأساسية للخطر (..) والتهرب الضريبي والجمركي". فوق ذلك، يواجه وزير المياه والري السابق منير عويس وموظف بمنصب مستشار في مجموعة المناطق الحرة تهمة "إساءة استعمال السلطة"، فيما أسندت تهمة "قبول رشوة" مكررة ست مرات إلى مدير الجمارك السابق اللواء المتقاعد وضاح الحمود، وكذلك إلى اثنين من كادر هذا الجهاز برتبة مقدم ومسؤول في مجموعة المناطق الحرّة.
سيف الرأي العام
ويرى مرجع قضائي رفيع سابق أن إدراج تهمتي "القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر (..) وتغيير كيان الدولة" استهدف -على الأرجح- إزاحة القضية من تحت مظلة محكمة الجنايات (القضاء المدني) إلى اختصاص محكمة أمن الدولة (قضاء عسكري خاص). ويبدو أن هذا القرار جاء استجابة لسخونة السجالات الرقمية وداخل دواوين الأردنيين حيال هذه القضية وأبطالها. تحتمل كلا التهمتين - في حال ثبوت أي منهما- عقوبة السجن المؤبد.
أما جنحة قبول رشوة المسندة إلى مدير الجمارك السابق، فتحتمل الحبس ثلاث سنوات في حدّه الأقصى. وبموجب قانون الجرائم الاقتصادية، تجمع المحكمة قرار الحبس عن كل إدانة له؛ وبذلك تصل عقوبة قبول رشوة ست مرات إلى 18 سنة، في حال ثبوتها.
النائب المستقل نبيل الغيشان يحذّر من "تضخيم أو تحجيم هذه القضية لأن الرأي العام لن يقبل بأقل من الحقيقة المطلقة". ويرى الغيشان أن "لا مصلحة للنظام السياسي في التستر على أي فاسد" منبهاً إلى أن ذلك يضر "بسمعته ويشوهها". إلى ذلك، يطالب رجل التشريع الإدعاء العام "برسم سيناريو واضحاً للقضية بشخوصها، مسرحها والأموال التي خسرتها الخزينة منذ 2004 وحتى افتضاح أمرها عام 2017".
بين هذا وذاك، يشكو أردنيون من انتقائية توجيه الاتهامات في قضية أثارت الرأي العام مذ فرّ المتهم الرئيس فيها عشية 11 يوليو/تموز 2018، قبل تكشّف خيوط فضيحة التهرّب الجمركي بعشرات الملايين من الدنانير، في بلد يشهد قفزات متتالية في الضرائب والجمارك على أمل سد العجز المزمن في موازنته المثقوبة وخفض دينه العام، الذي يلامس 96 % من إجمالي الناتج المحلي (40 مليار دولار). على خلفية هذه القضية، تراجع دخل الخزينة من الرسوم والجمارك المفروضة على التبغ بأنواعه من مليار و200 مليون دينار (مليار و650 مليون دولار) إلى 850 مليون (مليار 200 مليون دولار) خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب تقديرات غير رسمية.
تعمق غضب الأردنيين وارتفعت جرعة تهكمهم لأن المتهم مطيع – الذي لم يكن معروفاً في المجتمع- بات شخصية مؤثرة وصاحبة أياد بيضاء تنتشر صورها مع عشرات السياسيين ورجال التشريع.
ويجادل مغردون حيال آلية اختيار المتهمين الستة من بين عشرات المشتبه بهم؛ في مقدمتهم أصحاب قرار أو مقربون منهم سرّبوا للمتهم الرئيس قراراً بالقبض عليه قبل فراره من البلد في 11 يوليو/تموز الماضي. في ذلك الوقت، صدر قرار بمنع سفر سبعة أشخاص يشتبه بتورّطهم في تلك القضيّة، من دون تحديد هوياتهم، باستثناء الإشارة إلى أن أحدهم هولندي الجنسية، فضلاً عن شقيق مطيع ونجله.
المتحدثة باسم الحكومة جمانة غنيمات أوضحت في تصريحات صحافية لاحقة أن عمليات الدهم والتوقيف نفذّت بتاريخ 12 يوليو/تموز، غداة خروج مطيع من الأردن.
INDEPENDENT عربية

نيسان ـ نشر في 2019-01-30

الكلمات الأكثر بحثاً