أريد أن أكون فاسداً
نيسان ـ نشر في 2019-02-07 الساعة 11:08
نيسان ـ إبراهيم قبيلات...في صباي قفزت في البساتين وفي المزارع، وفي الدكاكين، وفي الأسوار المغلقة، وحتى باحات مدارس الإناث؛ متلصصاً وباحثاً عن متعة ما.
اليوم، لم يعد ذلك مرضياً، فقد تبدلت الأولويات، أريد ان أكون فاسداً كبيراً، عريض المنكبين، فيتقرّب مني البعض تزلفاً وطمعاً؛ فأغدق عليهم بالمنافع والوظائف والأعطيات.
أريد أن أحمل جواز سفر أحمر، أريد أن أوقع اتفاقيات سريعة مع دول الجوار، أريد أن ارتدي أجود الماركات العالمية في الأحذية و"البكسرات" قبل البدلات. لم لا؟ وعلى قولة أمي "ما حدا أحسن من حدا".
في الحقيقة، أنا أريد أن أكون فاسداً بربطة عنق حمراء، أزور الناس وأحدثهم عن الأردن وعن حقوق ذيبان المنقوصة، وعن شهادات أبنائها المعلقة على الجدران، وعن أحلامهم المهدورة.
أريد أن أزمجر غاضباً، وبيدي مكتة "قزاز" ثم أرميها صوب أحد زملائي النواب قبل أن يتدخل بعضهم لحمايتي من بطش الرجال الوطنيين على قلتهم.
ساقول لكم لماذا أريد ان أكون فاسداً..
لأنني أرى وظائف وشواغر الحكومة توزع على طريقة العرب في الكرم، من دون معايير ومن دون كفاءات، وحين يتدخل رأس النظام لإصلاح الاختلال تتعنت الحكومة وتتبجح "بولايتها العامة".
وظائف ومسميات كبيرة وامتيازات ينهشها النواب لأقاربهم من ظهر الأردن وعنقه، فيما يواصل أبناء الأردن بمحافظاته وقراه وبواديه ومخيماته حرمانهم وجوعهم، وسط أجواء مقهورة.
سأحدثكم باختصار عن حالة فردية قابلة للسحب والقياس على معظم أبنائنا..ساحدثكم عن صديقي الدكتور علي الطفيحات من بلدة مليح بلواء ذيبان الذي دفعت أسرته كل ما تملك لقاء مواصلة تعلميه، ثم خيبت أمالهم بحصوله على وظيفة متواضعة في الأردن، فاضطر للسفر إلى مدن الملح.
هناك في جيزان جلس علي يتصفح بؤسه وفقره لثماني سنوات عجاف، ثم يحدّث نفسه عن اطفاله الأربعة وأحلامهم في مستقبل أفضل، لكي يقنع نفسه بفلسفة البقاء بعيداً عن الأردن وأهله وزوجته.
لا علينا.. عاد علي وكله حب وشوق فجال مؤسسات الأردن من أقصاها إلى أقصاها بحثاً عن خبز، لكنه فشل، وفشلنا معه في تأمين مجرد وظيفة لرجل يعيل أسرة ويحمل درجة الدكتوراة في إدارة المشاريع.
في عمان هجت وهاج معي الصديق رداد القرالة على كل مفتاح أمل؛ أقصد نواباً ووزراء عاملين وسابقين، ورجال أعمال، وحتى بقايا المسؤولين، لكنا نفشل دائماً.
أن تفشل حد الوجع في تأمين وظيفة رغم امتلاك كامل أسبابها الوجيهة هذا يعني أنك تنزف حد الألم..هذا يعني أن دولة المؤسسات لا تلتفت إليك إلا إذا كنت فاسداً أو نائباً أو كليهما معهاً.
يا ربي أريد أن أكون نائبا فاسداً..إنهم يذبحوننا من الوريد إلى الوريد ثم يطالبوننا أن لا نصرخ.
اليوم، لم يعد ذلك مرضياً، فقد تبدلت الأولويات، أريد ان أكون فاسداً كبيراً، عريض المنكبين، فيتقرّب مني البعض تزلفاً وطمعاً؛ فأغدق عليهم بالمنافع والوظائف والأعطيات.
أريد أن أحمل جواز سفر أحمر، أريد أن أوقع اتفاقيات سريعة مع دول الجوار، أريد أن ارتدي أجود الماركات العالمية في الأحذية و"البكسرات" قبل البدلات. لم لا؟ وعلى قولة أمي "ما حدا أحسن من حدا".
في الحقيقة، أنا أريد أن أكون فاسداً بربطة عنق حمراء، أزور الناس وأحدثهم عن الأردن وعن حقوق ذيبان المنقوصة، وعن شهادات أبنائها المعلقة على الجدران، وعن أحلامهم المهدورة.
أريد أن أزمجر غاضباً، وبيدي مكتة "قزاز" ثم أرميها صوب أحد زملائي النواب قبل أن يتدخل بعضهم لحمايتي من بطش الرجال الوطنيين على قلتهم.
ساقول لكم لماذا أريد ان أكون فاسداً..
لأنني أرى وظائف وشواغر الحكومة توزع على طريقة العرب في الكرم، من دون معايير ومن دون كفاءات، وحين يتدخل رأس النظام لإصلاح الاختلال تتعنت الحكومة وتتبجح "بولايتها العامة".
وظائف ومسميات كبيرة وامتيازات ينهشها النواب لأقاربهم من ظهر الأردن وعنقه، فيما يواصل أبناء الأردن بمحافظاته وقراه وبواديه ومخيماته حرمانهم وجوعهم، وسط أجواء مقهورة.
سأحدثكم باختصار عن حالة فردية قابلة للسحب والقياس على معظم أبنائنا..ساحدثكم عن صديقي الدكتور علي الطفيحات من بلدة مليح بلواء ذيبان الذي دفعت أسرته كل ما تملك لقاء مواصلة تعلميه، ثم خيبت أمالهم بحصوله على وظيفة متواضعة في الأردن، فاضطر للسفر إلى مدن الملح.
هناك في جيزان جلس علي يتصفح بؤسه وفقره لثماني سنوات عجاف، ثم يحدّث نفسه عن اطفاله الأربعة وأحلامهم في مستقبل أفضل، لكي يقنع نفسه بفلسفة البقاء بعيداً عن الأردن وأهله وزوجته.
لا علينا.. عاد علي وكله حب وشوق فجال مؤسسات الأردن من أقصاها إلى أقصاها بحثاً عن خبز، لكنه فشل، وفشلنا معه في تأمين مجرد وظيفة لرجل يعيل أسرة ويحمل درجة الدكتوراة في إدارة المشاريع.
في عمان هجت وهاج معي الصديق رداد القرالة على كل مفتاح أمل؛ أقصد نواباً ووزراء عاملين وسابقين، ورجال أعمال، وحتى بقايا المسؤولين، لكنا نفشل دائماً.
أن تفشل حد الوجع في تأمين وظيفة رغم امتلاك كامل أسبابها الوجيهة هذا يعني أنك تنزف حد الألم..هذا يعني أن دولة المؤسسات لا تلتفت إليك إلا إذا كنت فاسداً أو نائباً أو كليهما معهاً.
يا ربي أريد أن أكون نائبا فاسداً..إنهم يذبحوننا من الوريد إلى الوريد ثم يطالبوننا أن لا نصرخ.
نيسان ـ نشر في 2019-02-07 الساعة 11:08
رأي: ابراهيم قبيلات