اتصل بنا
 

الخروج من المدينة الفاضلة

أكاديمية أردنية وخبيرة اقتصادية

نيسان ـ نشر في 2019-02-27 الساعة 12:36

نيسان ـ استيقظت سلمى في الصباح الباكر لتجد حافلة العمل تنتظرها في الخارج وفي الموعد المحدد. تصل سلمى الى العمل لتجد الجميع يبتسم بوجهها تعبيرا عن التقدير والاحترام فتبادلهم الابتسامة الصباحية ثم تذهب مباشرة الى مكتبها لتحتسي قهوة الصباح ومن ثم تبدأ مباشرة عملها بكل نشاط منذ ان تدخل صباحا الى ان تغادر بعد ان يغادر جميع الموظفون.
سلمى مديرة ناجحة، تنظر الى موظفيها لترى كل منهم يجلس في مكتبه يؤدي عمله بأكمل وجه، لا مجال للحديث أو الشكوى او الملل ولا حتى" للأسافين".
اعتادت سلمى ارسال تقريرها اليومي الى زملائها المعنيين عبر البريد الالكتروني، وما تلبث ان ترسل التقرير الا ويردها رسالة لشكرها على جهودها وتفانيها في العمل.
تعود سلمى متعبة الى بيتها، الا انها كزوجة مثالية ايضا تأبى الا ان تعد طعام الغداء لزوجها وتنتظره ليتناولا سويا طعام الغداء او بالأحرى العشاء.
كما اعتادت سلمى، تفتح حقيبة البريد لتنجز ما تستطيع انجازه من العمل حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم ما تلبث ان تنهي عملها لتكتسب قسطا من النوم والراحة الافتراضية ليعود الحال الى ما هو عليه علما بأنها لا تكل من العمل الا انها تنتظر عطلة نهاية الاسبوع على أحر من الجمر لتجالس أهلها وأقاربها وتؤدي ما لديها من الواجبات، حيث لا أحد ينظر الى الآخر، الجميع مبتسم، لا أحد يتدخل في خصوصياتها او يسأل عن ادق تفاصيل حياتها، وعندما تغادر سلمى الكل يتحدث عنها بلباقة وكياسة ويمدحون ما بها من أناقة ودماثة خلق.
كذلك تقضي عطلة نهاية الاسبوع لشراء حاجيات المنزل حيث تجد مكانا مناسبا لتركن به السيارة دون اعتراضات او مضايقات، تشتري احتياجاتها وتشكر البائع فيرد عليها بالعفو وبكل لطف.
تستقل سيارتها وتسير على الطرقات نحو البيت، حيث الشوارع مستوية، السيارات بجانبها وخلفها تسير بكل احترام ووقار، دون مضايقات او " زوامير" لتعود مبسوطة مرتخية الاعصاب الى بيتها فيستقبلها زوجها بابتسامة ويساعدها في ترتيب احتياجات المنزل التي قامت بشرائها فتشعر بالتعب لتسترخي قليلا فتغط في نوم عميق، بعد فترة تستيقظ على صراخ من زوجها حول اهمال البيت ونومها لساعات طويلة، حافلة العمل لم تأتي في الوقت المحدد لأن احد الزملاء رغب ان ينام ساعة اضافية فقام بتأخير الحافلة، تستقل سلمى سيارتها لتشعر انها في صراع على الطريق وفي حرب لا يعلم من الرابح والخاسر فيها لتصل بشق الأنفس حيث لا تستطيع ان تجد مكانا لركن السيارة على الرغم من اتساع حديقة الاصطفاف الا ان الفوضى عارمة في المكان، فتصل عملها متأخرة بضع دقائق لتجد الموظفين كل يتحدث من الآخر غير آبه بما يجري، تقول صباح الخير لمن تراه في الممر فتتفاجأ بعدم الرد لتكرر دلك خوفا من عدم سماعها دون تغير في ردة الفعل.
تطلب قهوتها المعتادة فلا تصلها، بل وتعاود الاتصال عدة مرات فيرد عليها الشخص المعني " هلكتينا تلفونات خلص جايين". تعتذر عن ذلك وتنتظر قهوتها وتعود الى ممارسة عملها كالمعتاد الى أن تغادر مكتبها في ساعة متأخرة مرسلة تقريرها ولكن هده المرة دون وصول ايميل الشكر، استغربت ذلك ولكن افترضت وجود خلل في الشبكة وكالعادة شارفت على المغادرة حاملة معها حقيبة العمل لتتفاجأ بمغلف على ارضية المكتب يبدو انه موجود منذ الصباح لكن بسبب تأخرها لم تلتفت له.
فتحت المغلف بدهشة لترى ورقتين:
الأولى تنبيه بسبب التأخر المتكرر عن العمل وعدم الرضا عن مستوى الأداء.
والثانية ورقة مكتوبة بخط اليد محتواها:" عزيزي المشترك: تجنبا لأي من الصدمات، قررنا الغاء اشتراكك في المدينة الفاضلة مع كل الامنيات بحياة اكثر واقعية" المرسل افلاطون.
تنبيه شخصية القصة هي شخصية وهمية وليس لها اي ارتباط بالواقع لكونها من المدينة الفاضلة.

نيسان ـ نشر في 2019-02-27 الساعة 12:36


رأي: د رغدة الفاعوري أكاديمية أردنية وخبيرة اقتصادية

الكلمات الأكثر بحثاً